مايفوتكش

هكذا جنبت المخابرات المغربية أصدقاءها حمامات دم

محمد كريم كفال الاحد 29 نوفمبر 2015
هكذا جنبت المخابرات المغربية أصدقاءها حمامات دم
BCIJ 06

AHDATH.INFO - خاص

التجربة والخبرة الكبيرتان اللتان راكمتهما المخابرات المغربية بشقيها الخارجي «لادجيد» والداخلي «الديستي» وجعلتهما تنالان ثقة العديد من الأقطار جاءت المناسبة للحديث عنهما مرة أخرى مباشرة بعد الهجمات الإرهابية التي عاشتها باريس ليلة13 نونبر الجاري، وذلك بعد الحديث عن الدعم الذي قدمه الجهازان المغربيان لفرنسا من أجل فك العديد من خيوط هذه الهجمات.

ورغم الآلام التي خلفتها هذه الهجمات في النفوس، كانت مناسبة ليكتشف جزء كبير من الرأي العام الوطني والدولي أن المخابرات المغربية بشقيها الخارجي والداخلي وبالإضافة إلى حمايتهما للأمن الداخلي للمملكة، تقدم أيضا خدمات عبارة عن معلومات ودعم استعلاماتي إلى أصدقائهما عبر العالم، وفي المقدمة فرنسا وبلجيكا وقبلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وإيطاليا وتونس والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومالي وغيرها من الأقطار.

فماهي نوعية الخدمات الاستخباراتية التي قدمها المغرب لأصدقائه .. ثم كيف راكم المغرب خبراته في مجال الاستعلام.. وما الذي أضافه كل من ياسين المنصوري وعبد اللطيف الحموشي مسؤولا المخابرات المغربية بشقيهما الخارجي والداخلي منذ 2005 تاريخ تعيينهما على رأس هذان الجهازان الحساسان، واللذين يرجع لهما الفضل في ماوصلت إليه المخابرات المغربية من فاعلية وقوة نالت اعترافا وتنويها من الجميع دولا ومنظمات إقليمية ودولية وصحافة.. وأصبحت نموذجا تسعى كثير من الدول إلى الحذو حذوها.

هنا إجابات عن كل ذلك..

إعداد : عبد الغني بايوسف

في فاتح أكتوبر 2014 ولشرح التجربة والمقاربة المغربية في مجال مناهضة الإرهاب والمساهمة في دعم الجهود الدولية في محاربة هذه الظاهرة، التي لم تعد محلية أو إقليمية بل تجاوزت ذلك إلى العالم ككل، قال ياسين المنصوري المدير العام لمديرية الوثائق والمستندات المعروفة اختصارا ب «لادجيد» أحد أكبر الأجهزة الاستخباراتية في المملكة من على منبر لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي بنيويورك.

«إن الجهود المبذولة من قبل المصالح الأمنية المغربية لمواجهة التهديدات الإرهابية الداخلية لن تحد في شيء من مساهمة المملكة في مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي لاسيما من خلال تقاسم المعلومات الاستخباراتية الهامة جدا والتي أدت إلى إفشال العديد من المؤامرات الإرهابية ضد البلدان الصديقة».

هذه المساهمة المغربية في محاربة الإرهاب التي نالت في العديد من المناسبات تنويها وتقديرا كبيرين من مسؤولين كبار سواء في أوروبا أو أمريكا، جاءت المناسبة مرة أخرى للحديث عنها وهذه المرة بعلاقة مع التفجيرات الإرهابية التي شهدتها باريس ليلة 13 نونبر الجاري والتي خطط لها ونفذها إرهابيون تابعون لتنظيم مايسمي بالدولة الإسلامية «داعش» وأدت إلى مقتل 132 ضحية وجرح المئات.. حيث قدم المغرب عبر أجهزته الاستخباراتية العديد من المعلومات التي مكنت المصالح الأمنية الفرنسية من فك لغز العديد من نقط الظل في هذه الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية.

الأكثر من ذلك مدت المصالح الأمنية المغربية الجانب الفرنسي بمعلومات استخباراتية استباقية ذات قيمة كبيرة مكنت الأمن الفرنسي من تحديد مكان وجود مجموعة أخرى يقودها الإرهابي حميد أباعوض وذلك في شقة في منطقة «سان دوني» شمال باريس.. الأمر الذي مكن من إفشال عملية إرهابية أخرى كانت ستكون أكثر بشاعة من عملية باريس لو تم تنفيذها.

الرئيس فرانسوا هولاند الذي نوه بهذا التعاون المغربي الاستخباراتي مما أنقذ أرواح العديد من الفرنسيين، شكر جلالة الملك محمد السادس على كل الخدمات الأمنية التي قدمتها المملكة لباريس لما استقبله في قصر الإليزي يوم 20 نونبر الجاري.

بلجيكا بدورها والتي تعيش هذه الأيام في حالة استنفار أمني كبير تخوفا من عمليات إرهابية قد ترتكبها عناصر لها علاقة بالمجموعة التي ارتكبت هجمات باريس، طالبت هي الأخرى إرساء تعاون وثيق مع المغرب، وذلك في مكالمة هاتفية جمعت الملك محمد السادس والعاهل البلجيكي. طلب سلطات بروكسيل استتبعه وبتعليمات ملكية اجتماعات ثنائية بين مسؤولي المخابرات المغربية ياسين المنصوري وعبد اللطيف الحموشي ونظرائهما في بلجيكا..

الخبرة والتجربة المغربيتان إذن في مجال الأمن والاستخبار والتي كانت محل تنويه وعلى أكثر من مستوى دولي، لم تكن جديدة مع بروز مايسمى ب «داعش» بل انطلقت منذ تفجيرات نيويورك في شتنبر2001 حيث دخل المغرب وبحكم علاقاته الدولية الممتدة خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا باعتبارهما حجر الزاوية في هذه الحرب، في وضع تجربته الطويلة التي اكتسبتها مصالحه الأمنية وخاصة ذات الطبيعة الاستخباراتية وفي المقدمة جهازا الاستخبارات الخارجي المعروف بمديرية الوثائق والمستندات «لادجيد» والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني «الديستي» تحت تصرف المجهود الدولي لدحر الإرهاب.

وبهذا الخصوص مكنت المعلومات الاستخباراتية الميدانية التي قدمتها في 2002 الاستعلامات المغربية للولايات المتحدة الأمريكية حول وجود مخيم "خلدن" في أفغانستان من نجاح قوات التحالف التي كانت تقود الحرب على تنظيم القاعدة في تدمير هذا الموقع التابع للتنظيم المذكور، في الوقت الذي تمكنت فيه السلطات الفرنسية والبلجيكية والإسبانية من تفكيك بنيات إرهابية تابعة لتنظيم "الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية" بناء على معلومات صادرة من الأجهزة الأمنية المغربية.

كما مكن تفكيك المخابرات المغربية خلية التونسي محمد بن الهادي مساهل في مارس 2006، المرتبطة بالقاعدة وبالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية "GSPC" سابقا، من إفشال عدد من المخططات الإرهابية التي كانت تستهدف مقر مديرية مراقبة التراب الوطني سابقا بفرنسا، وقطار الأنفاق في ميلانو، وكنيسة "سان بيترونيو" في مدينة بولونيا. ولعل نفس المجهود هو ما سمح بتفكيك شبكة مهمة كانت تستعد للقيام بأعمال إرهابية فوق التراب الفرنسي حيث كان متزعمها يستقر بمدينة ستراسبورغ الفرنسية.

المخابرات المغربية كان لها الفضل أيضا من خلال المعلومات التي قدمتها للمصالح الأمنية في الدانمارك من إفشال مخطط إرهابي في شكل عملية انتحارية بتوجيه ودعم من تنظيم «القاعدة» ضد الرسام الكاريكاتوري الدانماركي "Kurt Westergaard". وفي نفس السياق، قدمت المصالح الأمنية المغربية لنظيراتها الغربية معلومات استخباراتية ميدانية مهمة جدا بخصوص عملية خطف الرهائن في موقع عين «أميناس» في الجنوب الجزائري، والتي نفذتها في يناير 2013، المجموعة الإرهابية المسماة "الموقعون بالدم".

ورغم أن التعاون على صعيد المنطقة المغاربية لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب رغم جسامة الأخطار التي تمس هذه المنطقة ويعيشها جوارها المباشر بل وتهدد الاستقرار والأمن العالميين. وذلك بسبب سياسة حكام الجزائر، تصر الأجهزة الاستخباراتية المغربية على الانفتاح على البلدان التي ترغب في المساعدة الأمنية سواء في إفريقيا أو منطقة الخليج العربي..

وتكفي الإشارة إلى الدعم الأمني المغربي لمالي والنيجير تونس والمملكة العربية السعودية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة. بالنسبة للأخيرة تكفي الإشارة إلى الدعم المغربي الأمني والاستخباراتي في غشت الماضي والذي مكن من تفكيك هذه الإمارة الخليجية لأكبر خلية إرهابية هددت أمنها الداخلي في السنوات الأخيرة.

ويبقى السؤال الذي يطرح في أكثر من مناسبة ومن أكثر من طرف هو ما الوصفة التي تجعل المخابرات المغربية بشقيها الداخلي «الديستي» والخارجي «لادجيد» تتهافت على الاستفادة من خبراتها العديد من الدول بما فيها الكبرى.

الجواب وهو التطور والدينامية التي راكمها الجهازان خاصة مع تبوأ القيادة فيهما كل من ياسين المنصوري وعبد اللطيف الحموشي، حيث أصبح العمل بمهنية واحترافية كبيرتين.

كما أن التنسيق بين الجهازين أصبح هو الشغل الشاغل لهما بدل الصراع والتسابق على من يقدم الأول المعلومة إلى القصر، كما كان يقع في الفترة التي كان فيها ادريس البصري وزيرا للداخلية وخاصة بعد أن عين الأخير على رأس جهاز «الديستي» علابوش الذي كان أحد التابعين له، ورغم العمل قبل مجيء ياسين المنصوري وعبد اللطيف الحموشي تحت كل تلك الشروط كان طبيعيا أن تتطور الأجهزة الاستخباراتية المغربية وتكسب خبرة كبيرة بالنظر إلى الظروف المحيطة بالمملكة بداية من أواسط السبعينات من القرن الماضي إلى حدود بداية القرن الحالي سواء على المستوى الداخلي أو الجهوي أوالدولي. فالمؤامرات الداخلية كانت شديدة على القصر سواء من قبل الجيش أو بعض أطراف المعارضة، ثم الصراع مع الجزائر الذي ازداد حدة منذ 1975 بعلاقة مع قضية الصحراء ودعم الجارة الشرقية لجبهة البوليساريو. إضافة إلى الأوضاع الداخلية الجزائرية المتفجرة انطلاقا من سنة 1992 بعد وقف المسار الديمقراطي في هذا البلد وبروز رد على ذلك معارضة جزائرية مسلحة لم تكن تنظر بعين الرضا إلى المغرب، وصولا إلى ظهور السلفية الجهادية مع بداية عودة «المجاهدين» المغاربة من أفغانستان إلى المغرب وهم متأّهبون ومحملين بخطط لضرب استقرار المملكة.. وهذه كلها كانت تحديات كبيرة كان طبيعيا أن تتقوى الأجهزة الاستخباراتية المغربية لمواجهتها حفاظا على أمن الوطن والمواطنين.

محمد ياسين المنصوري .. المسؤول الأول عن تدبير الملفات الحساسة للمملكة

mansouri-dged

يدير ومنذ 10سنوات وبكفاءة ومهنية كبيرتين أكبر جهاز استخبارات في المملكة.. بعد أن عين في منصبه هذا في فبراير 2005 خلفا ل3 جنيرالات كبار تعاقبوا على قيادة هاته المؤسسة ذات الحساسية الكبيرة في المملكة، أولهم الجنيرال أحمد الدليمي وصولا إلى الجنيرال أحمد الحرشي مرورا بالجنيرال عبد الحق القادري، الأخير الذي اعتبر لسنوات العسكري الذي وضع الهيكلة الأساسية لهذا الجهاز الذي بات يصنف من بين عشرة أجهزة استخباراتية كبرى في العالم.

له قدرة رهيبة على العمل لساعات قد تمتد إلى 19 ساعة في اليوم. قليل الكلام. كتوم، يحب العمل في صمت، بعيدا عن دائرة الأضواء.

أول من يصل مكتبه وآخر من يغادره في مقر المديرية العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا بـ«لادجيد» أحد أكبر الأجهزة الاستخباراتية الحساسة ليس في المملكة بل في العالم ككل.

محمد ياسين المنصوي هو أحد المقربين جدا إلى دائرة الملك محمد السادس، وقبلها كان أيضا أحد الأصدقاء المقربين منه لما تقاسما مقاعد الدرس في «الكوليج رويال»، إلى جانب فؤاد عالي الهمة ومحمد رشدي شرايبي وحسن أوريد وآخرين. هما في نفس السن تقريبا حيث لا يكبر محمد ياسين المنصوري عن الملك محمد السادس إلا بحوالي تسعة أشهر.

بعد المدرسة المولوية التحق بعدها بكلية الحقوق بالرباط، حيث تخرج محمد ياسين المنصوري بعد الحصول على شهادة دبلوم الدراسات العليا في القانون العام.

أوامر الراحل الحسن الثاني في العام 1992 إلى وزير الداخلية السابق ادريس البصري للبحت عن شبان ذوو كفاءات عليا من أصدقاء محمد السادس، والتي يمكن التعويل عليها للعمل إلى جانب ولي العهد بعد وصوله العرش، لم تأخذ وقتا كبيرا وكانت على مكتب الملك الراحل. وكانت التوصية أن محمد ياسين المنصوري الذي يتحدر من أسرة عالمة في أبي الجعد سيكون خير معين للملك محمد السادس في أي منصب يسند إليه في المملكة. لكن مع ضرورة تدريبه، لأنه سيحتاج إلى الاطلاع على الملفات والتدرج في المهام والمناصب ليصقل كفاءاته.

وهكذا ألحق محمد ياسين المنصوري بوزارة الداخلية، وكان أول من احتك بهم لصقل مواهبه، ابن حربيط، الذي كان أنذاك مدير ديوان ادريس البصري، ثم علابوش مدير المخابرات المدنية «الديستي».

بعدما أظهر ياسين المنصوري حنكة في العديد من أقسام وزارة الداخلية التي مر منها، وخاصة في مجال الاستعلامات، أرسل إلى أمريكا لإجراء تكوين في مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.

أما أول مهمة يتقلدها ياسين المنصوري على عهد محمد السادس فكانت هي الإعداد لتقرير حول أحداث الشغب في العيون في شتنبر1999. بعدها وفي16 ماي 1999، عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء، ثم واليا مديرا للشؤون الداخلية. التعيين في المنصب الأخير لم يكن صدفة بل عين المنصوري فيه للإشراف على الانتحابات الجماعية التي كانت أول استحقاق شعبي بعد تفجيرات ماي 2003.

منصب محمد ياسين المنصوري في مديرية الشؤون الداخلية كان فرصة تعرف خلالها على آليات العمل في المديرية التي تعتبر من أهم المديريات في الوزارة حيث ساهم في وضع لوائح التعيينات في المناصب الترابية وربط العلاقة مع الفاعلين السياسيين. وآخر منصب تقلده ابن أبي الجعد في سنة2005 والذي مازال مستمرا فيه هو قيادة جهاز الاستخبارات الخارجي بعد إقالة الجنيرال الحرشي من هذا المنصب الحساس.

موقع ياسين المنصورى على الجهاز الذي يجمع بين مكافحة التجسس الخارجي والاستخبارات العسكربة ومراقبة التحركات المعادية داخل الجيش، وبالنظر إلى الحساسية الكبيرة التي يتمتع بها، أصبح المحاور الرئيس مع مسؤولي الأجهزة الاستخباراتية في العالم وخاصة في أمريكا وأوروبا، وذلك بالنظر إلى الموقع والسمعة الكبيرتين اللتين يتمتع بهما جهاز «لادجيد».

لادجيد.. قاطرة المخابرات المغربية

يقال عنه أنه الجهاز الذي لايمكن لأي شخص مهما كانت جنسيته أن ينظم أو يعقد اجتماعا أو لقاء معاديا للمملكة في أي نقطة من العالم دون أن يكون ذلك في علمها. كما لايمكن لسيارة «لاندروفر» عسكرية أن تتحرك من مدينة إلى أخرى في المملكة دون أن يصلها تقريرا بذلك. أو أن يغادر جندي مهما كانت رتبته العسكرية التراب الوطني ولو في رحلة علاج دون معرفة مسبقة منها.

إنها المديرية العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا ب «لادجيد». أحد أهم وأكبر الأجهزة الاستخباراتية ليس في المملكة فقط بل في العالم، والتي تجمع بين مكافحة التجسس الخارجي والاستعلامات العسكرية ومراقبة التحركات المعادية داخل مؤسسة الجيش.

في أعقاب المحاولتين اللتين خطط لهما في العام 1971 و1972 للانقلاب على الملك الراحل الحسن الثاني، كان قرار الأخير ضرورة إبقاء المؤسسة العسكرية تحت المراقبة، وذلك لن يكون إلا من قبل جهاز مخابرات قوي واحترافي. من هنا كان القرار بالفصل بين الاستخبارات المدنية والعسكرية، بالإنشاء الفعلي لجهاز المخابرات العسكرية «لادجيد». وكان أول رئيس يترأس جهاز المخابرات الجديد والذي أصبح انطلاقا من هذا التاريخ أهم الأجهزة الاستخباراتية هو ابن سيدي قاسم الجنيرال أحمد الدليمي، الذي كان وقتها أحد العسكريين الأكثر قربا وثقة في المحيط المقرب للملك الراحل.

وبالنظر إلى المهام التي أوكلت إلى الجهاز وهي المراقبة لكل الأنشطة العسكرية مع حماية المملكة من كل الأنشطة التجسسية الخارجية ظل يحظى بدعم كبير من الملك الراحل الذي خصص له إمكانيات لوجيستيكية وميزانيات كبيرة، خاصة مع اندلاع حرب الصحراء ابتداء من العام 1975، والتي دخل فيها المغرب إلى جانب المعارك العسكرية مع قوات البوليزاريو بتأطير من الجيش الجزائري، في حرب استخباراتية كبيرة مع الجارة الجزائر وحلفائها لاسيما في المعسكر الشرقي أنذاك.

بقي الدليمي على رأس الجهاز حتى وفاته في مراكش في الحادثة المعروفة في العام 1983، ليتم تعيين الجنيرال عبد الحق القادري أكبر العسكريين رتبة في القوات المسلحة الملكية أنذاك والذي عرف فيه الجهاز هيكلة جديدة. ثم جاء بعده الجنيرال أحمد الحرشي بعد تعيين الجنيرال عبد الحق القادري مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية إثر وفاة الجنيرال أشهبار الذي كان يتولى المنصب. قبل أن يقرر الملك محمد السادس لما اعتلى العرش وضع شخصية مدنية على رأس الجهاز لم يكن إلا زميله السابق في «كوليج روايال» محمد ياسين المنصوري.

بعد الهجمات الإرهابية التي عرفتها الدار البيضاء في 16 ماي2003 دخلت «لادجيد» إلى جانب المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، على خط المواجهة مع التهديدات الإرهابية التي أصبحت المملكة تتعرض لها. لكن ابتداء من تاريخ تفكيك خلية أنصار المهدي في العام 2006، أصبحت «لادجيد» من بين الفاعلين الأساسيين في تدبير ملف الإرهاب والسلفية الجهادية، خاصة بعدما كشفت التحقيقات في ملف شبكة أنصار المهدي عن تغلغل بعض الجهاديين وسط المؤسسة العسكرية، إضافة إلى تطور أنماط الاستقطاب إلى فئات سوسيو مهنية جديدة ضمت دركيين وعسكريين.

قبل هذا التاريخ ومباشرة بعدالهجوم الإرهابي من قبل تنظيم القاعدة على نيويورك في شتنبر 2001، دخلت «لادجيد» في تنسيق مع المخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من الأجهزة المماثلة في العالم خاصة وأن الإمكانيات والتجربة والخبرة التي بات يتوفر عليها، أصبحت تنبيهاتها للأجهزة الأخرى تأخذ بعين الاعتبار والجدية المطلوبة، وآخر ذلك التنبيه الذي أطلقته «لادجيد» إلى العديد من البلدان الأوروبية أسابيع قليلة قبل استيلاء مجموعات إرهابية على شمال مالي، وهو التنبيه الذي اعترف حلف الشمال الأطلسي به في اجتماع عقده في بروكسيل العاصمة البلجيكية منذ سنتين.

بصمات محمد ياسين المنصوري على الجهاز وحسب العديد من المراقبين سواء على المستوى الوطني أو الدولي، كلها أجمعت أن المخابرات الخارجية على عهده أصبحت أحد أكبر الأجهزة الاستخباراتية في العالم ذات الحرفية والمهنية العاليتين لاسيما بعدما عمل الجهاز على الانفتاح واستقطاب كفاءات مهنية شابة مدنية واعدة، وتوسيع شبكة عملائه والرفع من الميزانيات المخصصة له.

عبد اللطيف الحموشي... حارس المملكة من الإرهاب

hammouchi

بمجرد تعيينه من قبل الملك محمد السادس، سارع الكثير من المهتمين سواء بالشأن السياسي أو الأمني المغربي وحتى بعض المواطنين العاديين في البحث عبر شبكة الأنترنيت عن هوية أو من يكون هذا الشاب الذي عين على رأس أحد أكبر الأجهزة الأمنية المغربية الحساسة بعدما لفت الانتباه اسمه غير المعروف. البحث تجاوز هوية من يكون إلى التساؤل حول ما إذا كان هو الشخص المناسب في المكان المناسب، وهل بإمكانه أن يخدم الاستراتيجية الأمنية الوطنية، وأن يقدم إضافة إلى جهاز يعتبر في صلب الأجهزة التي يعتمد عليها لحماية الأمن الداخلي للمملكة وعلى ضوء بعض تقاريرها تتخذ القرارات الاستراتيجية الكبرى في المملكة.

عبد اللطيف الحموشي المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني المعروفة اختصارا ب «الديستي». وقبل تعيينه في منصبه الحساس على رأس أكبر جهاز مخابرات في المملكة بعد جهاز «لادجيد» ومباشرة بعد إنهاء مساره الدراسي في كلية الحقوق ظهر المهراز بفاس أحد أكبر معاقل اليسار الطلابي في المغرب، تقدم إلى مباراة عمداء الشرطة.

أثناء فترة التدريب في معهد الشرطة بالقنيطرة وبالنظر إلى ما أبان عنه من دينامية وحضور وقدرة على التحليل والمبادرة التقطته عيون المسؤولين للعمل في جهاز المخابرات الداخلي.

مباشرة بعد اعتلاء محمد السادس العرش اتخذ الأخير وفي إطار إدخال دينامية في العديد من الأجهزة الحساسة في المملكة القرار بإبعاد «علابوش» أحد المساعدين الأقربين لادريس البصري والذي كان يقود المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وعين محله احميدو العنيكري العائد لتوه من الإمارات العربية المتحدة حيث كان يشغل منصب رئاسة الحرس الخاص لحاكم الإمارة الخليجية آنذاك الشيخ زايد آل نهيان.

العنيكري وبتوجيهات من فؤاد عالي الهمة فتح المجال للطاقات الشابة في الجهاز لتبوؤ المكانة في المسؤولية، ومن هؤلاء كان عبد اللطيف الحموشي الذي أبان عن إمكانيات كبيرة في مجال الاستخبار، ولاسيما في كل مايتعلق بالتنظيمات الإرهابية وطرق عملها حتى أصبح أحد أكبر المراجع في ذلك وسط الجهاز.

بعد تفجيرات الدار البيضاء في 16 ماي 2003 والتي لم يتمكن رجال العنيكري من التكهن بحدوثها أقيل الأخير من منصبه وحل محله «أحمد حراري» الذي كان مسؤولا جهويا على «الديستي» في الدار البيضاء.م..

بعد عامين من تعيينه أقيل هو الآخر بعد أن أبان عن نقص في خبراته التي لم تمكنه من إدارة جهاز في قوة ومستوى المخابرات المدنية. انضاف إلى ذلك العديد من الأخطاء التي ارتكبها أحمد حراري من قبل الهجوم الذي شنه على الوهابية في السعودية في مؤتمر لمكافحة الإرهاب عقد في الرياض. أما الخطأ الثاني فكان وصول جنيرال جزائري إلى المغرب دون علم المخابرات. كل هذه الأخطاء سرعت من التفكير جديا في إيجاد مدير جديد للمخابرات له القدرة على تحقيق ما فشل الآخرون في تحقيقه، لاسيما في وقت أصبح الخطر الإرهابي يتربص بالمملكة.

هذا الشخص لم يكن إلا عبد اللطيف الحموشي الذي عينه الملك محمد السادس في دجنبر 2005، مديرا لجهاز «الديستي» حيث لم يكن يتجاوز لحظتها 39 سنة.

أول امتحان واجهه الحموشي وهو على رأس المخابرات هو تفجيرات البيضاء في 2007 في حي الفرح وشارع مولاي يوسف والتي قام بها مجموعة من المتعاطفين مع التيار السلفي الجهادي حيث أبان الجهاز وهو تحت مسؤولية الحموشي على كعب عالي في مواجهة نتائج هذه التفجيرات والتقليل من نتائجها السلبية على أمن المواطنين.

وفي سياق النجاحات التي حققها المدير الجديد ل «الديستي» تمكن المغرب من تحقيق العديد من الاختراقات للتنظيمات الإرهابية، الأمر الذي مكن من تفكيك العشرات من الخلايا التي كانت تهيء للقيام بالعديد من العمليات الإرهابية والتخريبة في المملكة، بمهنية كبيرة، وهو الأمر الذي رفع من أسهم الحموشي الذي أصبح أحد أكبر الشخصيات المتحكمة في القرار الأمني في المملكة، ومن إشارات ذلك التوشيح بوسام العرش من درجة ضابط الذي ناله الحموشي من جلالة الملك بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لاعتلاء الملك العرش في 30 يوليوز 2011.

بالإضافة لكل ماسبق كان لتقارير عبد اللطيف الحموشي الموجهة إلى السلطات العليا تأثيرا على نوع من الإفراج على العديد من رموز التيار السلفي الجهادي وفي المقدمة محمد الفيزازي الذي لم يتردد في العديد من خرجاته أن يعبر عن شكره لعبد اللطيف الحموشي الذي كان لتدخله الفضل في معانقة الحرية.

«الديستي».. تألقت داخليا وخارجيا

« الديستي».. رغم ما يعتمل داخل المخيال الشعبي عن الجهاز الذي يعرف بهذا الاسم على الأقل بالنسبة لبعض المغاربة، الذين يعلمون بوجوده، ورغم ما قيل ويقال وما كتب ومازال يكتب عن جهاز مديرية مراقبة التراب الوطني عن مايسمى بـ«الانتهاكات» التي قام بها في فترة من فترات التاريخ المغربي المعاصر، وخصوصا في ما يسمى بسنوات الرصاص، إلا أن هذا الجهاز يبقى مع ذلك جهازا أساسيا ورئيسيا لا مناص منه لحماية الأمن الداخلي للمملكة من العديد من الأخطار، التي يمكن أن تحدق به خصوصا في السنوات الأخيرة مع بروز التهديدات الإرهابية، وتقاطعها مع العديد من أشكال الجريمة المنظمة التي أصبحت تتربص الشر بالمملكة.

جهاز المخابرات الداخلية «الديستي» وهو الاسم الذي أصبح يعرف به بدل «الكاب 1»، وانطلاقا من أواسط السبعينات، وفي ظل ما كان يعتمل داخل الساحة الوطنية من حراك اجتماعي وسياسي ونقابي، انضافت إليهما المحاولتان الانقلابيتان في العام 1971 و1972، اللتان استهدفتا الملكية، اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني القرار بإعادة هيكلة الأجهزة الاستخباراتية، والفصل بين أنشطتها المرتبطة بالعسكري والسياسي حتى تصبح أكثر حرفية.

التهييء للهيكلة الجديدة استمر لمدة سنتين. وفي العام 1974، تم وضع الهيكلة الجديدة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني «الديستي»، وعين الضابط حسين جميل على رأسها بعد فصل المخابرات الداخلية عن الخارجية أو العسكرية، التي أصبحت تحمل اسم المديرية العامة للوثائق والمستندات «لادجيد».

التنظيم والهيكلة الجديدة لـ«الديستي» التي أصبح لها مقر مركزي في الرباط ومقرات جهوية في كل مدن ومناطق المملكة، وخاصة الرئيسية منها والتي تعرف حراكا كبيرا أعطى الأولوية لمتابعة كل الأنشطة التي تدخل في خانة الفعل السياسي والنقابي والطلابي المرتبط في ذاك الوقت، بمن يقود المعارضة في وجه القصر وأساسا من الحركة الاتحادية وخاصة المرتبطة وذات العلاقة بالراحل الفقيه البصري، ثم التنظيمات المرتبطة باليسار الجذري، وفي المقدمة منظمة «إلى الأمام» ومنظمة «23 مارس». هذه الهيكلة التي تم وضعها من قبل حسين جميل، استمرت إلى غاية تعيين المدير الجديد لـ«الديستي» عبد اللطيف الحموشي.

قبل تعيين عبد اللطيف الحموشي، الذي ستعرف المخابرات الداخلية معه، تغيرا كبيرا بالانفتاح على كفاءات شابة ذات تخصصات مختلفة، كان لها الفضل في تحقيق نجاحات كبيرة خاصة على مستوى الحرب على الإرهاب الذي شرع في التربص بالمملكة بشكل محتشم قبل تفجيرات البيضاء في 16 ماي 2003، وبشكل علني بعد ذلك. مرت على الجهاز فترات تألق وأحيانا فترات فراغ خاصة مع كل من علابوش وابن إبراهيم.

لكن مع العهد الجديد الذي بدأ مع تولي محمد السادس العرش، عرفت المخابرات المدنية انطلاقة جديدة بعد القرار الذي اتخذ على أعلى مستوى بالقطع مع كل أساليب وزير الداخلية السابق إدريس البصري التي كانت تجعل من التحكم في المعلومة الاستخباراتية وسيلة للسيطرة على القرار وتوجيهه إلى خدمة أجندات معينة.

بعد فترة من تولي محمد السادس العرش، تمت إقالة علابوش من رئاسة «الديستي» وعين محله الجنيرال احميدو العنيكري. الأخير حاول بالتجربة الطويلة التي اكتسبها في جهاز الدرك الملكي والاستخبارات العسكرية، إدخال تغييرات على مديرية مراقبة التراب الوطني، ليتماشى مع عهد جديد يريد القطع مع العديد من ممارسات الماضي ولاسيما المرتبطة بالعديد من التجاوزات في مجال حقوق الإنسان، التي ألقت على الجهاز نقدا كبيرا سواء في الداخل أو الخارج.

لعنيكري وفي الفترة التي قضاها على رأس جهاز المخابرات الداخلية، عمل جاهدا لتفكيك إرث إدريس البصري في الجهاز الذي تحكم فيه لعقود، وإن تمكن من تحقيق بعض من ذلك، إلا أن بصمات العنيكري لم تظهر بالقوة التي كان يعول عليها لما تم تعيينه على رأس هذا الجهاز الحساس، خصوصا وأن رجاله لم يتمكنوا من توقع التفجيرات التي هزت المملكة في ماي 2003، وكانت بمثابة صدمة للرأي العام الذي كان يعتقد لغاية تلك الفترة أن المغرب كان مستثنى من عمليات إرهابية. ليتم تعيين أحمد حراري الذي كان مسؤولا عن الجهاز في الدار البيضاء بعدما اقترحه العنيكري لتحمل المنصب.

نقص خبرة حراري، لم تمكنه هو الآخر من تحقيق أي إضافة في الجهاز، انضافت إلى ذلك العديد من الأخطاء التي ارتكبها، وخلقت مشاكل للرباط من قبل الهجوم الذي شنه على الوهابية في السعودية في مؤتمر احتنضته العاصمة الرياض لمكافحة الإرهاب، ثم وصول جنيرال جزائري إلى المغرب دون علم المخابرات. الأمر الذي جعل السلطات العليا تفكر جديا في إيجاد مدير جديد للمخابرات، يتمكن من تحقيق ما فشل الآخرون في تحقيقه خاصة في وقت أصبح الخطر الإرهابي يتربص بأمن المملكة واستقرارها.

في نهاية سنة 2005 وبالضبط يوم 14 دجنبر 2005 تم إعفاء حراري من منصبه، وحل محله عبد اللطيف الحموشي. مع الأخير دخلت المخابرات المغربية مرحلة جديدة عنوانها الأبرز الحضور القوي في مجموع المحطات الكبرى في المملكة، خاصة ما تعلق بالحفاظ على الأمن وسلامة الأمن الداخلي، والنجاحات الكبرى التي تم تحقيقها في الحرب على الإرهاب، حيث تمكنت المخابرات الداخلية من تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية التي كانت تخطط لزعزعة الاستقرار في المملكة.

تقرير للأمم المتحدة.. المخابرات المغربية الأولى على المستوى الإقليمي

الخبرة المغربية في محاربة الإرهاب التي نالت في العديد من المناسبات تنويها وتقديرا كبيرين من مسؤولين كبار سواء في أوروبا أو أمريكا، جاءت المناسبة مرة أخرى للحديث عنها وهذه المرة من على منصة الأمم المتحدة بجنيف السويسرية. ففي الأخيرة عرض مكتب الأمم المتحدة تقريرا في شتنبر الماضي حول حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، أهم ما جاء فيه أن المملكة باتت تتوفر على أقوى جهاز استخباراتي في العالم العربي، سواء من حيث مهنية واحترافية العاملين في صفوفه، أو في عملياته الاستباقية لإفشال العديد من المخططات الإرهابية سواء في اتجاه المملكة أو خارجها.

وفي إحدى الوثائق المقدمة في إطار التقرير المقدم في جنيف، جاء فيه أن دور المملكة وبالنظر إلى التطورات الكثيرة المرتبطة بالأخطار الإرهابية سواء على المستوى الإقليمي أو الجهوي أو الدولي أصبح الآن محوريا خاصة على المستوى الإقليمي، وذلك بسبب التطورات الخطيرة التي عرفها الارتفاع في تدفق إرهابيين سواء من المغرب أو غيره للالتحاق بتنظيمات الإرهاب في العراق وسوريا وتهديدات هؤلاء الإرهابيين بعد العودة إلى بلدانهم، وهو الأمر يضيف التقرير الذي جعل الخبرة المغربية الكبيرة في مجال الاستخبارات التي اكتسبها في السنين الأخيرة في محاربة التنظيمات الإرهابية، وخاصة نجاحه في تفكيك عشرات الشبكات الإرهابية لاسيما التي تنشط في إرسال متشددين إلي سوريا والعراق من أجل الانضمام إلى تنظيمات الإرهاب، مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.

مسؤول جيد الاطلاع قال للجريدة بخصوص الموضوع أن التنويه الجديد من قبل الأمم المتحدة بالمهنية والاحترافية والتجربة والخبرة للأجهزة الاستخباراتية المغربية التي بات يتوفر عليها لم يكن يكن مفاجأ لأنه معروف للجميع.

أما بخصوص دعم المغرب لمجهودات مكافحة الإرهاب، سواء على المستوى الاقليمي أو الدولي، قال المسؤول أن المغرب لم يكن غائبا عن العديد من التنسيقات الأمنية والاستخباراتية لمواجهة الأخطار الإرهابية خاصة القادمة من سوريا والعراق، ذلك أن التعاون يضيف المصدر ذاته بين الرباط والبلدان الأوروبية والأمريكية والعربية، كان سائدا منذ مدة، وكان استخباراتيا في أغلبه، ولم يكن ظاهرا للعيان، لكن المستجد الآن أن الحرب في سوريا والعراق دخلت مؤخرا منعطفا جديدا، سيكون من بين نتائجه بدء المئات من المقاتلين في العودة إلى بلدانهم الأصلية محملين بخبرات قتالية اكتسبوها في الحرب، وهو الأمر الذي يفرض تعاونا وتنسيقا أكبر من السابق.

المسؤول أعطى نماذج مما يمكن للمغرب تقديمه في الحرب على الإرهاب وقال أن ذلك يتأتى من خلال تبادل وتنسيق المعلومات والعمليات على وجه السرعة، التنسيق مع الجهود على المستوى الإقليمي والدولي، دعم قاعدة البيانات الخاصة بالإرهابيين، تقديم الخبرة المغربية الكبيرة في مجال الاستخبارات والمعلومة الاستخباراتية، تقديم دعم لوجيستيكي في حالة الضرورة، تعزيز الطاقات الاستخبارتية للبلدان الصديقة، تضييق الخناق على تحويل أموال انطلاقا من المغرب أو العكس لدعم المجهود «الجهادي» لتنظيمات إرهابية وفي المقدمة تنظيم مايسمى بـ«الدولة الإسلامية». أو لتمويل شبكات أو خلايا إرهابية.

أنقذت مقر «الديستي» الفرنسي من التدمير ومئات الإيطاليين من الموت

بنجاح المصالح الأمنية المغربية في مارس 2006 من تفكيك «خلية التونسي» الإرهابية التي استطاعت استقطاب العديد من المقاتلين المغاربة، مكن ذلك من الحصول على كنز من المعلومات، ساعدت في إحباط العديد من مخططات هذا التنظيم الإرهابي المرتبط بالقاعدة وبالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.

من بين تلك المخططات التي كان يخطط لها «التونسي» واسمه الكامل محمد بن الهادي مساهل هي عمليات نوعية وفي المقدمة التخطيط لضرب السفارة الأمريكية بالرباط، واستهداف مقر جهاز مراقبة التراب الوطني الفرنسي «الديستي» في باريس وعمليات تفجير في إيطاليا كانت ستستهدف كل من ميترو ميلانو، وكنيسة "سان بيترونيو" في بولونيا.

خلية »التونسي» وهي خلية ذات صلة غير مباشرة بشبكة القاعدة، والتي تم توقيفها من قبل عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وبتنسيق مع مديرية مراقبة التراب الوطني «الديستي» كانت تتكون من 9 أشخاص يقودهم التونسي محمد بن الهادي مساهل، وهو من مواليد عام 1969 بمدينة تونس، ويشتغل عاملا بميلانو الإيطالية بصفته منسقا للخلية بإيطاليا وفرنسا.

الخلية التي نسب إليها «تكوين عصابة إجرامية للإعداد للقيام بعمليات إرهابية، بهدف المس الخطير بالأمن العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف وتمويل الإرهاب والمشاركة.

كشف عنها مغربي رحل من فرنسا اسمه، «أنور مجرار». الأخير صرح أمام المحققين، بأن له علاقة بالتونسي، والجزائري «عامر لعرج» الملقب ب «علي الجزائري» و«نبيل الوهراني». وكان هذا المتهم يتنقل بين سوريا والجزائر وفرنسا وإيطاليا واليونان وتركيا وإسبانيا.

وكلف المعتقل التونسي باستقطاب مقاتلين مغاربة، وتشكيل خلية «جهادية» بشمال إفريقيا وإيطاليا وفرنسا لتنفيذ مشروع إرهابي يباركه أعضاء شبكة القاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن.

وبالنظر إلى ما اعترف به الموقوفون من معلومات من وجود مخططات تستهدف كل من فرنسا وإيطاليا حل وفد أمني من البلدين بالمغرب من أجل الاطلاع على ملف المتهمين التسعة، وضمنهم «عامر لعرج» الذي اشتبه فيه لحظتها أنه متخصص في صنع المتفجرات واستخدامها، وله صلة بالقائد المفترض لتنظيم القاعدة بأوروبا المسمى «أبو حمزة الجزائري»، الذي كان يقيم في إحدى دول أوروبا الشرقية.