ثقافة وفن

الفيلم الهندي "تيتي".. واقعية اجتماعية ترصد القيم والطقوسية في المجتمع التقليدي

أسامة خيي السبت 12 ديسمبر 2015
الفيلم الهندي "تيتي".. واقعية اجتماعية ترصد القيم والطقوسية في المجتمع التقليدي
Titi

AHDATH.INFO و م ع

يتناول الفيلم الهندي "تيتي" للمخرج رام ريدي جوانب متنوعة من النظام الاجتماعي والأخلاقي السائد في المجتمع التقليدي القروي، من خلال حكايات تتشابك فيها الملهاة بالمأساة.

ثقل الطقوسية، حضور المعتقدات الخرافية في المخيال الجماعي، تحولات القيم من جيل لآخر. تلك بعض الأبعاد التي يرصدها الفيلم بذكاء ومن خلال قصص شخصيات بسيطة تعارك الزمن من أجل أحلام صغيرة لكنها صعبة التحقق في بيئة ينهكها الفقر.

يبني المخرج معالجته لهذه القضايا من خلال عينات يمثل كل منها جيلا باختياراته وطرق تفكيره. يتأتى ذلك من خلال أسرة تتعايش فيها ثلاثة أجيال. جد بوهيمي يعيش مشاء بين شعاب القرى، ابنه الخمسيني الذي يريد السيطرة على أرض الأب الغائب ولو تطلب الأمر "قتله" قانونيا، ثم الحفيد الفتى اليافع الذي يكتشف اللهو والحب وخيارات التسلية المتاحة على الهاتف الجوال.

هكذا تتقاطع وتتداخل قصص حافلة بالدروس بعين تحليلية ثاقبة دونما سقوط في المباشرة. ففي قرية نائية جنوب الهند، يعيش كل من الأجيال الثلاثة حياته الخاصة. الحدث المفجر للتطور الدرامي يتمثل في وفاة الجد الأكبر لأسرة قروية، سانتوري كودا، الذي بلغ مائة سنة. نجل الفقيد، كادابا الملتحي، رجل مسن يمضي أيامه في الحقول المحيطة بالقرية يدخن السجائر ويحتسي الخمر. ابنه ثامانا، يتحايل من أجل بيع خمسة فدادين ورثها والده البوهيمي، ولو بطريقة غير مشروعة. أما أبهي نجله فيحاول إغواء راعية قطيع شابة. بعد أحد عشر يوما من وفاة جدهم، كانت مراسيم الجنازة التقليدية التي تسمى طقس "تيتي" الذي يقام تكريما للمتوفى فرصة لتقاطع مسارات الرجال الثلاثة والالتقاء بينهم.

لا يفرط المخرج رام ريدي في سبك الحكاية وتفريعها الى مسارات سردية تصاحب تفاعل الشخصية مع محيط لا يتيح فرصا كثيرة للسعادة، لكنه يفعل ذلك بحس أنثروبولوجي واضح يرصد علاقة الانسان بالمحيط الطبيعي وبالأسطورة والدين والتحولات الاجتماعية والتقنية.

وكان ملفتا في هذه التجربة التي تعد أول فيلم طويل للمخرج الشاب اعتمادها على طاقم تمثيلي غير محترف، أضفى على الأداء مصداقية أكيدة وطابعا واقعيا جعل العمل يلامس حدود الفيلم الوثائقي. ويبدو البعد الوثائقي حاضرا بقوة في تصوير الممارسات الاجتماعية والطقوس اليومية والدينية، لا بغاية فولكلورية استعراضية، بل بحس تأويلي يربط هذه الممارسات والمعتقدات بمصير الانسان الذي يخضع لضغطها.

يذكر أن رام ريدي مخرج يقيم في بنغالور، درس التصوير في كلية سانت ستيفن، بنيودلهي، حيث كتب روايته الأولى، "تمطر في مايا" سنة 2011. وفي 2012، وقع أول فيلم قصير له بعنوان " إيكا"، الذي فاز بالعديد من الجوائز في الهند وخارجها. وقد حصل على شهادة الإخراج من مدرسة السينما في براغ سنة 2013.

رام ريدي، كما تؤشر على ذلك تجربته في "تيتي" مشروع سينمائي واعد في مجال السينما المستقلة الهندية التي تكافح من أجل التطور على هامش استوديوهات بوليود وأعمالها التجارية التي تكتسح سوق السينما الجماهيرية في مناطق واسعة من العالم.