آراء وأعمدة

معادلة لا يستعصي حلها

أسامة خيي السبت 06 سبتمبر 2014
معادلة لا يستعصي حلها
MR ELBRINI

بقلم: محمد البريني

ربما ظن النظام الجزائري أنه اهتدى، أخيرا، إلى نقطة ضعف بلادنا. لم يجدها في قدراتها العسكرية. لم يعثر عليها في طريقة تحكمها في الوضع الأمني. لم يستطع أن يخلق ولو ثغرة بسيطة في إجماع شعبها حول قضيته الوطنية. لم يتمكن من جعل نزاعه معها ينهكها اقتصاديا. لم يفلح في عزلها سواء عن محيطها الإقليمي، أو الدولي. عجز عن تغيير موازين القوى لصالحه في مجلس الأمن، رغم تجنيد العديد من اللوبيات النافذة وغير النافذة. فشل في استغلال بعض التصدع الذي طرأ، لفترة وجيزة، في علاقات المغرب بأصدقائه ذوي التأثير داخل المنظمات الدولية، مع العلم أن أيادي النظام الجزائري لم تكن غائبة عن حدوثه...

يظن النظام الجزائري أن قضية حقوق الإنسان تصلح لتكون حصان طروادة في حربه ضد بلادنا، فجعل منها محور خطة تسعى لتحقيق هدفين إثنين على الأقل: الهدف الأول هو زرع أكثر ما يمكن من بؤر الإضطراب والفتنة في بلادنا، والهدف الثاني يروم إسقاط المغرب في فخ انتهاك حقوق الإنسان، ثم استغلال ذلك في استعداء القوى المؤثرة في القرار الدولي علينا. تتجلى هذه الخطة في سيناريو صار مألوفا لدينا.

شكل نظام الجزائر مليشيات انفصالية داخل مدن مغربية، وزودها بالمال، واللوجستيك. كونها ودربها في أوراش داخل ترابه، مثل ما حصل هذا الصيف في مدينة بومرداس. أطلقها لتفجر الاضطرابات والفوضى، بكيفية تتعمد استفزاز السلطات العمومية، وتجعلها تفقد أعصابها. حرضها على توسيع النشاط التخريبي وجعله لا يقتصر على مدن الأقاليم الجنوبية، بل انتقل إلى فضاءات مدن وجامعات في وسط البلاد، مثل سيدي إيفني وأكادير ومراكش وغيرها.

وما أن تتدخل قوات الأمن لحماية النظام العام، وممتلكات المواطنين، حتى يتعبأ كومندو الإعلام الجزائري، ليقذفنا عبر أبواقه بكل ما يحمله قاموسه من عبارات السب والشتيمة، وتتحرك الآلة الديبلوماسية في جميع الاتجاهات، وتتعبأ الجمعيات واللوبيات الموالية والمسخرة، وتتهاطل على مكتب الأمين العام للأمم المتحدة رسائل التشكي، وطلب الإغاثة، والدعوة إلى التدخل في شؤوننا الداخلية، والمطالبة بتغيير مهمة «المينورسو»، لتحويلها إلى إقامة عامة، تمارس صلاحيات سيادية فوق ترابنا الوطني.

في هذه الأثناء تتعاظم عجرفة «انفصاليي الداخل»، ويتقوى لديهم الاقتناع بأنهم فوق القانون، وأن من حقهم الاستمرار في العبث بأمن واستقرار البلد الذي يأويهم، ويضمن لهم كل متطلبات العيش الكريم، ويسمح لهم بالتعبير عن مواقفهم الإنفصالية، ويتركهم يخرجون منه ويدخلون إليه بكل حرية.

للأسف، يبدو أن بلادنا لم تجد بعد الوصفة الناجعة لمواجهة هذا المخطط الجهنمي. تعاملها معه يوحي بأنها مترددة، وسجينة مواقف دفاعية. هذه الدوامة لا يمكن قبول استمرارها. غير مسموح التساهل مع العابثين باستقرار البلاد، وبأمن مواطنيها، وبوحدتها الترابية، وفي نفس الوقت، لابد من ربح معركة حقوق الإنسان، ونزع ورقتها من يد النظام الجزائري نهائيا.

هل هذه معادلة يستعصي حلها على بلادنا؟ بالتأكيد، لا.