فكر و دين

المفكر المغربي طارق أوبرو: تحويل المسلمين الإسلام لعلامة شبه مبتذلة في أبسط مناحي حياتهم مؤشر على تخلفهم

أسامة خيي السبت 04 يونيو 2016
المفكر المغربي طارق أوبرو: تحويل المسلمين الإسلام لعلامة شبه مبتذلة في أبسط مناحي حياتهم مؤشر على تخلفهم
XVMca9a21a0-db07-11e5-86c9-679b47db606c

AHDATH.INFO  الرباط - خاص - فطومة نعيمي

"الله ليس عربيا"، و"العربية ليست لغة مقدسة وليست لغة الله أو أدم وحواء، الذين لغتهم أخروية تدخل في علم الغيب"، "هل ختم القرآن يعني أن الله قال كل شيء ولم يعد هناك ما يُضيفه؟"، "القرآن فوضوي ومتراكب"، "القرأن يتضمن مبادئ كونية ولا يجعل منها تشريعات وقوانين"، "المسلمون عاجزون عن دفن ماضي حضارة منهارة"، و"عاجزون عن العيش وفق منظومة حضارية جديدة يصنعها الغرب". إنها بعض من الأفكار المستفزة للعقل العربي المسلم، مثلما يقدمها المفكر المغربي، إمام مسجد بوردو بفرنسا، طارق أوبرو.

طارق أوبرو، المهدور دمه من قبل تنظيم "داعش"، يواصل الاستفزاز العلمي والعقلاني لكل ما يشكل ثابتا مقدسا عند عموم المسلمين، ليس تشكيكا في العقيدة أو الدين، ولكن بغاية رج كل بناء يُقدس ما لا يحتمل التقديس ويجمد العقل المسلم في قوقعة الانتماء الهوياتي للإسلام مثلما يجمد الدين في "براد" اللحظة القرآنية، أي في السياقات الزمنية لنزول الوحي .

وبالفعل، يشدد طارق أوبرو على أن ما يزج بالمسلمين في حلقة الضعف والتخلف هو  تشبثهم ب"تحويل الإسلام درعا هوياتيا" من خلال "إشهاره كعلامة شبه مبتذلة في أبسط مناحي حياتهم". وبكثير من السخرية اللاذعة، يقول أوبرو ، الذي كان يتحدث يوم الخميس 2 يونيو 2016 بالمكتبة الوطنية في لقاء من تنظيم قطب العلوم السياسية بالجامعة الدولية بالرباط حول موضوع :"التفكير في الإسلام في مواجهة تحديات الزمن الحاضر" وذلك في إطار اللقاءات الشهرية للجامعة خارج أسوارها، (يقول) :"هراء حقا أن نسمع بالنعل الإسلامي وغطاء الرأس الإسلامي وما إلى ذلك من التسميات والتوصيفات التي تزج بالإسلام في كل شيء وفي أبسط شيء لماذا هذا العناد في التقوقع والحال أن الله خلقنا عاقلين ووضع فينا العقل والروح لأجل السفر بعيدا عن حاجز الجسد".

 

f31cbcf8-145f-4dac-b3d8-ec847d7e15a2

طارق أوبرو، الذي قدم بالمناسبة مضمون مؤلفه الأخير: "ما لا تعرفونه عن الإسلام"، الصادر بالفرنسية عن دار النشر فايار، دعا المسلمين إلى أخذ مسافة مع مجموع القراءات والتأويلات للدين والسنة، وكذلك إعادة النظر في علاقاتهم بالنص القرآني وتأويلاته، التي لا ترقى لأن تحيط بمقاصد وأهداف الله من خلقه ومن وحيه، والتحلل من الأفكار الواهمة بشأن هويتهم ك"أمة فضلى فقط لانتمائهم للإسلام ولنزول الوحي بلغة العرب"، التي قال إنها ليست لغة مقدسة وإنما هي لغة العواطف والشعر أكثر منها لغة الانتاج المعرفي الحق،مما يجعلهم "خارج سياق العصر والحضارة المعاصرة". وجدد الدعوة إلى البحث والمعرفة من خلال الاجتهاد، الذي قال إنه خلاص المسلمين من الانحطاط الفكري، الذي يغوص بهم في أعماق تاريخ وهمي ماضوي ويُقصيهم من السيرورة التطورية للحياة والواقع. بالنسبة لأوبرو، الإسلام يدعو أولا وقبل شيء إلى "إعمال العقل والفكر والتفكير، أي الاجتهاد قبل دعوته إلى إعمال القوة والعنف أي الجهاد". مشددا على أن الاجتهاد هو صيغة تفضيلية للجهاد.

 

9b53d14a-aa39-4b5f-b256-93c7dff0b89e

وأكد أوبرو أن المسلم مثلما هو مدعو إلى قراءة القرآن، كوحي إلهي، فهو مدعو إلى العودة إلى الفطرة والعقل بوصفهما وحيا داخليا، مثلما هو مدعو، أيضا، إلى قراءة الكون والانفتاح على الطبيعة بوصفهما وحيا كونيا وطبيعيا يحمل كلام الله وأسرار عظمته وذكاء وحكمة خلقه وتمنح المفاتيح لفهم الدين وتعزيز الإيمان وتحصين العقيدة.

وأوضح أوبرو أن اعتماد هذه الأطروحة القائلة بالكتب الثلاثة، القرآن والكون والفطرة، من شأنه التحفيز على البحث لأجل تحصيل المعرفة العقدية، التي تظل نسبية. وأشار في هذا السياق، أن الاجتهاد المبني على هذه الأطروحة صنع العصر الذهبي للحضارة الإسلامية مثلما عاشته في العصر الوسيط، الذي قال إنه شكل حداثة المسلمين. ولفت إلى أن هذا العصر الذهبي، المنفتح على البحث والاجتهاد، لم يقده العرب أو يسموه بإنتاجات علمية وفقهية خاصتهم بقدرما أثبت فيه الفارسيون والأتراك علو كعب في الإنتاج المعرفي والعلمي.

وإلى ذلك، يحمل كتاب "ما لاتعرفونه عن الإسلام" بين دفتيه طروحات تهم مجموعة كبيرة من الإشكالات التي يواجهها المسلمون حاليا، وتجمع بين الاستفزاز والهجوم والحدة في الطرح والإثارة، أيضا. لكنها الطروحات المدعومة بالحجة والبيان وغايتها هدم عدد كبير من الأفكار المسلم بها والأفكار المغلوطة والمنمطة للإسلام عند المسلمين أنفسهم قبل غير المسلمين.