آراء وأعمدة

قضية لا تسائل الحكومة وحدها

أسامة خيي الثلاثاء 23 سبتمبر 2014
قضية لا تسائل الحكومة وحدها
DAECH

AHDATH.INFO

كيف يمكن منع تدفق المقاتلين على الجماعات الإرهابية؟ سؤال سارعت بعض البلدان الأروبية، التي التحق عدد من مواطنيها ببؤر الإرهاب، إلى الجواب عليه. حينت ترسانتها القانونية، وأقرت إجراءات احترازية وأمنية جديدة. أنجزت برامج تواصلية للتوعية والتنبيه. قامت بإشراك رأيها العام في الانشغال بضرورة إعطاء الأولوية لأمن واستقرار مجتمعاتها، وتحصين مؤسساتها الديمقراطية، وبينت أنها لن تدخر أي جهد لحماية بلدانها من مخاطر الإرهاب الجديدة، حتى ولو أدى الأمر إلى إعتماد مقاربة تؤثر الحق في الأمن العمومي على بعض الحريات، عندما تكون تلك الحريات موظفة لإرتكاب جرائم إرهابية، مثل حرية التنقل، والإبحار في شبكات الأنترنيت، والتمتع بالحقوق التي تكفلها الجنسية...الخ.

في المغرب، هيأت الحكومة مشروع قانون يتعلق بتعديل قانون الإرهاب قصد تحيينه، وتعزيزه ببنود تواكب وتلائم تطور هذه الجريمة، ويمنح القضاء وأجهزة الأمن الأداة القانونية لمواجهة تجنيد الشباب المغربي في الجمعات الإرهابية. مبادرة الحكومة استجابة لحاجة أصبحت ملحة، وتكتسي دلالة أكبر باعتبار أن مشروع القانون صدر عن حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، المنتمي لفصائل الإسلام السياسي. المطروح، الآن، هو الإسراع باعتماده من طرف البرلمان، دون مزايدات سياسيوية، لأن أمن البلاد واستقرارها فوق الأحزاب وفوق الخلافات السياسية.

لكن ذلك، لا يكفي، ولا ينبغي أن يشكل مبررا لعدم تجنيد كل الإمكانيات والطاقات الأخرى، من أجل حماية الشباب المغربي من فيروس التطرف المؤدي إلى الانخراط في جماعات الإرهاب، ومن أجل تجفيف منابع إمدادها بدماء جديدة، وتهييء البلاد لمواجهة المخاطر المحتملة، وجعل الأجهزة الأمنية تشعر بأنها ليست وحدها في المعركة.

 عدد المغاربة الذين التحقوا ببؤر الإرهاب يتراوح ما بين 1500 و2000 شخص حسب التقديرات المعلنة. وأغلب الظن أن وتيرة التجنيد لم تتوقف، وأن عددعم ربما تجاوز هذه التقديرات. إن كل فرد من هؤلاء يشكل قنبلة مهيأة للانفجار في وجه المغاربة في حالة تمكنه من الإفلات من الموت هناك، وعودته إلى البلاد. فهل نتصور ونقدر حجم الخطر المحدق ببلادنا؟ يخشى أن يكون الإحساس الغالب عندنا هو استسهال المعركة. بل يخشى أن يوجد بيننا من يعتبر نفسه غير معني، أصلا، بشيء اسمه خطر الإرهاب، ويستسلم لنظرية المؤامرة، فيعزو التعبئة الدولية الحالية إلى مؤامرة أمريكية أو غربية تسهدف العالم الإسلامي.

الحق أن قضية الإرهاب هذه، لا تسائل الحكومة وحدها. إنها تسائل، أيضا، علماء الدين، والجمعيات الدعوية، والمنظمات السياسية والنقابية، وهيآت المجتمع المدني... لقد أعلن الأزهر الشريف موقفه المندد بالجماعات الإرهابية وبما تقوم به من أعمال همجية تلوث الإسلام، وتشوه صورته. فأين المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الجهوية المغربية؟ لماذا ظلت صامتة؟ أين الجمعيات الدعوية التي تقول إنها تدافع عن الإسلام المغربي، الوسطي والمعتدل؟ جريدة «التجديد» الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح، ما تزال تضع كلمة إرهاب بين مزدوجتين، كأنها لا تعترف بوجوده. أين الأحزاب السياسية؟ لماذا لا تعبئ المواطنين في مبادرات يعلن فيها الشعب المغربي إدانته تجنيد بعض أبنائه ضمن الجماعات الإرهابية، ورفضه ما تقوم به تلك الجماعات من فظاعات وأفعال همجية تضر بالإسلام والمسلمين ضررا كبيرا، وتعتدي على قيمه الحقيقية؟

صمت يرجى ألا يطول.

محمد البريني
محمد البريني

محمد البريني