هنا و الآن

طلحة جبريل يكتب: الصحافة الورقية عبر أثير الإذاعة الوطنية

أسامة خيي الاحد 16 أكتوبر 2016
mr
mr

AHDATH.INFO خاص

 

بثت الإذاعة الوطنية في الرباط بعد ظهر الأربعاء الماضي، برنامجاً تفاعلياً حول تراجع مقروئية الصحف. استمعت بانتباه للبرنامج، وسجلت بعض الملاحظات.

هذا البرنامج الذي يبث على ما أعتقد من الإثنين إلى الجمعة، يختار في كل مرة موضوعاً يطرحه على المستمعين، من هنا ربما اختارت له الإذاعة اسم «أعطني رأيك».

تحدثت منشطة البرنامج حول بعض الأسباب التي أدت إلى تراجع مقروئية الصحف. وأشارت المنشطة في هذا الصدد إلى المواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية والقراءة المجانية للصحف في المقاهي، كما تعرضت بكيفية عابرة إلى المحتوى ومسألة اعتماد الصحف على ما أطلق عليه «تشوهات المجتمع».

كانت هناك مداخلات عبر الهاتف من قراء عاديين، وفي بعض الأحيان كانوا مستمعين لكنهم لا يقرأون الصحف.

كانت المداخلات في معظمها سطحية. يمكن بعبارة مخففة القول إن الذين تحدثوا ليسو من أهل الاختصاص، أو ليسو من القراء المنتظمين. تحدث أحدهم كثيراً عن سلبيات الصحف، وعندما سألته منشطة البرنامج إذا كان يشتري صحفاً، كان جوابه بالنفي. شخصياً لم أفهم كيف يسهب «قارئ» في الحديث عن محتوى الصحف وهو أصلاً لا يقرأها.

كان يفترض أن يستضيف البرنامج صحافياً أو أكثر، ولا أعتقد أن المغرب يعاني قلة في عدد الصحافيين، لكن ذلك لم يحدث. كان من الممكن مثلا استضافة أحد الصحافيين ولو عبر الهاتف.

في ظني كان يجب ألا يقتصر الأمر فقط على الصحافيين، بل حتى تكتمل الصورة، كان يفترض استضافة من يمثل شركات التوزيع وكذلك شركات الإشهار.

كانت مخرجة البرنامج تختار بين الفينة والأخرى قطعة غنائية، لا علاقة لها في الواقع بالموضوع، لكن ما يلفت الانتباه أن موسيقى جينريك البرنامج موفقة وجذابة. في ختام البرنامج سردت منشطة البرنامج أسماء التقنيين الذين شاركوا في إعداد البرنامج، لكنها لم تذكر اسمها.

كان قد فات علي متابعة البرنامج منذ بدايته بالضبط، إذ ربما تكون قد ذكرت اسمها في البداية.

حاولت منشطة البرنامج أن تقدم أسباباً لسبب العزوف عن قراءة الصحف، لكنها لامست الموضوع ملامسة عادية، ربما كان في ذهنها أن زبناء البرامج التفاعلية هم من المستمعين العاديين وليس المتخصصين.

بقيت لدي ملاحظة قد تبدو شكلية لكنها فى الواقع جوهرية، وهي أن المنشطة كانت تستعمل طوال فترة البرنامج التي دامت ساعتين تعبير «الصحافة المكتوبة»، وهذا توصيف خاطئ إذ الصحيح القول «الصحافة الورقية»، لأن الصحافة الإلكترونية وصحافة وكالات الأنباء والصحافة الورقية كلها تعتبر «صحافة مكتوبة»، لأنها ببساطة ليست مسموعة أو مرئية، بل هي مكتوبة فقط.

قبل الانتقال إلى موضوع مستقبل «الراديو»، الذي يعتقد بعض الناس خطأ إنه إلى اندثار، أشير إلى أنني حريص على الاستماع لـ"الإذاعة الوطنية»، إلى جانب إذاعات أخرى يومياً، لكن هذا لا ينفي وجود تراجع على المستوى المهني.

سأكتفي في هذا السياق بملاحظتين حول الإذاعة الوطنية، الأولى لها علاقة بلغة وأسلوب كتابة الأخبار في النشرات، إذ تحتاج إلى الكثير لتكون فعلاً سليمة وجذابة وممتعة ومفيدة.

الملاحظة الثانية هي أن عدداً من المنشطات، على وجه التحديد، يتحولن من خلال البرامج التفاعلية إلى واعظات ومرشدات اجتماعية إلى حد منفر أحياناً.

أنتقل بعد ذلك إلى «مستقبل الراديو»، وفي هذا الصدد أشير إلى  استطلاع أعدته مؤسسة «بيو» الأمريكية المتخصصة في الاستطلاعات.

وجدت هذه المؤسسة عبر الاستطلاع الذي جرى قبل ثلاث سنوات أن 91 بالمائة من الأمريكيين يستمعون إلى الإذاعة مرة في الأسبوع على الأقل، دون اعتبار للذين يستمعون للإذاعة أثناء قيادة سياراتهم في الطرق، وعادة ما يبقى الأمريكي يومياً قرابة ساعة ونصف، وهي أقل مدة، داخل سيارته في رحلته اليومية من السكن إلى العمل أو العكس.

تقول دراسة أخرى إن الأمريكي يعتمد على الإذاعة لمعرفة أحوال الطقس والأخبار، وأحياناً يستمع إلى برنامج النقاش (توك شو).

ما تزال هناك 4684 إذاعة تبث على الموجة «AM»، في حين هناك 6701 محطة إذاعية تبث عبر موجة «FM» تبعاً لإحصاء أجري في نهاية العام الماضي، ولا يشمل ذلك الإذاعات التعليمية.

على الرغم من أن الدراسات تشير إلى أن الإذاعات التي تبث على موجة «AM» تخسر المعركة لصالح الإذاعات التي تبث على موجة «FM» وكذلك إذاعات الأنترنيت.

إضافة إلى الإذاعات التي تبث خصيصاً نحو الهواتف الذكية، والإذاعات الفضائية الموجهة لأصحاب السيارات.

في إحصاء آخر أجرته مؤسسة «نيلسون» تبين أن 63 بالمائة من عشاق الموسيقى يعتبرون أن الإذاعة هي المصدر الرئيسي لاكتشاف القطع الموسيقية والغنائية الجديدة.

أختم بالإشارة إلى أن الأصوات القوية والجذابة باتت قليلة في الإذاعة الوطنية، أو ربما لم تعد نبرات الصوت من معايير الاختيار. إذا كان المستمع يستعمل حاسة واحدة، وهي حاسة السمع، من المفترض أن يكون الصوت أساسياً لاختيار الذين يجلسون خلف المايكروفون.

سقى الله تلك الأيام التي كانت في الإذاعة أصوات تجلجل أمثال صوت الراحلين محمد الجفان وبن عيسى الفاسي.

كان عندما ينطقان «هنا الرباط .. إذاعة المملكة المغربية». تحس كأن الأثير بحر تلاطمت أمواجه.