آراء وأعمدة

محمد البريني يكتب: عندما تنتج قيادات حزبية الضجيج وحده

أسامة خيي الاثنين 29 سبتمبر 2014
محمد البريني يكتب: عندما تنتج قيادات حزبية الضجيج وحده
Capture d’écran 2014-09-29 à 10.55.12

 AHDATH.INFO - خاص

ليس تجنيا على نخبتنا السياسية القول بأن أسوأ ما يمكن أن تصاب به ديمقراطية في طور البناء، هو ابتلاؤها بفاعلين يتميزون بخصال من النوع الذي يطبع سلوك بعض زعماء منظماتنا السياسية، وخاصة أولائك الذين يملأون الجو السياسي بالضجيج. وحتى لا يفهم أن هذا الكلام ألقي على عواهنه، إليكم بعض الأمثلة للتأمل، وللتساؤل عما إذا كانت هي النموذج الصالح لدينامية انتقال بلادنا نحو الديمقراطية.

رئيس الحكومة يقول، دون أن يرف له جفن: «عندما لا أنفذ ما وعدت به، فعليكم أن تفهموا ولا تحرجوني». هل يوجد، زعيم سياسي أوصلته أصوات الناخبين إلى رئاسة حكومة بلاده، يقول للناس «تفهموا ولا تحرجوني» إذا لم أنفذ وعودي؟ نفس الزعيم، سوف يتقدم للانتخابات المقبلة، وسوف يجزم بأن حصيلة حكومته كانت جد إيجابية، وأنها حققت إصلاحات تاريخية، وأن حزبه «نعمة من الله» على هذا البلد، كما سبق له أن قال في إحدى خرجاته، نفس الحزب الذي يشكك في نزاهة انتخابات ما يزال يفصلنا عنها حوالي سنة، وتنظمها وتشرف عليها حكومة هو من يقودها.

زعيم سياسي، استولى على رئاسة حزب وطني كبير، سبق أن قاده وطنيون كبار، ينظم تظاهرة تتقدمها الحمير. يزايد على رئاسة الحكومة في ممارسة الشعبوية، إلى حد اعتبر حزبه خلوتها لمدة يومين في فندق يأوي «كازينو» فاحشة كبيرة. نفس الزعيم يكرر، دون خجل ولا حرج، لازمة تقول بوجود «داعشيين» داخل الحكومة.

رغم إثارة انتباهه إلى خطورة هذا النعت، فإنه ظل مصرا على تكراره، كأنه يتوفر على أدلة تتهم أشخاصا يتحملون مسؤوليات عليا داخل السلطة التنفيذية، بحمل أفكار وسلوكات الجماعة التي استنفرت العالم بسبب الجرائم الإرهابية التي تقترفها في العراق وسوريا... هل يوجد زعيم معارضة في بلد ديمقراطي يتهم أعضاء في حكومة بلاده، علانية، بتبني أفكار وسلوكات إرهابية، دون أن يدلي بالبرهان والحجة؟

زعيم معارض آخر، أضعف حزبه. حوله إلى تنظيم انسلخ عن قيمه، وصيره إلى أداة عقيمة لم تعد تنتج أفكارا. يسعى إلى التخلص من أولائك الذين يخالفونه الرأي. يقرر في كل شيء، ولا يسمح بالخروج عن طاعته. فكك النقابة التي ترتبط بحزبه، وغذى ويغذي حربا أهلية داخلها. يصف المعارضة التي يمارسها بأنها «معارضة صاحب الجلالة» دون مراعاة لمكانة المؤسسة الملكية، ولا لدستور 2011، ولا للرصيد التاريخي لحزبه. كلما ظهر أمام جمهور المواطنين، كان أداؤه غير لائق لإغراء الناس باتباعه.

لا ينتج خطابا مقنعا. هذا الزعيم يسعى إلى إعادة إنتاج عبادة الشخصية وديكتاتورية القائد، مسخرا صحافة حزبه لتلميع صورته، وصورته هو دون غيره. هل، بعد انهيار النظام الشيوعي، والنظام البعثي، وفشل نظام الحزب الوحيد، يمكن تقبل وجود زعيم على هذا الشكل؟

إنها بعض أسئلة، إذا لم تطرحها القيادات الحزبية على نفسها، وتجيب عليها بشجاعة ونزاهة، فعليها أن تعلم أن تلك الأسئلة لا تغيب عن خواطر الكثير منا، نحن العامة. كما عليها أن تدرك أن إصرارها على نهج نفس السلوك يشكل عرقلة كأْداء أمام مسلسل انتقال بلادنا نحو الديمقراطية. هذا إذا كانت تؤمن، إيمانا حقيقا، بقيم الديمقراطية، ومستعدة للتشبع بثقافتها.

[caption id="attachment_22457" align="aligncenter" width="225"]محمد البريني محمد البريني[/caption]

بقلم: محمدالبريني