آراء وأعمدة

الشرعي يكتب.. الإرهاب: تحد عالمي

أسامة خيي الجمعة 23 ديسمبر 2016
No Image

AHDATH.INFO  خاص - بقلم: أحمد الشرعي

 

في برلين، ذكرتنا الفظاعة مجددا أن لا مكان في هذا العالم مستثنى من الجرم الإرهابي مهما تقوت السياسات الأمنية. التوقيت متزامن مع عملية نفذتها «بوكو حرام»، في غرب إفريقيا. نعم يحدث أن ننسى القارة السمراء دائما، لكن الأكيد أن دولا إفريقية عديدة تعيش على واقع الإرهاب اليومي والجريمة الجماعية.

الحرب على الإرهاب ضرورة، لكن هل هي كافية؟ العقل يتطلب تأطيرها أولا والعالم المتحضر يواجه خطر الهزيمة فيها إذا تخلى عن قيمه الأصيلة، التي يبدو أنها أصبحت هدف الإرهابيين الأول.

حرب أخرى، غير دامية، تنتظرنا جميعا. حرب اجتثاث أفكار الكراهية، وهي مسؤولية عميقة ملقاة على كل المجتمعات. للأسف في البلدان الغربية ارتفع صوت الانغلاق والانطوائية كسلاح لمواجهة الظاهرة الإرهابية. بينما يظل الإسلام بعيدا، أو على الأقل يشار إليه باحتشام، كدافع أولي لها.

العلمانية ترفع كشعار حرب ضد الإيمان، في الوقت الذي من المفروض أن تكون ضامنة للمعتقد، كل المعتقدات. هذه الانزلاقات تمنع النقاشات الصحية من إيجاد مكان لها في الفضاء العمومي، كاندماج المواطنين المنحدرين من الهجرة. سياسة «الجيتوهات» لم تنتج سوى أزمات متكررة، أخطرها الأصولية الدينية.

الأصولية الدينية ليست هدفا روحيا، بل ملجأ هوياتيا ضد بلدان الاستقبال، ومتهمة بالتسبب في كل أزمات وإحباطات وآلام المهاجرين. فمقترفو الفظاعات الأخيرة شباب ولدوا وتربوا في أوروبا. إنها نتيجة سياسات إدماج اجتماعي فاشلة. والخطأ الأكبر أن يتم تعليق هذا الفشل على ديانة أو ثقافة ما. وهو ما تحاول بعض الخطابات إقناعنا به.

تتوفر للعالم العربي الإسلامي اليوم فرصة الاضطلاع بدور مهم وحيوي. قبل الأسلحة، هناك أفكار يجب أن تحارب. التربية الدينية في كل الدول الإسلامية ليست مثالية بالمرة، لأنها تخلط دائما بين كل ما يتعلق بالإيمان والله والتاريخ والإنسان. هذا التعقيد المؤسس يجب أن يحل، إذا ما أردنا فعلا القضاء على السلفية الجهادية واستيهاماتها الإجرامية.

لا مناص إذا من أن تصبح الحرب على الإرهاب عالمية. التعاون الدولي حاضر، لكنه يظل بعيدا عن المثال المأمول. بين هذا وذاك، الاستراتيجية الأمنية لا تكفي لوحدها. فالملاحظ أن الحروب في العراق وأفغاستان، وخلق بؤر توتر جديدة، غذت الظاهرة الجهادية أكثر من أي وقت مضى.

المنتظم الدولي عليه مسؤولية استعادة الأمن والسلام في هذه الدول. وواهم من يعتقد أن حل تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل سيقضي على الظاهرة. القوى الكبرى عليها إعادة الدول الوطنية إلى شكلها الطبيعي وتفادي انهيار أو تفتت دول أخرى. غير أنه من واجب كل إنسان أن يساهم في هذا العمل. محاربة الكراهية والعنصرية والتحريض على العنف تصبح واجبا يوميا على كل رجل وامرأة في هذا العالم.

على الانترنيت، رواد افتراضيون من كل دول العالم بما فيها المغرب، يحيون قاتل السفير الروسي. الأمر يتعلق بجنحة في نظر القانون، لأنه يدخل في صميم تمجيد العمل الإرهابي، لكنه بالمقابل مؤشر دال على طول الطريق الذي علينا أن نقطعه لنستأصل الفكرة القاتلة.

الديمقراطية، التسامح والتضامن، هي الأمصال المضادة لهذا السم التي تتوفر عليها الإنسانية. لنستعملها جميعا.