آراء وأعمدة

الجزائر.. هذا الظل الجامد الذي "يرفض" ميركل و"يسمح" للمغرب بدخول (CEDEAO)

أسامة خيي الخميس 02 مارس 2017
No Image

AHDATH.INFO  بقلم شادي عبدالحميد الحجوجي

 

نشرت جريدة "الوطن" الجزائرية مقالا تحليليا حول ما سمته "العمى الاستراتيجي" الذي أصبح ملازما لنظام بوتفليقة، اعتبرت فيه أن رفض الجزائر لاستقبال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يصيب كل متتبع بالحيرة ويقتل فيه الرغبة في الكلام، باعتبار أن كثيرا من الدول خارج الاتحاد الأروبي تتمنى زيارة مماثلة.

وأوردت الصحيفة معطيات عن الفائض التجاري الألماني الذي يقدر ب 297 مليار دولار، وأوضحت أن الجزائر تساهم فيه بما قدره 8 ملايير دولار، وأن هذا الأمر لوحده كان يستوجب استقبال ميركل، لبحث سبل تغطية هذا العجز الجزائري، عبر اقتراح شراكات وتشجيع استثمارات فاعلين اقتصاديين ألمان داخل البلاد، مقابل مسألة الهجرة التي تشكل في الحقيقة، الدافع الأول لزيارة أنجيلا للجزائر.

وحسب هذا المنبر الاعلامي الناطق بالفرنسية، فان الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، في اشارة الى مرضه "المؤقت" الدائم، لم يكن ليسمح له بمناقشة عميقة مع المستشارة الألمانية حول هذا الموضوع كما مواضيع أخرى، حتى لو لم يتم الغاء الزيارة.

وربط كاتب المقال، القاضي احسان، بين "رفض" الجزائر استقبال ميركل، و فشل الجزائر في "عزل" المغرب بغلق حدودها معه، و كشف أن هذه السياسة التي اختارها النظام الجزائري لخنق المملكة، حتى تذعن لشروطه بخصوص قضية الصحراء، أثبتت فشلها الذريع، وأصبحت الجزائر هي المعزولة دوليا واقليميا.

العزلة الجزائرية ستترسخ أكثر بعد طلب المغرب الانضمام الى المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا (CEDEAO)، والتي أطلقت عليه صحيفة "الوطن" وصف "الزلزال الجيوسياسي"، مشيرة الى أن ملك المغرب قد "نعى" اتحاد "المغرب العربي" في خطابه أمام قمة "الاتحاد الافريقي" الأخيرة، و التي عرفت العودة المظفرة لبلادنا الى هذه المؤسسة القارية.

وأوضح صاحب المادة التحليلية، أن عضوية المغرب في "سيدياو" ستكون بمثابة مسمار آخر يدق في نعش الاتحاد المغاربي، ونصح القيادة الجزائرية بتغيير استراتيجيتها واستبدال الرغبة في رؤية المغرب معزولا، بسياسة تذهب في اتجاه اندماج اقتصادي مغاربي أفضل، لكنه تساءل عن مدى قدرة بوتفليقة على القيام بهذا التغيير، مادام يشكل في نظره عنوانا ل"الجمود المطلق في الفكر و الحركة"، هذا الجمود الذي يرفض استقبال ميركل، و يسمح للمغرب بالانضمام الى تكتل اقتصادي قوي وواعد يضم 15 بلدا من غرب افريقيا، بعد أن أصبحت القارة السمراء الميدان الجديد للديبلوماسية كما المقاولات المغربية.

التحليل الذي نشرته "الوطن" الجزائرية، محق في كثير من جوانبه، فعزل المغرب سياسة جزائرية فاشلة، منذ زمن، لأن أكثر بلد له اتفاقيات تبادل حر في الشرق الأوسط و شمال افريقيا هي المملكة المغربية، و أول بلد في فضاء "مينا" يحصل على شراكة متقدمة مع الاتحاد الأوروبي هو المغرب، وأول بلد مغاربي يعقد شراكة استراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي هو المغرب، وأول حليف عربي وشمال افريقي ل"الناتو" هو المغرب، وأول بلد من افريقيا الشمالية يبرم اتفاقا للتبادل الحر مع أمريكا هو المغرب، و انضمام المملكة الأكيد للمجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا يجعل من وهم وأسطورة و خرافة "عزل" المغرب من طرف الجزائر، نكتة سمجة، رددها للأسف الاعلام الجزائري لسنوات، بما فيه جريدة "الوطن".

وجبت الاشارة فقط أنه بعد الاعتراف بقوة المغرب الديبلوماسية، و"شلل" نظيرتها في نظام بوتفليقة، لا بأس من القول بأن زيارة ميركل للجزائر، لم تكن بسبب وخز ضمير اجتاح المستشارة الألمانية من جراء الفائض التجاري الذي لبلادها مع الجارة الشرقية، ولكن زيارة الجزائر كانت ضمن "رزنامة" بلدان تعتبرها ألمانيا مصدر تهديد و خطر و مشاكل، استثني منها المغرب، و ضمت اثيوبيا و مالي و النيجر و الجزائر و تونس ومصر.

وتبدأ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم الخميس زيارة تستمر يومين لمصر وتونس، في إطار سعيها إلى الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر شمال أفريقيا.

واعتبرت ميركل في موقفها الأسبوعي الأخير أنه "بدون استقرار سياسي في ليبيا، لن نكون قادرين على وقف المتاجرين بالبشر (...)".

وبعد أن زارت ميركل كلا من مالي والنيجر وإثيوبيا، وكانت تستعد للقدوم الى الجزائر قبل التوجه الى مصر وتونس، تم رفض طلبها "احتجاجا" على ربط بلاد بوتفليقة باثيوبيا و مالي والنيجر وليبيا، واعتبارها من "طينة" واحدة مع هذه الدول، وهذا ما لا تقوله الديبلوماسية الجزائرية، التي "استخرجت"، بدلا عن ذلك، حالة "القصبات الهوائية" للرئيس الجزائري، ك"عذر".. أقبح من ذنب (!).