كلمة الأحداث المغربية

هل تنتهي «البنكيرانية» و«الشباطية»؟

حكيم بلمداحي الاثنين 27 مارس 2017
24-217
24-217

AHDATH.INFO – خاص – بقلم حكيم بلمداحي

هل تنتهي «البنكيرانية» و«الشباطية»، وندخل مرحلة أخرى في الخطاب السياسي بالمغرب؟

البنكيرانية والشباطية ليست ظاهرة أو مذهبا في السياسة. إنها مجرد حالة تعبر عن ظاهرة صوتية لشخصين طبعا الحقل السياسي بالمغرب، في السنوات الخمس الماضية.

عشنا مع الرجلين مرحلة طابعها الأساسي، الفرجة والتنابز بالألقاب والزعيق، وتوجيه الضربات بدون قواعد، بشكل يشبه إلى حد كبير المصارعة في الوحل، مما يؤدي إلى المرمدة في الطين ورش المتفرجين بما يتطاير منه. وطبعا رش الحقل السياسي برمته بهذا الوحل…

البنكيرانية والشباطية نوع من الشعبوية المبنية على الزعيق والتهجم، والسعي إلى تخويف وتهويل الخصم والسخرية منه…تابعنا هذا الأمر في التجمعات الخطابية وداخل المؤسسات وخلال الاجتماعات الحزبية…

سيذكر التاريخ أن مرحلة في المغرب ارتهنها «التشيار» المجاني الذي يغلب عليه الطابع الذاتي والنفسي، وضيع على البلاد وقتا كان من المفروض أن يتم استثماره في البناء الديموقراطي وتوجيه النقاش السياسي والعمومي نحو القضايا الأساسية للبلاد.

غير أن الذي حصل، انحصر في الزعيق المجاني، واستسلمت الحياة السياسية للنقاش التافه والخصومات الجانبية والابتعاد عن الأسئلة الحقيقية التي من المفروض أن ينكب عليها المجتمع السياسي .

كان من المفروض أن تكون الهزة التي عاشتها المنطقة حافزا على ترسيخ وتطوير المكتسبات التي جاء بها دستور 2011. وكان من المفروض أن يتقدم المجتمع السياسي بالنقاش العمومي نحو الأمام، خصوصا في ظل الأمل الذي فتحته حراكات العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، واستثمار التطور الذي شهده المغرب بعد تجربة العدالة الانتقالية. لكن للأسف تاهت السياسة في شعبوية مقيتة، أبرزت هزالة الفاعل السياسي، وكرست الانتظارية التي كبحت عجلة المغرب منذ عقود.

سيذكر التاريخ أن جيلا من السياسيين قد أخلف موعده معه، في وقت يشهد فيه العالم تطورات سريعة، وتجتهد فيه القوى في مواجهة التحديات المخيفة التي نواجهها.

سيذكر التاريخ أن المغرب يعيش مرحلة فراغ مخيف ملأه بعض الساسة بالخواء الفكري وبالحديث في أتفه الأمور من أجل إثبات الذات فقط وليس من أجل تطوير النقاش والدفع بالعجلة نحو الأمام.

سيذكر التاريخ أن البعض عوم الأمور وشغل الناس بالأشياء الصغيرة، وعمق لديهم الشعور باليأس، في وقت ما أحوج البلد فيه إلى الأمل…

سيذكر التاريخ أن شعبوية مقيتة، بلا أهداف سياسية نبيلة محددة، وبلا رؤية واضحة تستشرف المستقبل، قد رهنت المغرب لفترة زمنية تقاس بميزان الذهب من حيث الأهمية.

سيذكر التاريخ أن «الشباطية» و«البنكيرانية» ضيعت على المغرب فرصة ثمينة، بلا معنى يذكر سوى تضييع الوقت في الخزعبلات…

فهل يفطن المغاربة إلى أن لا حاجة لتضييع المزيد من الوقت، وأن الوقت حان للعمل من أجل بناء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات والديموقراطية، التي لا سبيل غيرها لتطوير وجودنا؟ حقيقة الصفحة في حاجة إلى طي فعلي.