كلمة الأحداث المغربية

إغلاق القوس!

حكيم بلمداحي الاثنين 03 أبريل 2017
images
images

AHDATH.INFO – خاص – بقلم حكيم بلمداحي

ردود الفعل المتباينة حول إعفاء عبد الإله بن كيران من رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني، في مجملها، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعية، يغلب عليها الطابع الانفعالي. كان من المفروض أن يكون هذا الموضوع محط نقاش عمومي بأدوات ووسائط غير التي تتداول ذلك اليوم، وبشكل بعيد عن الشعبوية والتباكي الذي يروج له البعض.

التغيير الذي حدث على مستوى رئاسة الحكومة ليس تغيير شخص بشخص آخر، بقدر ما يعني بداية مرحلة جديدة في الممارسة السياسية في المغرب… لست هنا لأقيم هذا التغيير، لكن لابد من طرح جملة من الملاحظات.

التغيير الذي حدث هو إغلاق لقوس دام أكثر من خمس سنوات، وللأسف وسم المرحلة بنتائج لم تكن في مستوى التطلعات.

لقد كانت السنوات الخمس الماضية، وهو عمر الحكومة السابقة، التي اشتغل ابن كيران، وهو يقود مشاورات تشكيل الأغلبية، من أجل استمرارها، شبه خاوية في النتائج، بل حتى الذي تحقق هو عبارة عن اجراءات لا شعبية سيكون لها تأثير على النسيج الاجتماعي. ومن المفارقات العجيبة أن ضعف نتائج الحكومة لم ينعكس على صناديق الاقتراع، لأسباب جد معقدة…

القوس الذي أغلق يعني توجه نحو وقف تصور يستند عليه ابن كيران وإخوانه. تصور يقوم على فهم خاص للديموقراطية.

هي مرحلة إذن تتجه، في ظاهرها على الأقل، نحو الانسجام مع تصور الدولة المغربية الذي يتبنى الحداثة والديموقراطية والتناغم مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان.

إغلاق القوس يعني أيضا قطع الطريق أمام مد يعمل منذ البداية، برغبة واضحة في التحكم في كل مفاصل الإدارة، انطلاقا من أيديولوجية حركة الإسلام السياسي. هذا التحكم الذي بدأ يزحف بسرعة لخونجة الدولة والمجتمع، مستفيدا من فراغ مخيف بعدما طلقت الأحزاب التي تدعي الحداثة، مشروع الدفاع عن قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا…

لقد استغلت حركة الإسلام السياسي الحراكات التي شهدتها المنطقة، وحاولت الالتفاف عليها. وفي المغرب تستغل حركة الإسلام السياسي الأمر لتثبت مكانتها، لكن بهدف الهيمنة على كل شيء، والانفراد بالسلطة بدعوى حصولها على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات. الأمر هنا يتعلق باستغلال للمرحلة ومحاولة الاستفادة من ريحها بفهم خاص يختزل الديموقراطية في الانتخابات وفي صناديق الاقتراع.

حركات الإسلام السياسي، التي يمثلها توجه ابن كيران، لا تعترف بكون الديموقراطية انتماء مبني على قيم المواطنة، خارج الاصطفافات المبنية على الدين أو العرق أو القبلية. الديموقراطية كما يفهمها هؤلاء ليست مفهوما سياسيا، بل هي وسيلة يمكن استغلالها لنبد الآخر في الأخير وبناء نموذج يتيح لهم الحكم والتحكم والتسلط.

إغلاق القوس هو إذن تلجيم للمشروع المجتمعي الذي يتبناه ابن كيران في العدالة والتنمية وهو مشروع يتعارض مع توجهات الحداثة والديموقراطية

وهو المشروع الذي كان من المفروض أن تواجهه الأحزاب التي تدعي الحداثة، والتي يتبين أنها لا تحمل تصورا واضحا.

إغلاق القوس هو عنوان عجز الاحزاب السياسية تنظيميا وحركيا وفشلها في تملك أي تصور عن كيفية مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية،التي يواجهها المغرب.

فهل يسير المغرب بهذا التوجه الجديد نحو إعادة بناء مرحلة جديدة تفسح المجال لممارسة سياسية تقوم على الوضوح والانسجام مع خطاب الحداثة والديموقراطية وحقوق الإنسان؟ هذا هو المأمول، خصوصا وأن التحديات التي أمام المغرب خطيرة جدا، تتطلب مواجهة قوية بتصور واضح وبتدبير عقلاني لا يقبل تضييع المزيد من الوقت.