اقتصاد

معركة تستحق لأجل الوطن

بقلم: المختار لغزيوي الاحد 16 يوليو 2017
visiteR02102014
visiteR02102014

AHDATH.INFO -

المعركة التي تخوضها ضدنا الجزائر، وتسخر لها دولا أخرى لا تتردد في إشهار عدائها للمغرب، هي معركة تستحق كثيرا من الاهتمام الإعلامي الذي يذهب لمعارك أخرى ليست بنفس الدرجة من الأهمية إطلاقا

خذ لك مثلا مايقع مع جنوب إفريقيا بخصوص الباخرة المغربية المحملة بالفوسفاط وحاول أن تقارن ولو قليلا بين الحمية التي تبديها صحافة الجزائر حول هذا الموضوع، وبين الاهتمام العادي والبارد من طرف جزء كبير من إعلامنا المحلي بالأمر، بل واكتفائه بنقل قصاصة النبأ الرسمية والمرور إلي ما قد يخلق "البوز" أو ما قد يثير "الإثارة" أكثر مما هي مستثارة في مشهد إعلامي نتفق جميعا من أقصانا إلى أقصانا أنه ضيع بوصلة العقل المهني، ولم يعد قادرا إلا على ارتكاب المزيد من الارتباكات

هاته المعركة التي أخذت بعدا جديدا ومهما من خلال اختيار المكتب الشريف للفوسفاط التصعيد دفاعا عن ثروات الوطن ودفاعا عن حق المغرب في التصرف في مقدراته، هي معركة تستحق صراعا إعلاميا أقوى، وهي تستحق أن تفرد لها الصفحات في الجرائد والمواقع وبرامج التلفزيونات وأن تناقش بما يكفي لكي يفهم المواطن/المتلقي المغربي الخلفيات والمرامي

هي أيضا معركة وجب ربطها بالسياق السياسي الذي أنتجها وكان سببا رذيسيا فيها: عودة المغرب بقوة إلى قارته واعتماده على فاعلين اقتصاديين كثر في مقدمتهم المكتب الشريف للفوسفاط لتعزيز هاته العودة

أعداء وحدتنا الترابية، وأعداء مصلحة المغرب التقطوا الصفعة جيدا بعد أن داعبت خدهم على امتداد سنوات طويلة، وبعد أن وصل أثرها الكبير في قمة أديس أبابا بالخطاب الملكي القوي الذي توج العودة المغربية إلى قارتنا، وبذلك النداء الذي تردد في دواخل كل واحد منا "إفريقيا بيتي"

كان لزاما حينها على من يناصبون هذا البلد العداء المزمن أن يجدوا طريقة ما للتعبير عن غيظهم من تراكم فشلهم في إحباط عودة المغرب إلى قارته، فلم يجدوا إلا ثروة المغاربة الأولى لكي يطلقوا عليها رصاص حقدهم هذا،وهو ماتجلي في محاولات الاعتراض التي تعرضت لها سفينة مغربية أولى في بنما ثم ما عرفته السفينة الثانية في جنوب إفريقيا

كل هذا مفهوم، والمغرب توقعه واستعد له، لأنه يعرف أن المعركة لن تكون سياسية فقط من أجل استعادة المكانة اللائقة في القارة، بل هي معركة اقتصادية أساسا، وقد جرب البلد ذلك على امتداد عقود من خلال الدعم الخرافي الذي ظلت الجزائر تغدقه على البوليساريو لمساعدتها على البقاء على قيد الحياة

يبقى الآن أن تفهم طبقتنا السياسية أنها ليست معفاة من الانخراط في هاته المعارك وأن دورها ليس فقط أن تنقل لنا صراعاتها الداخلية كل مرة إلى مسامعنا، أو أن تدافع عن المصلحة الحزبية الصغيرة لمريديها ومن يشاطرونها الرأي، بل هي ملزمة بخوض معارك الوطن، بذكاء يفوق طريقة التصريحات المبرمجة أو المتفق عليها، وبشكل يمنح الواطن المغربي الإحساس - أو ربما الوهم لم لا؟ - أن لهاته التشكيلات السياسية فائدة على أرض الواقع

نفس الكلام يجب أن نقوله عن إعلامنا: إذا كان هذا الإعلام لن يهتم من الآن فصاعدا إلا بما يعتقده إثارة تخدم تيارا شعبويا جارفا، وسيترك القضايا الهامة لمن يعتبر أنهم أهلها الذين يفهمون فيها، والتي يتصور أنها لاتلاقي صدى لدى الجمهور العريض، فإن السؤال مطروح حول الدور الفعلي لهذا الإعلام الذي يعيش جزء كبير منه على الدعم العمومي، أي مال البلد الذي ينبغي أن يخدم البلد، لا أن يخدم المصالح الصغرى والعابرة لبعض من يمسكون بتلابيب هذا الإعلام المسكين

عندما نطرح الموضوع من هاته الناحية، نعرف أننا نلامس إشكالا حقيقيا، ونعرف أن القضية مزعجة وأن العديدين يفضلون تجاهلها أو تمثيل دور من لم يروا شيئا، لكن القضية يجب أن تطرح حقا، ويجب أن نجد لها حلا، ماذا وإلا خضنا كل معاركنا بطبقة سياسية تقدم لنا المرة بعد الأخرى شهادة الإعفاء الدالة على العجز وبإعلام ملزم يوما بعد الآخر هو الثاني بالإدلاء بشهادة السلامة المهنية لكي يستمر في ممارسته أو في ادعاء هاته الممارسة