ثقافة وفن

رسائل ملكية في عيد الشباب: كتب ومعرفة.. لا أوسمة!

بقلم: محمد أبويهدة الأربعاء 23 أغسطس 2017
عيد-الشباب-محمد-السادس
عيد-الشباب-محمد-السادس

 

AHDATH.INFO

«المال لا يدوم، والمعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب»، من الممكن أن نجتزئ هذه العبارة من خطاب الملك محمد السادس الأخيرة، ونسوقها موازاة مع الاستقبال الذي نظمه على هامش ذكرى ميلاده الرابعة والخمسين.

لا شك أن هناك إشارة مهمة خلال هذا الحفل وآخر سبقه بمناسبة عيد العرش.

في 30 يوليوز الماضي بطنجة لم يكن صف الموشحين طويلا كما العادة، حيث اعتاد الملك أن يوشح شخصيات عديدة تنتمي إلى مجالات متنوعة: سياسية واقتصادية وفنية ورياضية واجتماعية… كانت اللائحة مقلصة إلى أبعد مدى. لذلك جاء الخبر مختصرا، فقد وشح الملك بوسام الكفاءة الفكرية عدنان الرمال، أستاذ ومدير أبحاث بكلية العلوم بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، الذي حصل على جائزة المخترع الأوربي (صنف الجمهور) بفضل اكتشافه عقارا بواسطة زيوت طبيعية يمكن من زيادة المضادات الحيوية.

ووشح الملك أيضا عبد الواحد بنصر، أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، والذي ارتبط اسمه مؤخرا باكتشاف أقدم إنسان في العالم، إذ يعتبر بنصر واحدا من المشرفين على فريق البحث الدولي الذي عمل بجبل إيغود بحثا عن الأوموسابيان، وبنفس الوسام تم توشيح زميله في الفريق، جون جاك هوبلان، أستاذ ورئيس شعبة بمعهد ماكس بلانك للأنتروبولوجيا التطورية بألمانيا. وبوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الثانية، تم توشيح التلميذ أسامة مفتاح، الذي حصل على الباكالوريا بميزة مستحسن على الرغم من الإعاقة التي يعاني منها.

لائحة الموشحين لم تلفت الانتباه كثيرا، ولم يتم تداولها كما العادة على نطاق واسع، والتزم العديد من المراقبين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الصمت إزاءها، اللهم بعض الأشخاص الذين التقطوا الإشارة، وانتبهوا إلى أن لائحة المرشحين تضم أسماء وازنة على مستوى البحث العلمي، بالإضافة إلى الاستقبال الذي حظي به الشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي عمل بجد متحديا الإعاقة التي يعاني منها.

أول أمس، أعاد الملك نفس الإشارة من جديد إلى كل من يهمه الأمر، في حفل الاستقبال المنظم على هامش عيد الشباب وذكرى ميلاده، كانت لائحة الأشخاص الذين تم استقبالهم أطول بقليل، لم تكن هناك توشيحات ولا أوسمة كان هناك اهتمام كبير بالعلم والمعرفة مرة أخرى، وذلك عن طريق استقبال عدد من المفكرين والكتاب ليس للسلام على الملك فقط، بل لتقديم عصارة إنتاجهم بين يديه، وعلى هامشها جرت حوارات جانبية قصيرة استهلها الملك بالاستفسار عن الكتب، فيما انخرط الكتاب في شرح أعمالهم.

في مناسبات سابقة كان الملك من يبادر إلى تقديم الأوسمة والتوشيحات للشخصيات التي يتم استقبالها مكافأة على عمل قامت به أو نجاحها في مجال معين، بالأمس جاءت الأوسمة من الشخصيات عبارة عن كتب وإنتاجات فكرية وعلمية وثقافية، وهي إشارة بدون شك تعلي من شأن العلم والمعرفة وتدعو إلى الاستثمار في البحث العلمي.

وماذا بعد الإشارات…

لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال هذا التفاعل الملكي مع المجتمع، حديث كثير عن حق أو عن باطل كان يروج على هامش كل حفل توشيح، وطبعا الملك محمد السادس ينصت باهتمام لأحاديث الناس ولعل أكبر دليل هو خطاب العرش الأخير، الذي تحدث فيه بلسان المواطن الذي يشتكي من الإدارة وتدبير الشأن العام.

الخلاصة أنه على السياسيين والمسؤولين والمعنيين بقضايا هذا البلد التقاط هذه الإشارات والتفاعل معها وترجمتها إلى ما ينفع الناس.