السياسة

جمهورية جلالته: أكاذيب غير حقيقية !

أنجز القراءة: المختار لغزيوي الخميس 21 سبتمبر 2017
FullSizeRender (2)
FullSizeRender (2)

رحلة غير ممتعة في الكتاب/الأكذوبة لعمر بروكسي

AHDATH.INFO

لم يحدث إلا نادرا أن قرر كاتب أن يجعل من الكذب خطا تحريريا له في كتاب بأكمله من الصفحة الأولى حتى الصفحة ٣١٥ مثلما فعل عمر بروكسي ذلك.

الصحافي سابقا بمجلة « لوجورنال » والمكلف في وقت سابق أيضا بمكتب وكالة الأنباء الفرنسية في الرباط وبتيسير أمر انتشار قصاصات دون غيرها عن المغرب والذي قرر الهرب بعيدا عن الوطن، ومن هناك تسخير قلمه وبعض المعلومات الضئيلة التي توفرت له، لخدمة من يهمه الأمر يخرج يومه الخميس  ٢١ شتنبر في فرنسا عن دار نشر من الدرجة الثانية تسمى « العالم الجديد » كتابا اختار له من الأسماء عنوان "جمهورية جلالته" أراد من خلاله عديد الأشياء التي يمكن للقارئ أن يتمنى التوفيق لعمر في الوصول إليها مع أنه لم يستطع ذلك لأن النية لوحدها سواء كانت سيئة أو حسنة لاتكفي نهائيا

فعندما تجتمع قلة الخبرة المهنية مع انعدام الكفاءة مع الرغبة فقط في الإساءة وينضاف إلى هذا الكوكتيل غير المغري كثيرا الكذب والإصرار عليه، مع التقاط أخبار سبق لصحافيين آخرين أن ضمنوها في كتبهم تكون النتيجة هي كتاب عمر بروكسي، وتكون معها النتيجة الأخرى هي الاقتناع مرة أخرى، وليست الأخيرة بكل تأكيد، بأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، وأن كتابة تحقيق كبير أو من النوع الكبير أو يدعي أنه كبير أمر يلزمه أكثر من أمر واحد لكي يتحقق المراد، ويلزمه أساسا أن تتوفر القدرة على هذا التحقيق، والقدرة على الكبر للوصول إلى حجمه فعلا.

« الأحداث المغربية » سافرت حتى العاصمة الفرنسية باريس بعد أن سمعت بخبر خروج الكتاب وقررت أن تقرأه لقرائها وأن تقدم لهم مايسمى في دارج المؤلفات الصادرة حديثا « الأوراق الجيدة » سوى أنها عادت من رحلتها الفرنسية فعلا بخفي حنين إذ لم تجد أوراقا جيدة إطلاقا، لكنها بالمقابل وجدت كثيرا من الأكاذيب غير الحقيقية عكس عنوان الفيلم الشهير، وهو مااضطرها للوقوف عند هاته الأكاذيب واحدة واحدة لكي تخبر بها من سيتلون هذا الكلام، ولكي تنفع بها من سيعتبرون أن لدى مؤلف هذا الكتاب/ الخدعة أمورا جديدة سيقدمها للقراء

لن نقول هنا قراءة ممتعة، فالأمر شبه مستحيل مع أكذوبة ضخمة مثل التي اقترفها بروكسي، لكن سنقول قراءة ذكية ومحترمة لعقل القارئ، خصوصا عندما يتم مقابلة المعلومة الكاذبة بمعلومة صادقة، ويتم ترك الحكم النهائي لكل من سيطالع الكلام، تماما مثلما سيتم ترك السؤال الأكبر الذي حرك الكتاب : من المستفيد من جريمة الكذب هاته هاته؟  مطروحا على القارئ الفطن والنبيه لكي يرد عليه

لنقرأ ولننتبه…

كذبة التقديم: في البدء كان كريش والواجهة

عندما تورطت كاترين غراسيي في حكاية الابتزاز الشهيرة، وعندما حاصرتها وسائل الإعلام الفرنسية من كل جانب تسألها بعد إلقاء القبض عليها متورطة هي وإيريك لوران : هل حقا قمت أنت وزميلك بابتزاز المغرب وطلب المال بشكل رخيص وساقط  لقاء عدم نشر معلومات عن المملكة في كتاب؟ » لم تجد في الوهلة الأولى أي رد سوى أنها « لحظة ضعف إنساني ».

فيما بعد وعندما استجمعت كاترين بعضا من قواها فور المرور من الصدمة الأولى للتورط شرعت في التهديد وقالت لمن يريد سماع كلامها « سأكمل هذا المشروع، سأنشر هذا الكتاب وسأشوه المغرب الذي شوه صورتي ».

طبعا كان مشهد المرأة الصحافية مشهدا مسكينا، لأن الكل في فرنسا كان ينظر إليها بشفقة وغضب. الشفقة لأنها اعتقدت أنها أصبحت غنية مثلما قالت لإيريك لوران بعد أن تسلم كل واحد منهما مبلغ الثمانين ألف أورو في الكمين الشهير عندما كانت تصيح « لقد أصبحنا أغنياء، لقد أصبحنا أغنياء ». والغضب لأن الصحافة الفرنسية كلها تلقت ضربة في مقتل فيما يخص مصداقية ماتكتبه عن المغرب لأن الجميع أصبح يطرح السؤال: هل هذا الابتزاز وقع لأول مرة؟ وألم يتورط صحافيون فرنسيون من قبل في مثل هاته النازلة؟ ومامدى استقلالية هؤلاء الذين يقدمون الدروس يوميا للمغرب وللدول التي تشبهه من قلب صالونات تحريرهم الفاخرة والذين يدعون كل مرة أن لديهم معلومات ستهز هاته الدول؟ »

بسرعة نسيت الصحافة الفرنسية كاترين غراسيي وإيريك لوران واعتبرتهما معا علامة سقوط لابد من تجاوزها، لكن كاترين لم تنس وأرادت إتمام المشروع، سوى أنها لم تجد دار نشر واحدة محترمة في فرنسا تثق بها بعد سقطتها اللاأخلاقية المدوية

هنا كان ضروريا العودة لمن قالت كاترين بلسانها إنهم مصدر معلوماتها الأساسي حين كانت تفاوض المحامي هشام الناصري : الجناح المعادي للمغرب داخل المخابرات الفرنسية، أو للتدقيق أكثر الجناح الموالي للجزائر

على امتداد مايفوق الأشهر الأربعة بحث هؤلاء لكاترين عمن ينشر لها كلامها ولم يجدوا، لذلك كان اللجوء إلى المخطط باء أي البحث عن قلم آخر يحمل « الرسالة » ويكمل المشروع..وهنا عثر آلان كريش الذي قام بتقديم الكتاب على عمر في مفكرته أو في موقعه بالأنترنيت الذي يكتب فيه بروكسي مقابل تعويض على المقال.

تتمة الحكاية يمكن تخيلها: عمر لجأ إلى ماتبقى لدى كاترين من معلومات فارغة، وطعمها ببعض مما قرأه في كتاب عمار وتيكوا، وعزز الكل بقصاصات أفب التي كان يشتغل بها حول زكريا المومني وكريس كولمان وغيرها من القضايا، وبحث عن دار نشر متواضعة هي « العالم الجديد » قبلت على نفسها أن تطبع له وأن تنشر هذا المجموع من الصفحات الذي يحمل ظلما وعدوانا إسم كتاب والذي يحمل بهتانا وصف تحقيق صحافي وهو إلى الفراغ وتصفية حساب بقي عالقا منذ الصيف الماضي أقرب.

وماذا بعد؟ لا شيء. هنا تنتهي حكاية هاته الأكذوبة الكبيرة التي أسماها عمر « جمهورية جلالته » وجمعها بين دفتي كتاب، وهنا ينتهي كل الكلام

لذلك لا مفر من ترديدها دوما كلما طرح سائل السؤال بعد محاولة من هذا النوع: وماذا بعد؟ لا شيء. لا شيء فعلا وعلى الإطلاق …إلى الأكذوبة المقبلة أيها السادة