آراء وأعمدة

إنها كلمة المغاربة

أسامة خيي الاثنين 10 نوفمبر 2014
إنها كلمة المغاربة
MR-ELBRINI2

بقلم: محمد البريني

حلت ساعة الحسم. على الذين يحضرون، في مجلس الأمن، لخطط وقرارات ضد وحدة المغرب الترابية والوطنية، وعلى «الأصدقاء» الذين يتعاملون مع قضيتنا الوطنية بالغموض، والمغالطات، ويزجون بها، أحيانا، في المنزلقات، وعلى الذين يجندون العناصر الانفصالية داخل المغرب، ويوظفونهم للمس بالاستقرار والأمن، وعلى الذين يستغلون تسامح المغرب حين يختارون الخيانة والتآمر مع العدو، وعلى الذين يبذرون خيرات بلادهم من أجل منازعة المغرب حقوقه الوطنية، على كل هؤلاء أن يقرؤوا الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، قراءة متمعنة.

لقد وضع النقط على الحروف التي كانت ما تزال تحتاج إلى أن توضع عليها النقاط، وبعث رسائل أكثر وضوحا لمن لم يستوعب الرسائل السابقة، ونبه من كان يحتاج إلى تنبيه، وحذر من كان لابد من تحذيره، وأفهم من كان يمارس الغموض والخلط أن عليه توضيح نواياه، ووضع اللاءات الحاسمة في مكانها، حتى يعلم الجميع الخطوط الحمراء التي لن يسمح بتجاوزها.

قال ملك المغرب كلمة المغاربة كافة. قضية الصحراء لا تعني سكانها وحدهم، إنها تعني جميع المغاربة. المغرب، الذي يوجد في صحرائه، ويمارس سيادته عليها، لن يقدم أي تنازل غير ذلك الذي قدمه عندما بادر بعرض مقترح الحكم الذاتي. على من نسي هذه الحقيقة، أو تناساها، أو تجاهلها، أو استخف بها، أن يضعها الآن في الحسبان.

إذا استمرت قضية المغرب الأولى تتعرض للمغالطات والانزلاقات في الأمم المتحدة، فسوف يدخل ذلك عمل المنظمة الأممية في المأزق، ولن يبق لها، بعد ذلك، سوى رفع يدها عن الملف. أما المغرب فلن يظل مكتوف الأيدي. إنه يتوفر على الخيار البديل. والخيار البديل يوجد في مشروع الجهوية المتقدمة الذي سوف ينطلق تطبيقه خلال السنة القادمة.

قد يقول المتشائمون، إن المغرب سوف يخسر الكثير، وإن خطابه الجديد لن يجد صدى إيجابيا في المحافل الدولية، وقد يستعدي عليه حتى الأصدقاء، وقد يوفر للخصوم فرصة الحصول على المزيد من التأييد لأطروحاتهم داخل مجلس الأمن. وقد يقول المشككون في قدرات بلادهم، إن المغرب سوف يتعرض لهزائم ديبلوماسية، ولضغوط قوية لن يقو على تحملها، والصمود أمامها.

نعم، من الجائز أن تتكالب قوى متعددة ضدنا. أكيد أن النظام الجزائري سوف يعبئ المزيد من إمكانياته لتأجيج حربه ضدنا، وقد يدفع مليشيات الانفصال للعودة إلى الإعتداءات المسلحة، أو إلى اقتراف عمليات إرهابية. ليس من المستحيل أن ينقلب علينا بعض أصدقائنا، فينخرطون في مخططات يعدها خصومنا.

ألم تكن ممثلية الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة هي من بادر، في السنة قبل الماضية، بتقديم مسودة قرار لمجلس الأمن يدعو إلى توسيع مهمة «المينورسو»؟ ألم تكن الانحرافات التي شهدتها المساعي الأممية، من فعل جيمس بيكر وكروستوفر روس، وكلاهما أمريكيان، شغلا مهام عليا في الإدارة الأمريكية؟

لكن، هل يستطيع كل هذا أن يغير الواقع الذي تكرس خلال العقود الأربعة الماضية؟ لا مجلس الأمن الدولي، ولا النظام الجزائري، ولا الرجوع إلى العدوان المسلح، ولا ضغوط القوى الدولة ذات النفوذ الكبير، يستطيعون تغيير ما أنجزه وشيده المغاربة بأرواحهم وأموالهم .

يتعين ألا ننسى أن المغرب استرجع أراضيه وبسط سيادته عليها بعدما خاض معارك أشرس مما يتهدده اليوم، وفي وقت كان فيه شبه أعزل، وأقل قوة مما هو عليه حاليا. صمد خلال تلك العقود الأربعة أمام كل الزوابع الديبلوماسية والسياسية التي هبت عليه، وكل التحديات الأمنية التي فرضت عليه. وكالأمس، أو قبل الأمس، لدينا اليوم، كما قال جلالة الملك، «مبادئنا،وعدالة قضيتنا. بل لدينا أكثر من ذلك: حب المغاربة وتشبثهم بوطنهم».