ثقافة وفن

"كافر مغربي" : هكذا تحولت من الدعوة للإسلام إلى مهاجمة الأديان

سكينة بنزين الثلاثاء 17 أكتوبر 2017
Capture
Capture

AHDATH.INFO - حاورته سكينة بنزين

ما بين دور المسير الهادئ للمناظرات الجريئة، ودور الساخر المنتقد للفكر الديني في تمثيليات صوتية تعيد تصوير التراث الديني بطابع كوميدي لاذع، تتوزع شخصية هشام بوليمان المعروف بلقب "كافر مغربي"، الذي تحول من شاب متدين يدعو للإسلام، إلى مهاجم شرس للفكر الديني بوجه غير مكشوف.

هشام المقيم حاليا بمدينة مونتريال الكندية، ولد بتازة سنة 1976 وانتقل إلى القنيطرة بعد وفاة والديه. تنقل بين صفوف جماعة الإصلاح والتجديد، ثم العدل والإحسان حيث تشكل وعيه الديني، ليهاجر بعدها نحو ألمانيا لدراسة اللسانيات والدين المسيحي، حيث انتهى به المطاف كافرا بكل الأديان.

 

متى جاء التحول من شاب متدين تنقل بين عدد من الجماعات، إلى كافر يجاهر بقناعاته؟

التدين الحقيقي البعيد عن السطحية و الرياء وانتقاء ما يظهر جميلا من الدين، ما أسميه اختصارا "إسلام فلم الرسالة"، لم أجربه إلا بعد هجرتي إلى ألمانيا في بداية التسعينات. الوقت الذي كانت تدور فيه رحى الحرب الأهلية في الجزائر والبوسنة. شاءت الأقدار أن أسكن في مسجد من المساجد المعروفة في ألمانيا. التقيت هناك بمجاهدين عاشوا تجربة أفغانستان و الشيشان وكان المسجد بالنسبة لهم نقطة عبور للالتحاق بإخوانهم في البوسنة. نهلت العلم الشرعي على أيديهم وتأثرت بهم كثيرا.

نقطة التحول أو التجربة التي بدأت بسببها رحلة الشك هي دراستي للمسيحية. بعد خروجي من المسجد التحقت بجامعة مسيحية واضطررت للتسجيل فيها للحصول على سكن رخيص في الحي السكني الجامعي.

اصطدمت هناك بالإيمان المسيحي الذي لم أكن أعرف عنه إلا ما هو موجود في النصوص الدينية الإسلامية. وجدت صعوبات كبيرة في حوار الطلبة المسيحيين و إقناعهم أنهم ليسوا على شيء وأن الإسلام هو دين الحق. لم يكن عندي خيار آخر إلا دخول الحصص الدراسية والتعلم بجدية لإيجاد ثغرات في دينهم أستطيع من خلالها إثبات أنهم على باطل. العكس هو الذي حدث، وجدت أخطاء كثيرة ارتكبها كاتب القرآن تدل بما لا شك فيه أنه لا يفقه أبجديات الأديان الأخرى.

أصبحت أمام معضلة. إما أن أقبل الحقائق التاريخية وأكفر بالإسلام أو أن أتجاهل الحقائق وأبقى على إسلامي. اخترت الإسلام وبقيت عليه لمدة عشر سنوات، إلا أن تراكم الشكوك وطبيعتي الإنسانية التي لا تقبل بأي حال ما هو لا إنساني لا أخلاقي، دفعتني لترك الإسلام الذي أعتبره اليوم أخطر أيديولوجية على الإنسانية. الإسلام فاشية بختم رباني، أي أنها غير محدودة بمكان وزمن.

هل الانتقال من التشدد إلى مرحلة اللاتدين، تترجم مسار جديد من الوعي، أو رد فعل "متطرف" اتجاه انتكاسة نفسية في علاقة مع " الخالق" ؟

 التحول إلى اللادينية أو بالأحرى الرجوع إلى الأصل لأن الإنسان يولد دون دين ثم يتم تلقينه دين الأسرة التي ولد فيها، لا شك أن هذا التحول مسار جديد من الوعي.

الأديان، خاصة الإبراهيمية، قاعدتها لاإنسانية. كلها مبنية على فكرة "نحن ضد الآخر" المؤمنون إخوة والمؤمن عنده مكانة خاصة، درجة أولى في المجتمع، والباقون كفار نجس، حطب جهنم، درجة ثانية. بل هناك تفريق حتى بين المؤمنين، فهذا حر وهذا عبد، هذا ذكر وهذه أنثى. التحول إلى اللادينية هو تحول إلى الإنسانية، كل إنسان هو أخي في الإنسانية، لا يهمني عرقه أو دينه أو جنسه. الهشاشة الفكرية هي أن لا يعمل الإنسان عقله ويجتر الموروث من المهد إلى اللحد.

ما الهدف من تنظيم مناظرات بين أسماء وازنة في الحقل الديني والفكري على صفحتك؟

الهدف هو عرض الأفكار على الناس دون أجندة أو أي مصلحة شخصية. كل ما أقوم به ويقوم به من يساعد في التنسيق مع الضيوف، هو عمل تطوعي. جهد كبير ووقت نقتطعه من وقت أسرنا.

هذا فيما يخص المناظرات، أما الحوارات فهدفها يختلف. اعتدنا للأسف على نوع واحد من الحوار وهو الحوار على طريقة الاتجاه المعاكس المصحوب بالصراخ وخلع الأحذية. أريد أن أبين من خلال حواراتي، خاصة منها التي تكون مع أشخاص اختلف معهم في الرأي جملة وتفصيلا، أنه من الممكن أن ندردش في جو ودي دون حزازات أو كراهية أو رفع للصوت.

تتحفظ لحد الساعة على الظهور العلني، هل هذا يترجم خوفك من ردود فعل بعض معارضيك، خاصة في ظل لهجتك الساخرة والمستفزة في انتقاد كل ما هو مقدس؟

 السخرية أداة مشروعة للنقد والأفكار ليس لها حقوق. الإسلام ليس إلا أيديولوجية، مجموعة أفكار يمكن انتقادها والسخرية منها. العالم فهم هذا الأمر منذ زمن بعيد لكننا لازلنا نعيش في القرون الوسطى. عدم ظهوري للعلن له أسباب شخصية ليس لها علاقة بالخوف. ظهوري سيتسبب لا محالة في تدمير حياة أشخاص آخرين، لذلك أعتبر فعل ذلك أمرا لا أخلاقيا.

بالإضافة لكل هذا، ماذا سيتغير إن ظهرت للعلن؟ هل سيصبح الحديث الصحيح، الذي استعملته في مناظرة أو حوار، ضعيفا؟

 

لماذا لم تختر طريقا وسط بين الانتقاد و مراعاة المخالف المسلم، خاصة في الفيديوهات الساخرة، التي قد يتساءل البعض عن الهدف منها بسبب لغتها الجريئة واستعمال كلمات يصفها البعض بالبذيئة، كما هو الحال مع " نوستيكيات"؟

 هناك مجموعة من الإشكالات في هذا الطرح. أولا أنا أرفض فرض الرقابة على اللغة. الكلمات التي تسمى بالبذيئة هي مجرد كلمات مركبة من حروف. الذي يجعلها بذيئة أو جيدة هو السياق. الكلمة إن استعملت في السب والطعن أو في خطاب كراهية هنا يحق لنا وصفها بالبذيئة.

ثانيا مشكلة الدارجة التي لا نستطيع استعمالها للتعبير عن مشاعرنا و نلتجئ دائما للغات أخرى كالعربية. هنا بيت القصيد فيما يخص أعمالي الساخرة، بنفس المنطق الرسول والصحابة والقرآن يستعملون كلمات بذيئة. لكن لأنها عربية يتم تجاهلها. عندما يقول محمد لماعز في الحديث الصحيح: أنكتها يا ماعز؟ هل هذا الكلام بذيء أم لا؟

عندما يقول أبي بن كعب: أعضوه بهن أبيه، عندما يقول أبو بكر: امصص بظر اللات. طبعا إن استعملت أنا نفس الكلمات، بل ألطف منها بالدارجة سيقال عني أنني استعمل كلمات بذيئة. الذي لم يقتنع بعد ما عليه إلا أن يراجع كتب الفقه فهي تنضح بكلام يندى له الجبين.

أما عن الهدف فهو نزع القداسة عن المقدس وإظهاره على حقيقته المضحكة. لو تركنا المقدس دون نقد لما انتبه الناس لما فيه من كوارث.

لماذا اخترت لقب " كافر مغربي"؟

اخترته لسببين. السبب الأول هو أنني أتمنى أن يكون هذا اللقب دعوة للمسلمين ليبحثوا عن تبعات ذلك في دينهم. الكفر ليس نهاية القصة. الكفر تترتب عليه أمور كثيرة في الشريعة الإسلامية.

السبب الثاني هو التعايش والتطبيع، أملي هو أن يستأنس المسلم بفكرة وجود كافر ترك الإسلام ويصبح الأمر عاديا. حسب تجربتي أستطيع أن أقول اليوم أن المراد قد تحقق.

ما الهدف من نشاطك على مواقع التواصل، هل هي رغبة في تحريك المياه الراكدة، أم مجرد إثارة انتباه بالهجوم على المقدس؟

الهدف من كل ما أقوم به هو تأدية واجبي الإنساني. الإسلام بشريعته الهمجية خطر على الإنسان. واجبي هو تحذير الناس من هذا الخطر بكل الوسائل الممكنة.

استقبلت عددا من الأسماء العربية والمغربية، في نظرك من هي أكثر الأسماء التي تراها قادرة على إقناع المتلقي المسلم بإعادة التفكير في تراثه الديني؟

 أظن أن كل الأسماء لها تأثيرها ودورها المهم. مسألة الإقناع هي مسألة نسبية طبعا فالطريقة في الخطاب قد تؤثر في شخص ولا تؤثر في آخر.

كان الشيخ الفزاز ي من آخر ضيوفك، هل كان من السهل إقناعه بالظهور في ظل " الفضيحة" التي يعيشها، وكيف ترى كـ " كافر" ممارسات بعض " المؤمنين" تجاه المرأة؟

 الشيخ الفزازي تربطني به علاقة جيدة رغم سطحيتها ورغم اختلافي معه. الفضل في التنسيق معه يرجع إلى جنود الخفاء، أصدقاء رائعين، استطاعوا التواصل معه.

لا أحبذ كلمة "كافر" في هذا السياق لأنني لا أنظر للأمور بنظارات الكفر، بل بنظارات الإنسانية والأخلاق. ما يعتبره البعض فضائح، قد لا أعتبره أنا كذلك. إن كانت هناك موافقة بين طرفين راشدين على فعل شيء ما، سواء كان معاشرة جنسية أو شرب خمور أو ما شابه ذلك، فلا يمكن اعتبار ذلك عملا لا أخلاقيا. نعم ربما فضيحة بنظارات إسلامية، لكن نظاراتي ليست كذلك.

متى نراك بوجه مكشوف؟

لا أدري متى بالضبط فالقرار خارج عن إرادتي لأنه مرتبط بحياة أشخاص آخرين.