آراء وأعمدة

المغرب ليس مصنعا «لشهداء الخيانة»

أسامة خيي الاثنين 17 نوفمبر 2014
المغرب ليس مصنعا «لشهداء الخيانة»
MR ELBRINI

بقلم: محمد البريني

هل ننتظر، بعد الخطاب الملكي، أن يتعظ أولائك الذين يتآمرون مع العدو على الوطن، ويسددون الضربات تلو الضربات ضد وحدته الترابية والوطنية؟ هل يدركون مغزى ما جاء فيه عن الوطنية والخيانة فيهتدون، ويعودون عن ضلالهم؟ واهم من يظن أنهم فاعلون شيئا من هذا، وساذج من يعتقد أنه بالإمكان إقناعهم بالعودة إلى الصواب. لقد باعوا ضمائرهم للنظام الجزائري، وتسلموا الثمن عن ذلك.

وكلما أقدموا على عمل يمس بسيادة بلادنا، وبوحدته الترابية، كلما أغدق عليهم المزيد من المكافآت.

منذ خمس سنوات، سمع من يوصفون بـ«انفصاليي الداخل» كلاما مماثلا من أعلى سلطة في البلاد، فلم يتراجعوا عن سلوكاتهم. بل أوغلوا مزيدا من الإيغال في الخيانة، وازدادوا غطرسة وعجرفة. رغم ذلك، لم يتعرضوا لأية متابعة بسبب تورطهم في الخيانة والتآمر مع العدو. صاروا يقترفون جرائمهم بوجوه مكشوفة.

يتصرفون وكأنهم فوق القانون. يتوهمون أنهم انتزعوا حصانة مطلقة، يسهر النظام الجزائري على حمايتها بتوظيف أموال الشعب الجزائري، وأجهزته الاستخباراتية والديبلوماسية والإعلامية. إنهم يعتقدون أن الضجيج الذي تحدثه الجهات واللوبيات المسخرة من طرف النظام الجزائري هو الذي يحميهم من المساءلة، وهو الذي سيمكنهم من تحقيق أهدافهم.

يجب أن يوضع حد لهذا الوهم.

نعم لحرية التعبير عن الرأي، شريطة أن يكون ذلك الرأي نابعا من قناعة شخصية مستقلة، وأن تتم ممارسته بطرق سلمية، لا تمس أمن وسلامة الوطن والمواطنين، ولا تهدد ممتلكاتهم الخاصة والعمومية، ولا تخلق الاضطراب والفوضى، ولا تهدد الاستقرار. لكن ما يقوم به «انفصاليو الداخل» ليس تعبيرا عن الرأي. حقيقة نواياهم ونشاطهم ليست خافية على من يفتح عينيه قليلا. 

يسافرون إلى الجزائر وهم يعلمون أنهم مستدعون للقيام بأعمال تخريبية ضد البلد الذي يحملون جنسيته وجوازات سفره. ينتقلون إلى هناك ببطاقات سفر لا يؤدون ثمنها. تضمن لهم الإقامة والمأكل والتنقل في فنادق جزائرية بالمجان.

يتلقون تدريبات مكثفة من طرف خبراء جزائريين على كيفية إثارة القلاقل والفتن، وعلى كيفية اختلاق الأكاذيب والإشاعات لتغذية الدعاية الانفصالية. تمنح لهم أموال لمكافأتهم على الخدمة التي يؤدونها لنظام يشن منذ أربعة عقود، حرب الانفصال على المغرب.

يعودون إلى بلادنا، محملين بأدوات التحريض على العصيان، والتحريض على الانفصال. بمجرد هبوطهم في المطار، يتمردون على سلطة الدولة، ويرفضون الخضوع للقانون المعمول به في جميع مطارات العالم، ويثيرون الفوضى، ويعرقلون إجراءات استقبال المسافرين. يغذون يوميا الإعلام الجزائري بالمادة الدعائية. صاروا عيون وآذان مخابرات النظام الجزائري وأدواتها.

يقضون أيامهم في الاستعداد لتنفيذ التعليمات القادمة من العاصمة الجزائرية، أو من تندوف. لا يتوقفون عن استفزاز المشاعر الوطنية للمغاربة. يظلون يجوبون، بأموال جزائرية وجوازات سفر مغربية، عواصم العالم ليحرضوها على بلادنا....الخ. لو يتوقف النظام الجزائري عن إغداق الأموال عليهم لاختفت أصواتهم، ولأصيبت حركتهم بالشلل، وجمد نشاطهم.

إذا لم تكن هذه الأفعال أفعال خيانة، فما هي الخيانة؟ إذا لم تكن هذه الأفعال موجبة لإخضاع أصحابها للمساءلة القضائية، فما العمل لإيقاف الأذى الذي يسببونه لوطننا ؟ كان كلام جلالة الملك واضحا فيما يتعلق بالخيانة. كان واضحا عام 2009، وكان واضحا عام 2014. وأبرز أن الخيانة خيانة كاملة لا تراتبية فيها، وأنها لا تغتفر. أليست هذه توجيهات ملكية واضحة؟ هل ننتظر خمس سنوات أخرى للحديث عن تفعيل القانون حول الخيانة؟ مصير الخونة يجب أن يكون عدم الإفلات من العقاب. طال الزمن أم قصر.