ثقافة وفن

المسكوت عنه في موسيقى كناوة.. 8- عائشة تكشف هوية الجني الذي يسكنها ومايطلبه منها!

إنجاز: حسن البوهي الأربعاء 20 ديسمبر 2017
Capture d’écran 2017-12-20 à 11.03.51
Capture d’écran 2017-12-20 à 11.03.51

AHDATH.INFO

القراقب، الكنبري (الهجهوج)، الطبل...معدات موسيقية بسيطة تُشيّد بإيقاعاتها صرح سيمات عالم موسيقي يمتزج بطقوس احتفالية غرائبية تستلهم جوهرها من تراثيات افريقية انصهرت في البيئة المغربية لتنسج لنفسها لونا غنائيا روحانيا متفردا... ينقلكم  الموقع في هذا التحقيق للتعرف على هذا اللون الموسيقي، وتميط اللثام عن خباياه وأسراره المتوارية خلف مجموعة من الممارسات والطقوس التي يتحاشى العديد من رموز هذه الموسيقى الحديث عنها، فما هي أصول موسيقى كناوة وامتداداتها الطقوسية؟ وما حقيقة استحضار الجن والأرواح في ليلة دردبة؟ وكيف يتم ذلك؟ وما هي دلالات ذلك من وجهة نظر علمية؟

8- عائشة تكشف هوية الجني الذي يسكنها ومايطلبه منها!

بحثنا عن حالة "إنسان مسكون بالجن" -على حد تعبير المُخلصين- ، فلم يكن يسيرا أن نعثر على ذلك نظرا للتكتم الشديد الذي يحيط بهذا الموضوع، وحتى عندما كنا قريبين من الاتصال بهذه الحالات المعنية يمتنع أغلبها عن البوح.

بعد محاولات عدة عثرنا على عائشة سيدة في عقدها الرابع من أسرة التعليم بإحدى المؤسسات التعليمية بالصويرة، تلقت تكوينا تعليميا حديثا، وهي من ضمن المجموعة المحدودة التي تحيي مراسيم "الليلة الكناوية السرية"، تعاني حسب قولها من روح شريرة تسكن جسدها، تُذيقها أسوء العذاب الذهني والجسدي، حيث تنهال عليها ضربا وسوطا كلما رفضت الانسياق لطلباتها.

أظهرت إلينا جانبا من آثار ذلك على جسدها، وحول نوعية الطلبات التي تطلبها الروح الشريرة أوردت أنها تدعوها للارتداد عن الإسلام، والقيام بمجموعة من الطقوس والممارسات المسيئة للعبادات الإسلامية وللقرآن الكريم في أماكن وفضاءات لا تتوفر فيها شروط الطهارة.

امتنعت المتحدثة عن الإدلاء بأي تفاصيل أخرى بدعوى أنها ستعاقب على ذلك، وأَضافت أنها لم تكن تؤمن بالعديد من الممارسات الغرائبية إلا أن سلبية نتائج الفحوصات الطبية وعجز الأطباء عن علاجها وإيجاد تفسير علمي دقيق لحالتها جعلها تطرق باب الرقية والجلسات الكناوية الروحانية لأنها على حد تعبيرها تُخفّف من معاناتها وتٌخمد مؤقتا الروح الشريرة التي تستوطن جسدها.

أكّدت عائشة أنها تحضر مراسيم الليلة السرية أثناء ليلة القدر وتساهم بقدر مالي لا بأس به إلا أنها تمتنع عن تقديم الذبيحة لأنها لا تُذبح خالصة لوجه لله، إذ تنص الشعائر على أن تقدم قربانا للروح التي تسكنها، وهذه الممارسة تنحو بها للشرك والكفر وهو ما ترفض الامتثال له.

تضيف عائشة وعيناها مغرورقتان بالدمع "أرفض أن أشرك بالله ومع ذلك أريد أن أنعم بالطمأنينة كغيري من الناس، ليس لي مانع أن تسكن هذه الروح جسدي لكن شريطة أن تمنح لي حرية التصرف في أوقات محددة لممارسة شعائري الدينية..

أواظب على حضور جلسات الرقية والجلسات الروحانية الكناوية لعلي أتوصل إلى حل تفاوضي مع هذه الروح لنتساكن بسلام نحن الاثنين في جسد واحد..."حاولنا أن نحضر مراسيم هذه الليلة لاسيما أننا كنا في منتصف شهر رمضان إلا أن وسيطنا المصدري رفض ونصحنا أن لا نفكر في ذلك لأنها على حد قوله مغامرة غير محسوبة العواقب مخافة أن يتلبس جسدنا كائن جني  وقد يتغير معها مجرى حياتنا للأبد.

بالإضافة إلى أن هذه الليلة لا يحضرها إلا الأصفياء، ولن يتأتى لنا أن نكون بينهم إلا إذا حظينا بالثقة الكاملة، وهو ما يستدعي أن نواظب على الحضور وإقامات "الليلات الكناوية" بشكل دوري كل سنة والتدرج في الانتقال من مجموعة إلى أخرى وفق الشروط والمعايير التي يحددها المشرف أو المقدمة، وللمرور من كل هذه المراحل الاختبارية يتطلب ذلك حيزا زمنيا يتراوح ما بين 8 إلى 10 سنة، أمام إلحاحنا على الوسيط وعدنا أنه سيستشير أحد المشرفين على التنظيم وإن كان يعرف النتيجة مسبقا، لم يتأخر جوابه كثيرا وأخبرنا أنه لا يمكننا الحضور، حاولنا الاتصال به مرة أخرى إلا رقمه هاتفي كان غير مشغل.

بمدينة الصويرة دائما أفادت مصادرنا التي رفضت الكشف عن هويتها وهي المقربة من الوسط الكناوي بمدينة الرياح أن إحدى الوجوه النسائية الكناوية المعروفة بالمدينة تم توقيفها في السنوات الأخيرة من طرف رجال الأمن وهي متلبسة بممارسة طقوس السحر والشعوذة ببهو أحد الرياضات.

وأضافت المصادر ذاتها أن السيدة الكناوية المعنية بالأمر ذاع صيتها في صفوف مجموعة من نسوة المدينة وخارجها بقراءة الطالع عن طريق الورق ومادة الزئبق "ألدون" وتحضير بعض الأحجبة بدعوى أنها تطرد الأرواح الشريرة وتحصّن الجسد من المس والجن، ممارساتها التي تنهل من الدجل والنصب على الآخرين جعلت العديد من رموز الفن الكناوي بالصويرة يقاطعونها ويمتنعون عن إشراكها في طقوسهم الروحانية المسالمة.

للتأكد من صحة ذلك استعنا بخدمات سيدة من مدينة مراكش تقمصت دور امرأة عاقر تقوم بزيارة زاوية سيدنا بلال بالصويرة لتيسير حملها، يطلق على هذه الطقس الذي ستٌقبل عليه في عرف بعض الكناويين ب "الربطة" أو التسناد" تشرف عليها سيدة في عقدها الخامس، استقبلت المشرفة على الزاوية "المرأة الممثلة" وتلت عليها بعض الآيات القرآنية والتعاويذ المبهمة واضعة يدها على بطنها.

ثم قامت في مرحلة ثانية بإحراق بعض الأبخرة وأمرتها أن تمر فوق الجامور سبع مرات، وجلبت حبلا وأدارته على بطنها وهي تتلو بعض التعاويذ وأمرتها أن تحتفظ به طيلة مدة حملها، وأخبرتها في نهاية هذه المراسيم أن بركة الأولياء الصالحين بتيسير من الله ستحل في بطنها وستيسر عملية حملها في القريب من الأيام لترزق بمولود يبدد سنوات عجاف رحمها، وإذا تم "المقصود" حسب تعبير المشرفة فالسيدة ستكون مطالبة فور ولادتها بإحياء "الليلة" مع الذبيحة اعترافا بالجميل والتسناد الكناوي.