كلمة الأحداث المغربية

في انتظار زلزال الليشمانيا

حكيم بلمداحي الاثنين 15 يناير 2018
lishmanie
lishmanie

AHDATH.INFO

حوالي 2000 حالة إصابة بداء الليشمانيا تم تسجيلها إلى حد الآن باقليم زاكورة، منها 700 حالة في دائرة تينزولين وحدها. هكذا ينضاف المرض إلى معاناة السكان مع الفقر والحاجة وقساوة الطبيعة…

الرقم مخيف وكافي لتصنيف المنطقة كمنطقة وبائية واستنفار كل المتدخلين من أجل مواجهة هذا المرض البشع، وليس الاكتفاء بتبرير الواقع وتقادف المسؤولية بين المصالح…

المصابون يعانون الأمرين أمام بشاعة المرض لأنه عبارة عن بتور كبيرة في الجسم، بشعة المنظر ومؤلمة، وتزداد الحدة حينما تصيب الوجه أو أماكن حساسة… كما أنهم يعانون مع التطبيب حيث قلة الموارد البشرية، و غياب الأطباء المتخصصين في الجلد، هؤلاء الذين دأبوا على ترك أماكن عملهم من أجل العمل في أماكن أخرى ليست المغرب غير النافع، وهذا الأمر يضطر بعض المصابين إلى قطع مسافات طويلة لأخذ رأي الاختصاص في بعض الحالات…

مختصون من وزارة الصحة يقولون بأن العلاج متوفر، لكن القضاء على المرض لا يقوم على العلاج بل على الوقاية، وهذه مسؤولية مصالح وزارة الداخلية والجماعات الترابية. تبرير هؤلاء علمي بالدرجة الأولى لكون المرض ناتج عن طفيليات تنقلها دبابة الرمل من الفئران إلى الإنسان. بالتالي فالقضاء على الليشمانيا رهين بالقضاء على حامله وهو الفأر…

قد يكون لهذا التبرير نصيب من الصحة، غير أن بقاء هذا المرض إلى حدود اليوم في المغرب هو عار على البلد… وربما نجد تفسير هذا العار في تعامل المسؤولين مع الواقع الصحي بالمنطقة ككل. ونحيل هنا على الهيستيريا التي أصابت وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو في البرلمان ذات يوم لما طرح عليها سؤال الليشمانيا في الجنوب الشرقي من المملكة.. طبعا لم تكن هيستيريا غضب وإنما هيستيريا ضحك استغرب لها الجميع حينه…

لنعد شيئا ما إلى الوراء لنتحدث عن تاريخ هذا المرض في المنطقة… فإلى حدود الثمانينات كان نوع المرض مجهولا وكان القائمون على التطبيب في المنطقة في حيرة من أمرهم لا يعرفون شيئا عن الحالات التي تصلهم، إلى أن جاء يوم قرأ فيه رجل سلطة في مجلة عربية توصيفا للمرض واسمه، فاسترعاه تشابه التوصيف المكتوب في المجلة مع الأعراض التي توجد عند المصابين، فراسل رؤساءه في الأمر ليتم التعرف على المرض لأول مرة… منذ ذاك الحين اكتفت وزارة الصحة بتوفير العلاج وانتهى الأمر…

ألم يكن من الأجدى أن تواجه الجهات المختصة الداء منذ ذاك الحين؟ طبعا لا نستبعد هنا اللامبالاة وعدم الاهتمام بمنطقة تم تخصيصها للمعتقلات السرية والمنافي فقط… لنبرر الأمر بالنسبة للعقود الأخيرة من القرن العشرين، بمرحلة سنوات الرصاص وننهي الموضوع، لكن بعد المصالحة وابتداع فكرة جبر الضرر الجماعي، أليس من الأجدى القضاء على مرض من العيب أن يبقى موجودا في القرن الواحد والعشرين؟ أين هي المقاربات المندمجة التشاركية وغيرها من المصطلحات الغليظة مما يحصل الآن اليوم في المنطقة؟ أليس من الضروري استنفار كل المصالح والقدرات لمواجهة الوباء؟ هي أسئلة في اعتقادي لا تحتاج إلى زلزال أو قد تحتاج إليه…