ثقافة وفن

أغنية"ضمني" لسامية أحمد.. بصمة مغربية ذكية للأغنية الأصلية

حسن حليم الثلاثاء 23 يناير 2018
Capture d’écran 2018-01-23 à 11.03.38
Capture d’écran 2018-01-23 à 11.03.38

AHDATH.INFO

أن تطمح امرأة إلى قبلة حارة والمزيد منها أو معانقة حضن ساخن ، لم يكن أبدا كما يراه البعض نزوة جنسية أو رغبة جامحة تنتهي مع رعشة عابرة...

بل هو إحساس يسبح فوق الجاذبية وكثلة من الخلايا العاطفية الجياشة  التي تتحرك بفعل ارتباط وجداني وحرمان لاحتكاك جسدي لايخضع أبدا لقواعد الحواس الخمس المعروفة، يصل في كثير من الأحيان الى اشتياق حاد.. قد يتحقق أو لا، حسب قيمة الحب الذي يجمع بين الطرفين  والذي تتحكم فيه عوامل روحية لا نراها بالعين المجردة .

ويكون الخوف في هذه الوضعية هو القوة الضاربة، فهو يسرع التناغم بين الرجل والمرأة.. ويجعلهما يتشبثان بالوضعية الأنية، واغتنام فرصة وجودهما لتوطيد أحاسيسهما خوفا من الغد الذي قد يأتي أولا يأتي..

الفنانة سامية أحمد وهي تعيد أداء أغنية ( besame besame mucho ) بالنسخة العربية، كانت تعرف جيدا أنها وضعت نفسها في منطقة إحياء أحاسيس لم تكن ميتة، ولكنها كانت محتاجة لقلب دافئ يختار من العواطف الصادقة منها..وهي مهمة ليست بالهينة،تحتاج إلى نفس صافي يترجم الكلمات الساحرة الى مساحات راقية تؤطر بجمل موسيقية اصلية، لكن بنفحة عربية اصيلة..

هذا ما فعلته الفنانة سامية أحمد رفقة زوجها صاحب الإقتراح والشاعر هشام الخضير والموزع فؤاد خدري. الأولى استطاعت أن تترجم كل الأحاسيس الراقية للأغنية بواسطة صوتها الملائكي الذي أنسانا في كثير من اللحظات نبرات المغنية الاسطورة  crsaria evora والثاني اختار الكلمات الشاعرية الصحيحة ولم يسقط في الترجمة الحرفية والإبتذال..بل نجح في إيجاد نفس المعاني بنفس الإحساس،لكن بنسخة عربية.أما الثالث فكانت اختياراته جد موفقة باعتماده على توليفات موسيقية كانت القوة الضاربة للأغنية.

...أما العازفون منصف عدراوي على الة القانون ويونس أخراز على ألة البيانو ومحمد الهشومي على ألة الكمان القوة الضاربة في هذا الإبداع ،بإعطائه الطابع العربي بواسطة الكمان عوض القيتارة..

وانا اعيد شريط الأعمال الفنية العربية والفرنسية والإسبانية وغيرها التي أعادت أداء أغنية (besame besame mutcho) وتم الاعتماد فيها على القيتارة كألة ارتكاز..ربما احتراما لخصوصيات جذورها اللاتينية والإيبيرية، ولعبها أدوارا محورية في الحقل الموسيقي بهذه المناطق ...

وإذا رجعنا إلى نفس الأغنية ،نجد أن مبدعها  الأصلي عازف البيانو  الميكسيكي  conselo velasquez اعتمد أساسا  على نمط boléro  دو مينور..وهو نوع موسيقي  يعتمد  في رقصة( رومبا) القريبة جدا من الصالصا وتشاتشا المليئة بالأحاسيس الراقية.

الطاقم الفني المغربي وضمنهم الفنانة سامية احمد وضعوا بذكاء ألة الكمان كلمسة  ساحرة،أعطت للأغنية نكهة عربية خالصة....وهو في نظري اعتماد وجيه ساهم بشكل كبير في تجميع الجمل الموسيقية في حضن واحد،أدى في الأخير إلى وضعية موسيقية صحيحة، عانقت صوت الفنانة سامية أحمد بحنان،تيقنا  مع أدائها الرائع أنها أميرة تقبع في عرشها توزع مجموعة من الأحاسيس لتلج بسلاسة إلى قلوبنا وأفئدتنا ...أحسسنا انها جد مرتاحة  وهي تؤدي مقاطعها بكل دقة وتركيز، بدون ضغط ولا قيود.

بين اللحن والكلمات الشاعرية والتوزيع والأداء والعزف هناك تركيبة سحرية أعطت روحا عربية لأغنيةbesame besame muchu التي اختير لها إسم "ضمني "عوض " قبلني".

هذا النمط الموسيقي الذي كان يمتح منه عباقرة الموسيقى بالعالم العربي وعلى رأسهم الرحابنة الذين ضموه في مجموعة من الأغاني  التي ادتها السيدة فيروز  وفي مقدمتها رائعة "حبيتك بالصيف..حبيتك في الشتاء"...وترجمته فيروز بكل إبداع ورقي، كذلك ماجة الرومي ...وبعض المنتوجات الموسيقية الخليجية....حيث كانت بصمة موسيقى boléro واضحة.

سواء داليدا...andea bocelli reda domaz...sandra awad..  Vincent Nico ،و جورج بلانكو zoe،los panchos وغيرهم الذين أعادوا أداء اغنية besame besame mutcho بطرقهم الخاصة تحت تأثير خصوصيات محددة..إلا أن الفنانة سامية أحمد استطاعت أن تؤديها بنفحة مغربية خالصة كأنها تغني الشكوري أو الغرناطي وهو مالاحظناه جليا في la chute الأخير للأغنية عندما فاجاتنا بموال غرناطي أصيل.

عند وضع فيديو كليب أغنية "ضمني" للفنانة سامية أحمد وإخراج الشاب أشرف معدادي تحت المجهر..نستشف أن هناك عمل جماعي، أسس بمقاربة تشاركية بين جميع أفراد الطاقم الفني...ارتكز أساسا على قاعدة الصدق والإحساس الراقي لإخراج عمل موسيقي يرقى إلى مستوى الأغنية الاصلية..او يتفوق عليها...واضعا نصب أعينه مصداقيته وتمثيل المملكة المغربية، لأنه كان متيقنا أن هناك آذانا من كل أنحاء العالم تتربص به وتتلهف لسماعه  والحكم عليه.....

البداية مع ألة الكمان التي كانت طوع أنامل العازف الرائع هشومي، فعل بها ماشاء في محاولة لمصاحبة الآلات الموسيقية الأخرى من أجل تخطي جميع المنعرجات بكل هدوء وروعة..وكانت بصمة المخرج أشرف معدادي....واضحة وهو يؤتت المشهد تلو المشهد باكسوسوارات دالة تتناغم مع الكلمات الشاعرية المختارة..

هذه المشاهد كانت تتكسر مع ظهور ألوان فاقعة للمنازل المتراصية على الشاطئ، وكانت مزعجة  للعين أحيانا...على اعتبار ان هذه الكلمات الساحرة والجمل الموسيقية تحتاج إلى ألوان داكنة كالتي اطرت الة الكمان والشموع ومنظر الغروب والطيور.....

على العموم تفوقت الفنانة سامية احمد الى درجة كبيرة في اغنية ضمني واستطاعت ان تتلمس احاسيسنا....

وهو عمل فني تشكر عليه..ينضاف إلى صنف الإبداعات الذكية التي تحترم اذواقنا.