ثقافة وفن

الوزيرة السابقة مادلين أولبرايت: ترامب يعيد الفاشية للحياة مجدداً !!

متابعة الثلاثاء 10 أبريل 2018
awlbrayt
awlbrayt

AHDATH.INFO

المخاوف ومشاعر الرعب التي كانت تسيطر على العالم قبل إعدام موسوليني وانتحار هتلر يبدو أنها قد تعود من جديد.

فالفاشية -والاتجاهات التي تقود نحوها- تشكل الآن تهديداً أخطر من أي وقتٍ آخر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حسب التحذير الذي وجهته مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة في مقال لها نشر في صحيفة The New York Times الأميركية.

أولبرايت رأت أن خطر الفاشية يتصاعد لأنه يلقى ما يشبه الرعاية أو التشجيع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متسائلة هل يمكن وقفه قبل فوات الآوان؟.

الوزيرة السابقة عرضت في مقالها ما اعتبرته إشارات كثيرة تنذر باحتمال صعود الفاشية منها السعي الحثيث للأحزاب الحاكمة لانتزاع المزيد من السلطة في المجر والفلبين وبولندا، وجميعها دول حليفة للولايات المتحدة.

وكذلك الغضب الصريح الذي يُؤجج الفاشية والذي يظهر واضحاً على جانبي المحيط الأطلنطي في نمو الحركات الأهلانية (التي تفضل مصالح المولودين في البلاد على المهاجرين) المُعارِضة لفكرة وجود أوروبا موحدة، بما في ذلك في ألمانيا، حيثُ برز حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف باعتباره حزب المعارضة الرئيسي.

ويظهر خطر الاستبداد في روسيا فلاديمير بوتين، الابن المتباهِي للجنة أمن الدولة السوفيتية (KGB) الذي غزا أوكرانيا، وتدخَّل في الديمقراطيات الأجنبية، والمُتهم بأنَّه قاتلٌ سياسي وكذَّابٌ وقح، حسب وصفها.

وقد أُعيد للتو انتخاب بوتين لولايةٍ جديدة من 6 سنوات، بينما في فنزويلا من المتوقع أن يفوز نيكولاس مادورو المتعصب في انتخاباتٍ صورية تجري الشهر المقبل مايو.

وفي الصين، أقنع شي جين بينغ المؤتمر الشعبي الوطني الصيني الخانع برفع القيود الدستورية التي تُحدِّد فترة ولايته في السلطة.

وتحدثت أولبرايت عن وضع العالم العربي قائلة: وحول البحر المتوسط، تعرَّض الربيع العربي الذي كان يبدو مشرقاً في البداية للخيانة من جانب الحكام المستبدين أمثال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أُعيد انتخابه للتو أيضاً)، الذي يستخدم الأمن لتبرير سجن الصحفيين والمعارضين السياسيين. ولا يزال الطاغية بشار الأسد محتفظاً بقبضته الخانقة على معظم سوريا بفضل حلفائه في موسكو وطهران، حسب تعبيرها

وفي إفريقيا، الرؤساء الذين حكموا لأطول فترات هم غالباً الأكثر فساداً، الأمر الذي يُضاعف الضرر الذي يُلحقونه ببلادهم في كل سنةٍ تمر.

كيف يعزز ترمب فرص الفاشيين؟

رئاسة دونالد ترمب المضطربة تُعزِّز إمكانية أن تحظى الفاشية بفرصةٍ جديدة لتتبختر على الساحة العالمية، هكذا تحملها أولبرايت المسؤولية.

إذ تقول إن كان للحرية أن تنتصر على الكثير من التحديات التي تعترضها، فإنَّ هناك حاجة مُلِحّة لقيادةٍ أميركية. كان ذلك من بين الدروس المستمدة من القرن العشرين. لكنَّ ترمب، بما قاله وفعله ولم يفعله، قلَّص باطرادٍ نفوذ أميركا الإيجابي في التجمعات الدولية، حسب الوزيرة السابقة.

فبدلاً من حشد التحالفات الدولية لمواجهة المشكلات العالمية، يُروِّج ترامب لمبدأ “كل دولة تعمل لمصلحتها”، وقاد أميركا إلى مواقف تقف فيها معزولةً في ما يتعلَّق بالتجارة والتغير المناخي والسلام في الشرق الأوسط.

وبدلاً من الانخراط في دبلوماسيةٍ إبداعية، أهان جيران وحلفاء الولايات المتحدة، وانسحب من اتفاقياتٍ دولية رئيسية، وتهكَّم على منظماتٍ متعددة الأطراف، وجرَّد وزارة الخارجية الأميركية من مواردها ودورها.

وبدلاً من الدفاع عن قيم المجتمع الحر، عزَّز ترمب -بازدرائه الذي يُعبِّر عنه في كثير من الأحيان ضد بناء التكتُّلات الديمقراطية- قبضة الدكتاتوريين. فلم يعودوا بحاجة إلى خشية انتقادات الولايات المتحدة لهم بخصوص حقوق الإنسان أو الحريات المدنية. بل على العكس، بإمكانهم أن يُشيروا -وهم بالفعل يقومون بذلك- إلى تصريحات ترامب نفسه لتبرير أعمالهم القمعية.

وبدلاً من التصدي للمتنمرين، يبدو أنَّ ترامب معجبٌ بهم، وهم مسرورون بأنَّه يُمثِّل صورة الولايات المتحدة. وإن فكَّر المرء في صياغة سيناريو يؤرِّخ لعودة الفاشية، فإنَّ التخلِّي عن القيادة الأخلاقية الأميركية سيكون مناسباً كمشهدٍ أول.

هل يطلق العنان لأحداث خارجة عن سيطرة أميركا؟

الأمر المثير للقلق، حسب آولبرايت، هو إمكانية أن يُطلق ترامب العنان لأحداثٍ لا هو ولا غيره بإمكانهم السيطرة عليها. إذ تتغيَّر سياسته تجاه كوريا الشمالية يومياً، وقد يعود سريعاً إلى تهديدات الحرب إذا أثبتت بيونغ يانغ أنَّها صعبة المراس قبل أو أثناء المباحثات.

وقد يؤدي تهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 إلى تفكيك اتفاقية جعلت العالم أكثر أمناً، وربما يؤدي إلى تقويض سمعة أميركا في ما يتعلَّق بجدارتها بالثقة في اللحظات الحاسمة.

وقد ينتج عن دعمه لفرض التعريفات الحمائية انتقامٌ من كبار الشركاء التجاريين، ما يخلق صراعاتٍ غير ضرورية ويُعرِّض ملايين الوظائف المُعتمِدة على التصدير للخطر.

ما الذي يجب عمله للتصدي له؟

أول ما يجب عمله لوقف ترمب، من وجهة نظر أولبرايت، هو الدفاع عن الحقيقة. فالصحافة الحرة على سبيل المثال ليست هي عدو الشعب الأميركي؛ بل حاميته.

ثانياً، لابد أن تعزيز مبدأ أنَّه لا أحد فوق القانون، حتى الرئيس.

ثالثاً، على الكل أن يقوم بدوره في تنشيط العملية الديمقراطية عبر تسجيل ناخبين جدد، والإنصات باحترام لأولئك الذين نختلف معهم، وأن نطرق الأبواب للترويج لمرشحينا المفضلين، وأن نتجاهل النصيحة المتشائمة التي تقول “ليس بالإمكان عمل شيء”.

تختم أولبرايت مقالها بالمطالبة بالدعوة للعودة عن سياسات ترمب متسائلة هل يمكن لدولة ما أن تستحق هذا الوصف بالاصطفاف إلى جانب الدكتاتوريين والمستبدين، وتجاهل حقوق الإنسان، والإحجام عن التحرك لحماية البيئة، والامتناع عن استخدام الدبلوماسية في الوقت الذي تتطلَّب فيه تقريباً كل مشكلة خطيرة التعاون الدولي؟.

وتقول: بالنسبة لي، تتجاوز العظمة مقدار الرخام الذي نضعه في ردهات فنادقنا، وما إذا كان لدينا عروضٌ عسكرية على النمط السوفيتي أم لا. أميركا في أفضل حالاتها هي مكانٌ يعمل فيه الناس من خلفياتٍ متعددة معاً لحماية الحقوق وإثراء حياة الجميع. هذا هو النموذج الذي طالما كنا نطمح لوضعه، والنموذج الذي تتوق الشعوب حول العالم لرؤيته. ولا يجب السماح لأي سياسي، حتى لو كان ذاك الموجود في المكتب البيضاوي، أن يُشوِّه ذلك الحلم.