السياسة

أسرار الحرب المغربية على الإرهاب

لويس راغاميل ‘‘ فالور اكتويل‘‘ - ترجمة سعيد نافع الاحد 17 يونيو 2018
Capture d’écran 2018-06-17 à 13.22.44
Capture d’écran 2018-06-17 à 13.22.44

AHDATH.INFO

على الرغم من المشكل المفتعل في الصحراء الغربية من قبل جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر وتحركاتها في كل الاتجاهات، يظل المغرب بلدا مستقرا، بعد أن نجح في تطوير حقله الديني، وأجهزته الأمنية، لمواجهة التطور المستمر في الجريمة المنظمة وتنامي التيارات الإرهابية والمتطرفة

الصحيفة الفرنسية تتسائل إن كان فرنسا أن تحتذي بالمغرب في أقلمة الإسلام مع القوانين

أسرار الحرب المغربيةعلى الإرهاب

الحلول في الرباط في نهاية أبريل الماضي، أتاح لنا فرصة التعرف على خارطة الطريق المغربية في الحرب على الإرهاب، والتوغل في أعماق وكواليس الاستخبارات في المملكة المغربية. المغرب الذي لم يثبت فقط أن رياح الربيع العربي لم تؤثر فيه، بل أجهض كل مخططات التطرف للتسلل إلى أركان الدولة والمجتمع، نجح من 2015 في تفكيك ما لايقل عن 53 خلية جهادية، و815 شخصا من بينهم 100 من العائدين من بؤر القتال ( 87 من سوريا و 13 من ليبيا )، مجنبا مواطنيه ويلات هجمات دموية كانت وشيكة.

خطة.. بسرعتين

حتم الإصلاح العميق الذي توخاه المغرب، شحذ العزم على مواجهة خطر التطرف في مجالين، وبسرعتين مختلفتين. أولا، تجديد الحقل الديني بعد الاعتداءات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء في 16 ماي 2003 التي تبناها تنظيم القاعدة. ثن تحديث الجهاز الأمني عبر تعميق العمل الاستباقي الاستخباراتي، لتجنيب كل شبر من تراب المملكة من الوقوع في براثن الفعل الإرهابي الإجرامي الدموي. فمنذ 2003، ولمحاربة التيارات الدينية المتطرفة، أقر الملك محمد السادس خطة جديدة لتكوين الأئمة، حيث أصبح من المفروض على كل إمام أن يتخرج من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة بالعاصمة الرباط  التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

أصداء الخطة المغربية في مواجهة التطرف، لاقت الكثير من الصدى الطيب في الخارج. غينيا، تشاد، نيجيريا، الغابون، غامبيا، السينغال.. وحتى فرنسا، تبعث سنويا عشرات الأئمة للخضوع لدورات تكوينية في معهد الرباط. ويستفيد الأئمة الطلبة من برامج دراسية تعمق الفهم في مجالات العلوم الإنسانية، وعلم الاجتماع، والفلسفة ومبادئ التواصل. يتلقى الطلبة أيضا تكوينا مهنيا في مجال محدد كالفلاحة أو الكهرباء أو البرمجة المعلوماتية، لتشجيعهم على اكتساب رزقهم بأيديهم، ما يعفيهم من السقوط في الحاجة التي قد تدفعهم للارتماء في حضن المنظمات الإرهابية بسهولة.

كانت من نتائج هذا التحديث في الحقل الديني، خلاء صلاة الجمعة التي يؤديها 45 ألف إمام في أزيد من 41 ألف مسجد وتؤم ما لا يقل عن 7 ملايين شخص، من أي إمام ينصب نفسه بنفسه وليا على صلاة المؤمنين في المغرب. أوقفت السلطات المغربية ما لا يقل عن 20 إماما حاولوا تنصيب أنفسهم من تلقاء أنفسهم، بعد أن تبين أن أفكارهم التي يحاولون بثها بين المصلين لا تلتقي مع مبادئ الإسلام الوسطي المعتدل والمتسامح، التي يحاول المغرب إرسائها للقطع مع التوجه الدموي للتيارات المتطرفة.

بعد الحقل الديني، جاء الدور على الجهاز الأمني بعد اعتداء مقهى أركانة في مراكش العام 2011 والذي أودى بحياة ما لايقل عن 18 شخصا وإصابة العشرات بجراح متفاوتة الخطورة. وعلى الفور تم منح الصفة الضبطية لكل موظفي الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ( جهاز الاستخبارات الداخلي ). تم تعيين عبد اللطيف الحموشي، الشاب ذي ال39 ربيعا آنذاك، على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، الذي باشر حملة تطهير واسعة في الجهاز الذي كان يعرف تجاوزات كثيرة، مرتبطة بسلوكات خاصة لبعض موظفيه. بالنسبة للحموشي، الأمني الذي توكل إليه مهمة القضاء على الإرهابي، يجب أن يتمتع بعقلية نظيفة وسليمة.

من أهم الأوراش التي باشرها الحموشي بعد تسلمه مسؤولية أهم منصب أمني في البلاد، القطع مع الصورة القديمة للأمن المغربي وما راج حوله من تصورات حول انتزاع الاعترافات بطرق غير ديمقراطية، بل وغير إنسانية في بعض الحالات من المتهمين. فتح الحموشي الأبواب على مصراعيها أمام النيابة العامة للتحري حول طريقة التعامل مع الموقوفين، ثم جرى في أثر عقد شراكات واتفاقيات مع مؤسسات دولية، أوروبية وأمريكية، معنية بالعلاقة بين الأمن وحقوق الموطنة.

تطور العلاقة بين الجريمة المنظمة والإرهاب، دفع الحموشي في مارس من العام 2015 إلى أحداث ‘‘الإف بي آي ‘‘ المغربي : المكتب المركزي للتحقيقات القضائية وعين على رأسه، الشخصية الأمنية الأكثر معرفة بقضايا المخدرات والجرائم المالية، عبد الحق الخيام. يتوفر البسيج على فرقة خاصة، تعتبر بحق الذراع العسكري لجهاز مراقبة التراب الوطني، وتضم 400 محقق و700 أمني. ومنذ إحداثه أجاب البسيج على أول التساؤلات التي أثيرت حول اعتقال المشتبه بهم في قضايا الإرهاب، حيث أكد الخيام، على أن المكتب يعتقل ويستجوب كل مشتبه به، وفي حالة الشك، يتم عرضه على العدالة.

تفكيك خطاب التطرف

باستعمال وسائل دينية فعالة، استطاع المغرب مكافحة الظاهرة الإرهابية بشكل استباقي وذلك منذ العام 2006، تاريخ إنشاء الرابطة المحمدية للعلماء، التي عهد إليها بتأطير الفقه والشريعة حسب المنظور الإسلامي المعتدل، والتي تحولت منذ ذلك التاريخ إلى منارة في استنباط الأفكار المعتدلة. وتشرف الرابطة على 36 موقعا على الانترنيت وتطلق ألعاب فيديو للأطفال، وتوزع آلاف النشرات التي تتضمن رسوما تستهدف فئات عمرية معينة، في محاولة لإنقاذهم من السقوط في براثن الإرهاب، أو الاستقطاب التكفيري الجهادي.

الرابطة، وقبل الشروع في برنامجها الموجه للشباب والصغار، استعانت بخبرات محللين نفسانيين واجتماعيين، لفك الأركان الخمس التي يعتمد عليها خطاب التطرف الديني. وهي أولا وهم الوحدة، حيث يفترض الخطاب الجهادي بأن ‘‘زعماء الدول العربية والإسلامية جنود في خدمة الغرب ويسعون إلى تفرقة المسلمين ضدا عن إرادة الله‘‘. ثم العفاف وذلك عبر المساعدة في تزويج كل الشباب العازب الذي لا يصعب عليه الارتباط ماديا، عبر توفير قاعدة من جهاديات النكاح اللواتي تم التأثير عليهم بنفس الطريقة. وثالثا، الطهرانية عبر الادعاء بأن طريقة إسلام باقي الناس غير صحيحة. ورابعا وهم الخلاص، حيث يسعى لإقناع المستقطبين الجدد بأهمية المشاركة في المشروع الإلهي على الأرض. وأخيرا، تسهيل الوهم بالحقيقة عبر تقسيم العالم إلى ثانية حرام / حلال...جنة / نار