كلمة الأحداث المغربية

بلمداحي يكتب: ضحالة سياسية!

حكيم بلمداحي الاثنين 23 يوليو 2018
1200px-Rabat_-_building_of_parlament
1200px-Rabat_-_building_of_parlament

AHDATH.INFO

نقاش معاشات البرلمانيين في الوقت الراهن هو نقاش خارج السياق، بل هو تعبير عن ضحالة المجتمع السياسي بشكل عام. النقاش أصلا مغلوط وهزيل وتافه، وذهاني حتى..

لا يمكن لعاقل أن يفهم، أو يتفهم، هذا النقاش أصلا، لأنه يأتي في سياق مغربي حرج يتطلب التوجه بجدية وصرامة إلى القضايا الأساسية.

الزمن المغربي اليوم حرج بكل ما تحمله الكلمة من معنى. هناك قلق مجتمعي بلغ حد المرض. وهناك مشاكل مجتمعية بلغت من الكبر حد الإحساس تجاهها بالفزع والرعب. وهناك عمل كبير جدا ينتظر كل أطياف المجتمع، بمؤسساته وهيآته ومواطنيه، وللبرلمان الجزء الوافر من هذا الهم.

المغرب الاقتصادي شبه مشلول، سواء في جانب الاستثمار، أو الرواج، أو النمو، أو الحركة...

هناك مشاكل عويصة تعرفها القطاعات الاجتماعية الأساسية، في التعليم والصحة والشغل...

هناك ألم حقيقي يعاني منه المجتمع الذي انسدت في وجهه الأفق، ولم يعد يرى أمامه سوى الظلام...

هناك إحباط فظيع يعيشه شبان وشابات المغرب وهم مستقبل المغرب...

هناك تفتيت متواصل وسريع للطبقة المتوسطة. هذه الأخيرة التي تتحمل أوزار كل الأخطاء السياسية والاقتصادية التي تقترف في البلد بشكل تصاعدي.

هناك تهديد حقيقي لكل شيء، وفي كل شيء في البلد، في مناخ دولي وإقليمي مرعب...

هل في ظل هذه الكتلة من المشاكل والتحديات يمكن السماح باختزال النقاش في موضوع جانبي كموضوع معاشات البرلمانيين؟ الجواب واضح للعيان، اللهم إلا إذا أصبحت خدمة الشأن العام ثانوية عند برلمانيي الأمة، واستكانوا إلى منطق «اللهم ارحمني أولا»..

لقد حدد الدستور للبرلمان مهام جسيمة تتطلب عملا جبارا ووعيا بالمسؤولية.. فهناك الجانب التشريعي، لكن هناك أيضا المهمة الرقابية التي يمكن أن تكون ذات أهمية قصوى في ما يعيشه المغرب اليوم..

من المفروض في البرلمان أن ينشئ لجان التقصي والتحقيق في العديد من القضايا التي تؤرق المجتمع ومؤسساته. وما أكثر القطاعات التي تتطلب البحث والتقصي وفضح المختبئ من الأشياء، وإحالة الملفات على القضاء إذا ما تبين وجود تجاوزات قانونية.

من المفروض في البرلمان أن ينشط النقاش العمومي في عدة قضايا، وما أكثرها للأسف، وذلك من أجل البحث عن حلول، والبحث عن النموذج الاقتصادي والتنموي الذي يليق بالمغرب اليوم..

لكن أن يترك البرلمانيون كل هذه الأشياء، ويهتمون بموضوع جانبي، فهذا عنوان للضحالة السياسية، وتعبير عن بلوغ البلد مرحلة سياسية صعبة جدا، بل مخيفة.. «والله يحد الباس» كما يقول المغاربة في الكوارث..