السياسة

إحاطة كوهلر لمجلس الأمن حول إطلاق عملية سياسية جديدة

AHDATH.INFO الجمعة 10 أغسطس 2018
نوفل
نوفل

AHDATH.INFO - متابعة / نوفل البعمري

تقدم ليلة الأربعاء/الخميس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كوهلر إحاطته لمجلس الأمن وفقا لقرار مجلس الأمن الذي سبق له أن دعا في قراره إلى إطلاق روح و دينامية جديدة للعملية السياسية مع إجراء تقييم للوضع ميدانيا و سياسيا لتطور ملف الصحراء، و هي الإحاطة التي قدمت في جلسة مغلقة ترأستها بريطانيا حيث استمع أعضاء مجلس الأمن لتقرير مفصل قدم فيه كوهلر خلاصة تحركاته في المنطقة التي جاءت بعد أبريل الماضي و هي التحركان التي شملت المغرب بما فيه الأقاليم الصحراوية حيث كانت مناسبة للاطلاع المباشر على تطور الوضع حقوقيا و اقتصاديا و سياسيا بها كما شملت زيارته مخيمان تندوف التي على عكس زيارته للاقاليم الصحراوية التي التقى فيها بمختلف النشطاء حتى المناهضين لوحدة المغرب على عكس المخيمات التي التقى فيها فقط قيادة الجبهة و كأن المخيمات لا تعرف حركية شبابية مناهضة لها و تحركات تنظيمية موازية لتنظيم الجبهة اخرها مؤتمر المبادرة الصحراوية للتغيير التي نظمت مؤتمرها في اسبانيا بعد منعه من تنظيمه في المخيمات، كما شملت زيارته مختلف الأطراف المعنيين بالنزاع المفتعل حول الصحراء.

هذه الإحاطة أهم ما خلصت إليه هو محاولة دفعها لإطلاق عملية سياسية في شتنبر أي قبيل انعقاد مجلس الأمن في أكتوبر المقبل، و هي العملية السياسية التي سبق لمجلس الأمن أن حدد معاييرها في روح و دينامية جديدة، و هي فقرة دالة على رغبة مجلس الأمن في تجاوز منطق المفاوضات السابقة و القواعد التي سبق أن أطرت العملية السياسية في السابق، دينامية جديدة، أي منطق و منطلق جديد يتجاوز المنطلقات السابقة التي لم تثمر على أي تقدم سياسي و ميداني ملموس ينهي هذا النزاع المفتعل الذي عمر طويلا و مازال يتسبب في تهديد السلم بالمنطقة، و هي واحدة من المنطلقات الجديدة التي على كوهلر مراعاتها؛ أي عملية سياسية يجب أن تكون مؤدية ليس فقط لإنهاء هذا النزاع المفتعل بل في الحفاظ على السلم و الأمن بالمنطقة و على التوازنات الحالية التي من شأنها أن تحافظ على الدور المحوري للمغرب سواء داخل الأمم المتحدة من خلال مشاركاته القوية في قوات حفظ السلام بالمنطقة أو خارجها من خلال أجهزته الأمنية و الاستخباراتية اليقظة التي جنبت إفريقيا و أروبا الكثير من الضربات الإرهابية.

هذه الرؤية التي أصبحت تؤطر مجلس الأمن و الأكيد أنها قيدت كوهلر نفسه الذي بدى في لحظات ما و كأنه يريد إطلاق مفاوضات حتى و لو لم تكن على قواعد واضحة و سليمة فقط ليسجل له أنه حلحل الملف، و هو ما انتبه إليه المغرب و أوضحه في حينه عندما أكد المغرب على لسان الملك أن المفاوضات ليست غاية في حد ذاتها بل وسيلة لوضع الملف على سكته الصحيحة لإنهاء هذا النزاع و على قواعد واضحة لا يمكن أن تكون خارجها أولها ألا مفاوضات إلا على أرضية و قاعدة الحكم الذاتي الذي سبق للمبعوث الشخصي بيتر فان والسوم أن أكد أنها الحل الوحيد و كانت استقالته شهادة وفاة أممية لفكرة استفتاء تقرير المصير بمعناه الكلاسيكي، و لم تنل مؤامرات الأمين العام للأمم المتحدة السابق من النيل من المغرب و محاولة فرض وجهة نظر الجزائر عليه هو و مبعوثه روس، هذه الأرضية إذن-الحكم الذاتي- هي القاعدة التي قد ينطلق منها كوهلر لإطلاق أية عملية سياسية جديدة تكون تستجيب ليس لمطلب المغرب و موقفه، بل لما حدده قرار مجلس الأمن عندما تحدث عن روح و دينامية جديدة، اللتين لا تعنيان إلا أن تكون على هذه القاعدة، طبعا المغرب عندما قدم وجهة نظره و موقفه السياسي كان واضحا فهو لا يريد الدخول في مفاوضات تكون مناسبة لأخذ الصور و السلفيات من طرف البشير مصطفى السيد الذي يبدو أنه هو من يهيئ لقيادة أي وفد في هذا الباب، بل أن تكون مفاوضات على أسس و قواعد لا تجعل منها هي الهدف بل الوسيلة للوصول للحل النهائي-الحكم الذاتي- الذي يحفظ سيادة المغرب و وحدته و يحفظ كرامة الجميع بما فيهم سكان المخيمات، ما يؤكد معطى رغبة البوليساريو في الجلوس مع المغرب تحت أي مسمى هو بيان قيادتها الذي أعلن على الفور و بسرعة قياسية عن رغبته في الجلوس مع المغرب ليس لحل النزاع المفتعل حول الصحراء أو التوصل لحل سياسي، بل لأن الجلوس على طاولة واحدة مع المفاوض المغربي يعتبر المخرج الوحيد للأزمة السياسية التي تحولت لأزمة تنظيمية داخل البوليساريو و كانت واحدة من الأسباب التي أدت بالجزائر إلى الدفع بتأجيل مؤتمر الجبهة لما بعد أكتوبر حتى يقدموا صورهم مع المفاوض المغرب و كأنها نصر سياسي حققته الجبهة و أنهم حققوا "سياسيا" ما لم يحققه محمد عبد العزيز و سيعتبر متنفس لهم في مواجهة الأصوات الغاضبة خاصة منها الشبابية الغاضبة على وضعية اللاحرب و اللاسلم التي وجدوا أنفسهم فيها منذ عقود خلت، و وجدوا أنفسهم رهائن لدى قيادة الجبهة لا هم عادوا لوطنهم الأم و لا هم وجدوا وطنا بديلا لهم.

المغرب مع إطلاق عملية سياسية بقواعد واضحة و لا يمكن أن يكون جزءا من عملية عبثية تؤدي فقط إلى التنفيس السياسي لقيادة الجبهة.

المغرب مع الدخول في مفاوضات جادة تحت أرضية الحكم الذاتي الذي يظل المخرج السياسي الوحيد و المشرف للجميع.