مجتمع

مولاي الحسن، للا خديجة، والآخرون...

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 18 سبتمبر 2018
Capture d’écran 2018-09-18 à 13.09.37
Capture d’écran 2018-09-18 à 13.09.37

AHDATH.INFO

لم تكن مجرد صور لنشاط رسمي وكفى. ولم تكن مجرد لقطات لتخليد لحظة ما والسلام.

كانت صورة اهتمام واضح وجلي من الملك بمستقبل المغرب القادم، من خلال وضع ابنيه معا في صدارة نشاط يوم الإثنين حول التعليم في المغرب: ولي العهد مولاي الحسن وللا خديجة مع التلاميذ المغاربة الآخرين، ومع هيئة التدريس، ومع كل المعنيين بمستقبل التعليم المغربي.

الرسالة واضحة إلا لمن أراد عدم التقاط الدلالة: هذا المركب الكبير المسمى تعليمنا المغربي يهمنا جميعا من أعلى هرمنا إلى آخر واحد فينا، لأنه بكل بساطة يهم أبناءنا، لأنه بكل بساطة يهم مستقبل مغربنا، مستقبلنا..

الأحاديث الكثيرة التي دارت في الآونة الأخيرة عن التعليم المغربي، ومختلف النقاشات المغلوطة التي حاول العديدون جر الناس إليها، والتي وصفناها في حينها وأوانها بالنقاشات المغلوطة دون أن يكون لدينا أي ريب أو شك في ذلك، لن تنجح في ثنينا جميعا عن الالتفات لأهم ورش يمكنه فعلا أن يحقق لنا تنمية هذا البلد الذي نسكنه ويسكننا أي التعليم.

نقاش اللغة المشوه، الذي تورط فيه العديدون سبابا وشتما وجهلا وأشياء من هذا القبيل، محسوم من تلقاء نفسه: اللغات التي تنفع الناس هي التي ستمكث في أرض التعليم، أما اللغات الأخرى فستذهب جفاء.

التكوين النافع فعلا الذي يعطينا في نهاية المطاف خريجين قادرين على العمل في مجالات تخصصهم، والذي يعطينا أساسا خريجين يحتاجهم سوق العمل هو التكوين الذي سيظل معنا.

الاطلاع المنفتح على العالم، الراغب في معرفة كل شيء، غير المكتفي بذاته وغير المتقوقع عليها، القادر، بل الراغب، بل الحالم في أن يعرف كل شيء هو الاطلاع الذي ينبغي لتعليمنا عموميا وخاصا أن يكون الناس عليه.

ملكة الحفظ ضرورية، وهي تشغل الذهن والمادة الرمادية فيه لكنها لا تعوض ملكة التلقي العالم والناقد والنقدي للأشياء، ولا تستطيع أن تكون بديلا للعلوم الحية التي تحرك كل وجدان الصغير منذ لحظة دخوله الأولى إلى المدرسة، وحتى لحظة التخرج العالمة فعلا، لا لحظة التخرج العالة على المجتمع وعلى النفس وعلى كل شيء.

التفكير في الأخطاء الكارثية التي تم ارتكابها على امتداد عقود وعقود، يوم كان التعليم ضحية متاجرة حزبية جد صغيرة، فتم إفراغه من معناه الراقي القادر على تلقين شيء ما، وتم تحويله إلى أداة استيعاب لم تعد قادرة على استيعاب أي شيء، هو تفكير ضروري وأساسي.

المناهج الدخيلة على تمغربيت المعارضة لانفتاح الروح فينا، الحاضة على الكراهية وعلى الانغلاق لا مكان لها بين جيل اليوم ولا في مقررات جيل اليوم، ويجب فعلا أن تنقرض من أمام أعين جيل اليوم.

اللغة العربية وإتقانها أمر جلل، واللغة الأمازيغية والتعرف عليها أمر جد هام، واللغات التي يستعملها العالم بأسره لكي يتواصل مع نفسه، ولكي يصنع علمه الحديث وطفرته الرقمية وكل ثوراته المتوالية التي تتم أماما أعيننا اليوم مسألة مقدسة فعلا، بل هي المقدسة، وهي التي يجب ألا يخرج طالب من جامعة، أو من معهد، أو من مدرسة، أو من أي مؤسسة من مؤسسات التكوين دون أن يكون قادرا على الرطن بها ولم لا إتقانها والتميز بها عمن يتحدثونها أصلا.

ديننا الحنيف وتلقين مبادئه الرحبة والسامية والقادرة على احتضان معناه الأصلي باعتباره رسالة ورحمة إلى العالمين أمر ضروري التعليم في مدارسنا ومعاهدنا ومؤسساتنا، ومعرفة الأديان الأخرى وتعلم احترامها واحترام المؤمنين بها، واعتبارها تكملة طبيعية وعادية لاختلاف إنساني هو رحمة بل هو الرحمة مسألة يجب أن تكون الدرس الأول في التربية الإسلامية.

التربية على الفنون وعلى الثقافة البصرية وعلى الفرج، وعلى احتضان كل شساعة الكون هي الطريقة المثلى، لكي لا نجد بعد عشر سنوات شبانا يحرمون علينا كل شيء دون أن يعلموا أن التحريم هو الحرام بعينه، وأن الحياة حلال في حلال.

المدرسة اليوم، وهذا درس استوعبه كل الغيورين فعلا على الوطن، ليست حجرات تعليمية نرسل إليها الصغار لكي ننتهي من ضجيجهم طيلة اليوم، وليست شهادات نعطيها لهم بعد سنوات كثيرة من الدراسة دون أن يكونوا قادرين على فهم معنى التخرج الذي تحمله تلك الشهادات، وليست حتى وسيلة ترقي اجتماعي، أو شكلا من أشكال الحصول على مخبأ حياتي ما من خلال وظيفة وراتب وما إليه.

المدرسة هي نحن، هي اليومي الذي نعيشه منذ أن نستيقظ وحتى ننام. وعندما نرى سلوكاتنا في الشارع، في العمل، في البرلمان، في الإدارات، في الملاعب، في المحاكم، في المستشفيات، في كل أماكن التقائنا ببعضنا البعض، ولا تعجبنا بعض هاته السلوكات أو أغلبها لا يجب أن نذهب بعيدا في البحث، ولا ينبغي أن نتعالم. علينا أن نعود إلى الأسرة أولا ـ المدرسة الأولى - ثم إلى المدرسة ثانيا - الأسرة الثانية - وعلينا أن نتقن القراءة، وعلينا أن نستطيع التحليل، وعلينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة المرة القائمة أمام أعيننا التي لن نغيرها إن لم نواجهها، والتي تفيد أن الوقت قد حان اليوم أكثر من أي زمن مضى لكي يصبح هذا الورش هو الشغل الشاغل الذي يطير النوم عن أعيننا جميعا، والذي يشغلنا ليل نهار، والذي يعني لنا كل شيء.

ابني وابنتي، وابنك وابنتك، وابن وابنة كل مغربي وكل مغربية أمانة في العنق، وعندما سنصل إلى مرحلة النظر إلى الوطن باعتباره تجمعا لهؤلاء الأبناء، سيتحول هذا الوطن إلى حقيقته الأولى في أعيننا جميعا: أسرة تضمنا، لا مكانا فرض علينا العيش فيه وسبه وشتمه ثم البحث داخل هذا السب وهذا الشتم عن طريقة نجاة لنا نحن فقط وليذهب الآخرون إلى الجحيم.

عندما سيصبح هذا الوطن أسرة لنا جميعا سنكون قد نجحنا في عديد الأشياء، ووحدها المدرسة السوية، ووحده تعليم حقيقي يستطيعان تكوين أناس ينظرون إلى هذا الوطن بهذا الشكل وليس بأي شكل آخر..