الكتاب

#ملحوظات_لغزيوي: أبواب وصورة وقماش !

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 02 أكتوبر 2018
jpo
jpo

AHDATH.INFO

أمن بأبواب مفتوحة !

حدث كبير عرفته مراكش نهاية الأسبوع الماضي وعلى امتداد أربعة أيام، هو حدث الدورة الثانية للأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني.

الشرطة المغربية تغيرت، ما في ذلك شك. الشرطة المغربية تحاول الاقتراب أكثر فأكثر من المواطنين، هذه بديهية أصبح الكل يرددها. الشرطة المغربية فهمت مغرب 2018، واقتنعت أن الحفاظ على أمن الناس يمر عبر تحسيس هؤلاء الناس أولا بأهمية أمنهم، وبأن الشرطة هي جزء مساعد لهم على تحقيق هذا الأمن، وليست أي شيء آخر.

التغيير ليس هينا ولا سهلا ولا يسيرا. ومن عاشوا في سنوات أخرى قديمة قصصا وحكايات مع الشرطة يعرفون عم نتحدث بالتحديد. فقد مضى على المغربي زمن كان يجري فيه في الشارع خوفا من «الواشمة» إذا رآها مارة دون أن يكون قد ارتكب شيئا. ومر على المغربي زمن آخر - وهذه حكايات لم يعشها جيل الفيسبوك ولكن عاشها الجيل الذهبي الخائف- كان من الممكن فيه أن تقضي ليلة أو ليلتين أو ثلاثا أو ما شاء لك الرب أن تقضي من ليال وأيام في ضيافة مخفر، وتحت ظل كرم عميد، أو أي رتبة أخرى دون أن تكون قد جنيت شيئا.

المغاربة بدورهم تفاعلوا مع التغيير الحادث في الأمن بطريقة جد إيجابية. يكفي هنا التذكير أن 92 ألف مواطن زاروا، في يوم واحد هو السبت الماضي، الأبواب المفتوحة بمراكش. وهذا الرقم لوحده يقول لنا إن العلاقة تغيرت تماما، وأن الناس شرعت في استيعاب مُسَلَمة بسيطة قوامها أن الشرطة هي خدمة عمومية لصالح المواطن لا أقل ولا أكثر.

نعم، هناك بعض التجاوزات هنا وهناك. هذه لا ينكرها إلا راغب في لي عنق الحقيقة، لكنها تجاوزات أصبحت تعاقب فورا وفي الحين وبإعلان العقاب أولا، ثم هي تجاوزات تشبه التجاوزات الموجودة في المهن الأخرى من صحافتنا الأبية التي نعرف ما يحدث داخلها، إلى مهن الطب والصيدلة والمحاماة والتعليم والهندسة والتجارة وكل الحرف التي خلق الله على سطح الأرض وجعلها وسيلة للناس لكي تعيش من خلالها، وجعلها مكان التقاء للأخير بالأشرار مما يندرج في إطار الطبيعة الإنسانية فقط لا غير..

وفي الوقت الذي تعيش فيه فرنسا مثلا على وقع نقاش رجال الأمن الذين أصبحوا يخافون التوجه نحو المناطق الصعبة، وأصبحوا يتهيبون على حياتهم وحياة صغارهم خارج أوقات العمل، إما من انتقام العصابات، أو من تهور بعض الفاسدين، أو مما هو أخطر أي من الإرهابيين وارتباطاتهم، من الضروري، ومن الجيد، ومن المهم التنويه بهذا التغيير الحاصل لدى أمننا المحلي، ومن الأساسي اعتبار الحديث عنه أمرا واجبا علينا جميعا، لأن الأمر يتعلق فعلا بمهنة ناكرة للجميل، تنبني على خدمة الناس ليل نهار، والتضحية بالنفس، وبالأسرة، وبكل شيء، وفي المقابل نادرا ما تأتي كلمة الشكر من الجهة الأخرى التي تخدمها، وغالبا ما تظل نظرات الريبة والحذر مسيطرة على المكان.

لذلك نقول إن هذا الانفتاح على الناس مهم وجيد وإنساني. ولذلك وجب التنويه به فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله، وحماة أمن الناس أحق فعلا بشكر كثير، وأبوابهم المفتوحة كانت مناسبة لذلك، ولا بأس بالأمر، بل هو مرحب به بكل اعتداد مغربي فعلا.

شكرا لكم حماتنا اليوم وغدا وفي كل الأيام...

إحذر من الصورة

مرة أخرى يجد الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون نفسه في قلب جدال خلقته له صورة. ماكرون التقط صورة مع شابين فرنسيين أسودين، أحدهما قام بحركة بذيئة عبر الصورة لم ينتبه لها الرئيس، الذي وجد نفسه في قلب نقاش حاد على مواقع التواصل الاجتماعي.

السؤال، الذي وجهه الفرنسيون لماكرون، هو: كيف تعاتب وتعنف صغيرا ناداك باسمك الشخصي الصغير ذات يوم، وتدعي أنك تعلمه الأدب وطريقة مخاطبة الكبار، وتسمح لشاب أكبر منه سنا أن يقف بجانبك في صورة وأصبعه يقدم للناس تلك الحركة البذيئة؟

اليمين المتطرف قفز على الفرصة، واعتبر أن ماكرون يهين مؤسسة الرئاسة بصور مثل هاته، ولوبين ومع روبير مينار (الذي كان ذات زمن - يا حسرة على العباد - يقدم لنا الدروس في حرية الصحافة هنا في المغرب حين كان على رأس «مراسلون بلاحدود» قبل أن يكشف وجهه العنصري غير الجميل كثيرا) انتهزا الحركة والصورة لكي يبثا ماكرون كل لواعج «كرههما».

بالمقابل، أنصار ماكرون رأوا في الصورة استعمالا ذكيا لغضب الشباب الفرنسي، واقترابا من الناس، واستبعدوا أن يكون ماكرون غاضبا من الصورة، أو غير راض عنها.

ألسنة أخرى أكثر مكرا قالت إن ماكرون كان يتمنى لو أنه هو الذي أرسل تلك الإشارة بأصبعه إلى معارضيه، الذين يؤرقونه بمشاكل يعتبرها مصطنعة، مثل حكاية ألكسندر بنعلا، وأنه وجد في الشاب الذي قام بالحركة تعويضا طيبا له لم يأمر به لكن لم يسؤه، لأن كثيرا مما يقع في فرنسا لهذا الرئيس الشاب أفضل رد عليه هو حركة مثل هاته.

بين الرأيين، هذه صورة أخرى تثير القيل والقال دلالة إضافية على أن للعدسة قدرة تفوق قدرة الصوت على التأثير وخلق النقاش.

للتأمل ليس إلا، إذ لا تنسوا الشعار «حنا غير داويين وصافي».

أكثر من قطعة قماش !

بين يتيم، الذي حاول أن يشرح لمتابعيه عبر الأنترنيت معنى ألا ترتدي رفيقته في الصور الباريسية حجابا، وبين المدونة مايسة التي خلقت «نقاشا» من نقاشات «الوقت الأنترنيتي»، بسبب خلعها الحجاب، نكتشف مرة أخرى أن قطعة من القماش قد تكون مبررا لكثير الهوس في هذا التابوت الممدد بكل راحة على جنب جهله الكبير.

دمنا ودامت لنا هاته القدرة على التقاط هاته التفاهات والوقوف قربها، رافضين المرور إلى ما هو أهم. حوقلوا وأكثروا من الحوقلة يرحمكم الله...