السياسة

الشرعي يكتب: مسؤولية ثابتة !

بقلم: أحمد الشرعي الجمعة 12 أكتوبر 2018
Capture d’écran 2018-10-12 à 13.18.37
Capture d’écran 2018-10-12 à 13.18.37

 

AHDATH.INFO

المأساة التي كانت وزارة الأسرة والتضامن مسرحا لها، والتي تشرف عليها بسيمة الحقاوي منذ العام 2012، لا يمكن اعتبارها حدثا عارضا. مكفوفون نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة في بادئ الأمر، قبل أن يقرروا تمديد الاعتصام إلى سطح مقر الوزارة وأقبيتها. وبما أن الحائط كان قصيرا، فقد كان الخطر داهما بالنظر إلى طبيعة الاحتياج الخاص الذي يعاني منه هؤلاء المعتصمون.

احتلال مقر الوزارات فعل غير قانوني في كل دول العالم. والسيدة الحقاوي كان عليها أن تطلب إخلاء مقر الوزارة ولو باستعمال القوة العمومية. لم تستعمل هذه الصلاحية خوفا من ردة الفعل في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. والنتيجة.. ضحية فارق الحياة سقوطا من أعلى مبنى وزارتها.

المسؤولية السياسية للسيدة الوزيرة قائمة في العمق فيما كل حدث. إشكالية ولوج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة للوظيفة العمومية ليست وليدة اليوم. سنة 1997، صادقت حكومة اليوسفي على قانون يحتفظ لهذه الفئة الاجتماعية ب7 في المائة من مجموع مناصب الشغل. غير أنه، ومنذ 21 سنة، لم تر النصوص التنظيمية لهذا القانون النور قط، ما يعني أن القانون برمته صار خارج التطبيق. هذا بالتحديد ما تحتج بخصوصه حركة المكفوفين، التي تضم في أعضائها أشخاصا بدبلومات عالية.

السيدة الحقاوي لا يمكنها أن تختبئ وراء الحكومة لتبرر عدم قدرتها على التحرك في الموضوع. مضت ست سنوات على تحملها المسؤولية في هذه الوزارة التي يدخل ملف المكفوفين في صميم اختصاصاتها، دون أن تتقدم فيه خطوة واحدة، على الرغم من سنوات التعبئة التي انخرطت فيها المنظمات المعنية.

دور بسيمة الحقاوي كوزيرة مكلفة بهذا الملف، هو الدفاع عن مصالح المكفوفين واقتراح الحلول أيضا. الدفاع على مصالحهم أمام مؤسسة الوزارة الأولى لإخراج القوانين التطبيقية، وأمام وزارة الوظيفة العمومية لتطبيقها على الأرض. الوزيرة لم تقم بهذا، متحججة في كل مرة بأن ‘‘الوضع معقد‘‘. وعلى كل من يعتبر عمله كوزير ‘‘أمرا معقدا‘‘ أن يضع المفاتيح وينصرف ( يستقيل).

التعاطف الكبير مع قضية الشاب الكفيف الذي قضى باحثا عن عمل، يضع هذا الملف في قلب الاهتمام الإعلامي، وهو ما يفترض بأن السيدة الوزيرة ستتفاعل معه لتجعل منه أولوية عاجلة، فيما سينكب أطر وزارتها على تقديم اقتراحات لتطبيق القانون. هذا ما ننتظره منها كوزيرة يقع الملف ضمن اختصاصاتها. غير أن الملاحظ، هو أنها لم تقدم أي جديد في ملف المدرسة المندمجة أيضا، الذي يضمن للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ولوجا شاملا للمدرسة العمومية. ويمكن القول عموما بأن حصيلة  الوزيرة  في كل ما يتعلق بملفات ذوي الاحتياجات الخاصة، تكاد تكون منعدمة.

كوزيرة في الحكومة الحالية، كان على السيدة الحقاوي أن تطور طريقتها في التواصل والاستماع خلال المفاوضات. قبل أن تصعد تنسيقية المكفوفين باحتلال مواقع في مقر الوزارة، أجرت الوزيرة سلسلة اجتماعات مع ممثلي المعتصمين. فإذا اختار المعتصمون التصعيد كوسيلة للاحتجاج، فهذا دليل كافي على أن المفاوضات لم تحرز أي تقدم.

اليوم، تبدو المسؤولية ثابتة. وتستوجب هذه المسؤولية الانكباب على هذا المشكل بجدية تامة، من أجل تطبيق القانون المتعثر منذ مايزيد عن العشرين سنة، عند إدراج ميزانية مناصب التشغيل في الوظيفة العمومية خلال الدخول القادم. إذا تم هذا الأمر، لن تكون وفاة الكفيف قد ذهبت أدراج الرياح، بغض النظر عن كون الوفاة ناتجة عن حدث عرضي.