بوابة الصحراء

إحساس «أمعيجينة» يعم مخيمات تيندوف

حكيم بلمداحي الاثنين 22 أكتوبر 2018
large_1238059196
large_1238059196

بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي

كل سكان مخيمات تيندوف يعرفون أمعيجينة. أمعيجينة هذه، امرأة تسكن ما يسمى مخيم السمارة. اعتاد الناس في مخيمات لحمادة على أن يروها بعد كل صلاة عيد تلعن قيادة البوليساريو، ومرات كانت ستلقم ابراهيم غالي وقبله محمد عبد العزيز بحجارة لولا تدخل حراسهما.

حكاية أمعيجيبة هي من مغربات مخيمات تيندوف، وعنوان صارخ لما تعرفه المخيمات من طغيان وقهر وهدر للكرامة..

بالنسبة لمعيجينة مناسبة العيد تنكأ جراحها، ففي هذه المناسبة تلتقي قتلة ابنها ذو الثلاثة عشرة سنة…

في ثمانينيات القرن الماضي فر بعض الأطفال من مدرسة 12 أكتوبر للأشبال، هربا من جحيم الجوع والقهر والإهانة، وسوء المعاملة التي كانوا يلقونها من طرف مدربيهم. تبعتهم سيارة المدرسة وكان يقودها جلاد معروف في مخيمات تيندوف هو حم ولد فريطيس، وكان حينها مديرا للمدرسة وأصبح الآن مستشارا لدى إبراهيم غالي.. تم إلقاء القبض على الفارين من الأطفال، وتم اقتيادهم إلى المدرسة وتعذيبهم بوحشية تحت إشراف حم ولد فريطيس شخصيا…

لما عاد الأطفال إلى المخيمات في العطلة، لم يعد ابن أمعيجيبة.. سألت عنه ليصعقها أصدقاءه بالخبر: لقد لفظ أنفاسه الأخيرة تحت التعذيب داخل المدرسة..

كفرت أمعيجينة بالقيادة وبالبوليساريو، ولم يكن لها من سلاح سوى لسانها. لكن القيادة اتهمتها بالجنون ورمت بها في ما يسمى مستشفى الأمراض العقلية بنفس المدرسة التي قتل فيها ابنها. وبعد حين عادت أمعيجينة لمخيم السمارة فكانت لا تحتمل رؤية قتلة ابنها مجتمعين يتعانقون كل مناسبة عيد، فعودت الناس منظرها وهي تخرج لهم ترميهم بألفاظ الخزي والعار…

هذه حكاية أمعيجيبة. الحكاية التي أصبحت عامة بين الناس اليوم في مخيمات تيندوف يتقاسم نفس إحساسها كل من في المخيمات باستثناء القيادة وحاشيتها المستفيذة مالا ونفوذا..

إحساس «الحكرة» يعم الآن في مخيمات تيندوف، وبدأت تظهر أصوات تصدح بالرفض بعدما ضاق الجميع ذرعا من واقع أليم طال أمده. فسكان المخيمات يعانون من الفقر والتضييق عليهم في مورد رزقهم كما هو الحال مع المعتصمين في مقر المينورسو بمجيك أو المحاصرين في حاليا في منطقة لغويركة.. وسكان المخيمات ذاقوا ألم ونفس إحساس أمعيجيبة بعدما أرسلت قيادة البوليساريو أبناءهم وآباءهم وأهلهم للموت في الحرب، أو لمنعهم من الخروج من مخيمات محاطة بثكنات عسكرية جزائرية أو لمقاتلين من البوليساريو. هذا في وقت تنعم فيه القيادة بالرخاء والترف، وأبناؤهم وبناتهم يدرسون في جامعات غربية أو أمريكية ويعيشون في رغد، وكمثال على ذلك، الصور التي سبق لمجلة إسبانية أن نشرتها، لابنة قيادي كبير في الجبهة، تعيش عالمها المترف الخاص..

سكان المخيمات لم يعد لهم صبرا عما تقترفه قيادة البوليساريو المأمورة من قبل المخابرات الجزائرية، ولم يعد مقدورهم الصمت، ويضعون المنتظم الدولي أمام مسؤولياته لفك ضيقهم وإخراجهم مما هم فيه منذ عقود.. فهل يتحرك هذا المنتظم لينقذهم؟