رياضة

#ملحوظات_لغزيوي: مغربيان رحلا !

أسامة خيي الثلاثاء 06 نوفمبر 2018
Capture d’écran 2018-11-06 à 13.49.12
Capture d’écran 2018-11-06 à 13.49.12

AHDATH.INFO

ميمون الوجدي: صدمة كبيرة !

ولأن المصائب لا تأتي فرادى ولأن للأحزان قدوما جماعيا مرعبا يهاجم القلب فجأة ولا يكتفي، فقد حمل الأحد صباحا أي الأحد الموالي خبر رحيل مصطفى مديح الإطار التقني المغربي الأنيق للغاية، المؤدب للغاية، والدارس للغاية

كل من يعرفون الكرة المغربية عن قرب يعرفون قيمة مديح، وحتى الجمهور العادي للكرة، وإن لم يكن ذا خبرة بالتفاصيل الدقيقة إلا أنه يعرف أن المدرب الذي كان يحمل اللقب المحبب من طرف الجمهور "قل قسم" في الملاعب الكروية المغربية  كان رجلا استثنائيا ولم يكن يشبه إلا قلة قليلة من المدربين المغاربة الآخرين.

هو من طينة أولئك الذين يقدرون مهنتهم حق قدرها ويريدون لهاالارتقاء ولا يريدون للمدرب أن يكون مجرد "شيفون" في يد الرئيس.

وهو من طينة أولئك الذين حلموا للكرة المغربية بعد عودته من بلجيكا بأن تكون نتاج تكوين، وأن تضع نصب عينها تخريج الأجيال وراء الأجيال من اللاعبين. وهو من طينة أولئك الذين تمنوا في قرارة أنفسهم أن يأتي يوم على المسير المغربي للكرة يؤمن فيه بشكل لا يقبل ترددا ولا جدالا بالإطار المغربي الكفؤ، ويضع المنتخبات كلها بين يديه ويعطيه مهلة من الوقت كافية لكي يرى النتائج، ولكي يلعب هذا المدرب كل أوراقه مع أبناء بلده الذين يحفظ عقلياتهم ويعرف إلى أين يمكن أن يصلوا. وهو من طينة أولئك الذين كانوا يؤمنون بالدوري المحلي وإن بدا شاحبا أو باهتا ومبارياته لا تبعث على تفاؤل، لكنه كان مقتنعا أن تطوير مستوى الفرق المحلية والدوري ككل هو الحل لوضع قاطرة الكرة في هذا البلد على المسار الصحيح

يحتفظ له جمهور أكادير بالذكرى الطيبة، ويحتفظ له الخريبكيون بذكرى اللقب التي لن ينسوها أبدا، ويحتفظ له المغاربة بتقدير كبير، ويحتفظ له الصحافيون الذين عاشروه وعرفوه عن قرب باحترام لايوصف لأنهم عرفوا مثقفا رياضيا حقيقيا، وليس محتالا أو نصابا من هؤلاء الذين ابتلى الله بهم كرتنا المحلية

لسبب لا أعلمه، عندما سمعت خبر رحيل مديح،  تذكرت الراحل بليندة يوم الأحد وأنا عائد من طنجة حيث لاعبت الرجاء الوداد الفاسي، وحيث صنع الواف مفاجأة من العيار الثقيل وهو  يقصي "الخضرا الوطنية".

تذكرت ملامح عبد الله الصارمة، وهو يعود من المونديال الأمريكي ذات تسعينيات من القرن الماضي، وقد تحمل مالم يتحمله أحد قبله، وتذكرت اللوزاني الذي لم يرافق المنتخب وتذكرت فاخر الجنرال المظلوم في كرة بلاده، وتذكرت عبد الله السطاتي الكبير وتذكرت العماري الأكبر، وتذكرت يومير الذي قاد "الكوديم" ذات يوم نحو تألق لم يعد، وتذكرت الأنطاكي مالقا، وتذكرت  فاريا رحمه الله من رحلوا وأطال الله أعمار الباقين، وتذكرت أسماء عديدة من مدربي الأوقات التي ذهبت وأيضا مدربي الأوقات الحالية، وتذكرت كم هو مظلوم المدرب المغربي في وطنه، وكم حقه مهضوم، وكم يعاني.

رأيت في الصورة، في البرواز الرياضي الفني ميمون ومديح يرحلان على بعد أربع وعشرين ساعة من الفارق. أحسست بألم حقيقي في دواخل الدواخل. ترحمت عليهما مثلما فعل جل المغاربة الذين أعرف ومضيت إلى أشياء أخرى، فقد علمتنا هاته اللعينة المسماة الحياة أن الفرجة يجب أن تستمر بنا أو بدوننا، لا فرق على الإطلاق.