السياسة

خبراء يناقشون موضوع الإعلام والحكامة الأمنية

الحسن زاين ( صحافي متدرب ) الخميس 08 نوفمبر 2018
0-8
0-8

AHDATH.INFO

قال رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الله البقالي، خلال مشاركته في ندوة حول " الإعلام والحكامة الأمنية، أية علاقة؟ " اليوم الخميس بالرباط: " إن الثقافة الصدامية بين الإعلام والمؤسسات الأمنية بالمغرب تسببت في تكلفة سياسية كبيرة للبلاد ".

وأضاف البقالي موضحا، " إن العلاقة بين الطرفين في الماضي حصرت في الخوف المتبادل، وهذا ما أدى إلى محاصرة وسائل الإعلام ومنعها من القيام بأدوارها، فالإعلامي يخاف من الأمني نظرا لغياب ضمانات حقوقية تكفل حقوقه، وهذا نتج عنه انعدام الثقة ".

وأشار نقيب الصحافيين، في معرض مداخلته، ضمن أشغال الندوة المنظمة من طرف مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، بشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، إلى أن العمل الأمني محكوم بالسرية، ووسائل الإعلام لا تعترف بالسرية، وتسعى إلى فضحها، في حين تعتبر المؤسسات الأمنية وسائل الإعلام كوسيلة للدعاية فقط، مما يتسبب في سوء فهم بين الطرفين.

وأوضح المتحدث ذاته، أنه رغم التقدم الحاصل مقارنة مع ما كان عليه الحال في الماضي، إلا أن المؤسسات الأمنية بالمغرب تفتقد إلى إستراتيجية تواصلية فعالة، ولا تتوفر على ناطق رسمي، وتعاني من ضعف كبير في إصدار البلاغات والتقارير التوضيحية عقب كل حادث.

وحول موضوع غياب التواصل بين الإعلام والمؤسسات، قال البقالي:" اليوم تسجل بعض المبادرات، فهناك نواة تواصلية بدأت تتشكل وتغادر مناطق الصمت وتخرج للمجتمع، من خلال الانتظام في إصدار البلاغات وعقد الندوات الصحفية، ولكن رغم هذا هذه المبادرات تعتريها بعض الإشكاليات، ومنها على سبيل المثال، نشر أسماء المشتبه بهم قبل أن يدينهم القضاء ويصدر الأحكام في حقهم ".

وتعليقا على الوضعية الحالية للقطاعين، الأمني والإعلامي، أبرز البقالي، أن نسبة شكاوى المؤسسات الأمنية ضد الصحافيين والاعتداءات على الصحافيين أثناء المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية قد تراجعت، وأكد على ضرورة مأسسة هذا السلوك حتى لا تقع ردة ونعود إلى الوراء.

وفي ختام مداخلته، دعا رئيس نقابة الصحافيين إلى مد جسور التواصل بين المؤسسات الأمنية والإعلامية ومعالجة الإشكاليات المطروحة بين الطرفين، من خلال الحوار وإيجاد مخارج للمآزق التي تعيشها، في هذه الظرفية، وقال البقالي مشددا: "هناك حاجة ملحة لتوضيح خطوط التماس في علاقة الإعلامي والأمني".

وبالمناسبة ذاتها، قال رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، الحبيب بلكوش: " إن الحكامة الأمنية تعد جزء من أوراش الإصلاح الكبرى التي يتطلبها بناء الديمقراطية "، وأضاف أن الحكامة الأمنية ينبغي أن تصبح موضوعا يشغل كافة الفاعلين، بمختلف مواقعهم، سواء المؤسسة التشريعية أو المجتمع المدني أو الإعلام وكذا الفاعلين السياسيين.

كما اعتبر بلكوش، أن التحدي الكبير يتمثل في كيفية اضطلاع كل مؤسسة بدورها في ظل الاحتكام إلى مقتضيات القانون. وفسر اختيار موضوع الإعلام في علاقته بالحكامة الأمنية بكونه يندرج ضمن البرنامج العام المتعلق بالحكامة الأمنية الذي يشتغل عليه المركز منذ عشر سنوات، مؤكدا أن هذا الموضوع يثير بعض الإشكالات ويتطلب تفكيرا مشتركا بين الفاعلين المعنيين بالقطاعين.

في السياق ذاته، أوضحت سيا شتوريس، ممثلة مؤسسة فريديريك إيبرت بالرباط، أن هذه الندوة تندرج في إطار عمل المؤسسة الذي انطلق منذ سنوات مع عدد من الشركاء من أجل تعزيز دولة الحق والقانون بالمغرب والمنطقة، وأردفت أن الرأي العام والجمعيات العاملة في مجال حماية حقوق الإنسان تعمل باستمرار من أجل قضية احترام الحقوق الإنسانية في سياق إرساء الأمن.

وأكدت المتحدثة ذاتها، أن الفاعلين في مجال حقوق الإنسان واعون بأهمية وضع تدابير أمنية ضد أي شكل من أشكال العنف التي من شأنها المساس بسلامة المواطنين، ويدعون موازاة مع ذلك إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير في المقام الأول، وشددت على ضرورة أن تكون الإجراءات التي تتخذها مصالح الأمن لمحاربة العنف مطابقة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وشهدت الندوة حضور مجموعة من الخبراء والباحثين في مجال الأمن والإعلام، للبحث ودراسة علاقة الإعلام بالأمن ،وفي هذا الصدد، قال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي:" إن الإشكاليات المرتبطة بطبيعة العلاقة بين الأمني والإعلامي ليست مطروحة في المغرب فقط بل في العالم ككل، وطبيعة هذه العلاقة تتجاوز طبيعة الأنظمة السياسية ".

وأضاف الشرقاوي موضحا: " إن هذا الموضوع ليس جديدا، فقد سبق أن نوقش في مجلس العموم البريطاني سنة 1750 "، وتابع " العلاقة بين المؤسسات الأمنية والإعلامية قد يسودها بعض اللبس لأننا اليوم أمام ممارسات إعلامية جديدة، فاليوم هناك 17 مليون مغربي يملكون حساب على فايسبوك، وهناك منتوج إعلامي منفلت، كما أن الزمن الإعلامي قد يدفع إلى نشر بعض الأخبار دون تمحيصها، وهذا يتعارض مع زمن المؤسسة الأمنية ".

و بخصوص إيجاد حلول لتحسين العلاقة بين الطرفين، أكد الشرقاوي أن القانون غير كفيل لتقديم وصفة لهذه العلاقة، بالرغم من تعديل القانون الجنائي فيما يرتبط بالإشادة ونشر الأخبار المتعلقة بالإرهاب، إضافة إلى تعديل مدونة الصحافة والنشر، وإقرار النظام الأساسي للصحفي المهني، وقانون الوصول إلى المعلومة.

وقال " إن هاجس المحافظة على الأمن وفي نفس الآن على الحرية، يكون دائما حاضرا عند تسليط الضوء على العلاقة بين الأمني والإعلامي، خاصة أن هناك قدرة كبيرة اليوم من خلال الإعلام الجديد على تحويل المظلوم إلى جاني، والجاني إلى مظلوم، وما يؤزم هذه العلاقة هو سلطة التأويل ".

ودعا الشرقاوي في ختام مداخلته، إلى تكوين رجال الأمن في مجال حقوق الإنسان، وفي المجال الإعلامي من أجل فهم دوافع الصحفي والخلفيات التي تحكم عمله، بالإضافة إلى تكوين الصحفيين لفهم كيفية اشتغال المؤسسات الأمنية والقواعد المؤطرة لعملها.

وذلك في سبيل رفع اللبس وسوء الفهم، الحاصل في العلاقة بين الطرفين، بالإلحاح على أن الإعلامي ليس عدوا للأمني، ولابد من تحسين العلاقة بين الطرفين.

وفي ما يخص وجهة نظر المؤسسات الأمنية في الموضوع، قال ممثل رئاسة النيابة العامة، مصطفى لفراخي: " إن التهافت الإعلامي على نشر المعلومات في وقت الأزمات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحكامة الأمنية، وأن تستحضر البعد الأمني "، وتابع " ولا بد في نفس الوقت من مساعدة الإعلامي للوصول إلى المعلومة، من أجل تنوير الرأي العام، لأن حجب المعلومة قد يؤدي إلى استغلال بعض الأحداث والتعامل معها بشكل سلبي ".

وأبرز ممثل النيابة العامة أنه من المفترض أن يكون هناك انضباط إعلامي في وقت الأزمات من أجل خدمة المصلحة العامة للبلاد، كما يحدث في كثير من الدول الديمقراطية.

كما حذر المتحدث ذاته، من خطورة الانفلات الإعلامي الحاصل بسبب ترويج المواطن للمعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، في غياب للنضج الفكري والمعرفي لناشر المعلومة وانتشار الأمية في المجتمع ".

ودعا لفراخي المؤسسات الأمنية إلى التحلي بالجرأة لتمكين الإعلام من المعلومات من أجل تحصين المجتمع من بعض المخاطر التي قد تهدد مصلحة البلاد.

واختتمت أشغال الجلسة الأولى من نفس الندوة، باستعراض ممثلة اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، نزهة تلمساني مهندس، الخطوط العريضة لقانون الحصول على المعلومة 31.13، مبرزة الجوانب الإيجابية والسلبية للنص القانوني، وأكدت على ضرورة حماية المعلومات والحياة الخاصة للأشخاص.

في حين أكد الأستاذ الجامعي إدريس بلماحي، خلال مجريات أشغال الجلسة الثانية للندوة، أن الإعلام والتواصل الأمني يلعبان دورا أساسيا في ترسيخ الحكامة الأمنية الجيدة، بينما ذهب الإعلامي، خالد أدنون، إلى أن التربية الإعلامية لها تأثير إيجابي وفعال في بناء الحكامة موضوع النقاش.

وضمن فترة المناقشة، عبر صحافي مهني من بين الحضور، عن معاناة مهنيي الصحافة في سبيل بحثهم عن المعلومة، كون المسؤولين الذين يملكون المعلومة يرفضون تقديمها للصحافيين، وفي حالات كثيرة يمتنعون عن الرد على مكالمتهم الهاتفية، مما يزيد من معاناة الصحافيين باعتيار المعلومة هي المادة الخام التي يشتغلون بها، وأوضح المتدخل ذاته أن هذه المعاملة تؤثر سلبا على العلاقة بين الإعلام والمؤسسات.

وتشكل العلاقة بين المؤسسات الأمنية ووسائل الإعلام، خاصة خلال المراحل الانتقالية أو أثناء الأزمات محكا حقيقيا للتحديات والإكراهات، فالأمن بحاجة إلى الإعلام لإبلاغ رسائله، وتنوير الرأي العام، والإعلام بدوره في حاجة إلى متابعة تطورات المجتمع ودراسة الظواهر.

وتأتي هذه الندوة لمعالجة مجموعة من المواضيع الرئيسية من قبيل، “العلاقة بين الأمن والإعلام: المكتسبات والتحديات” و”حرية الإعلام وضمان الأمن: الضوابط والحدود” و”الولوج إلى المعلومة بين البعد الأمني والحاجة الإعلامية” و”الإعلام والتواصل الأمني ودوره في ترسيخ الحكامة الأمنية الجيدة”.