مجتمع

#ملحوظات_لغزيوي: قلة الترابي وكفى !

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 14 نوفمبر 2018
Capture d’écran 2018-11-14 à 10.53.14
Capture d’écran 2018-11-14 à 10.53.14

AHDATH.INFO

كان الأمر متوقعا إلى أبعد الحدود. ومن تابعوا تطورات الأشياء منذ عاد التلاميذ من عطلتهم البينية، كانوا يعرفون أن أحداثا مؤسفة ستكون ضرورية الوقوع في المظاهرات العشوائية التي خرج إليها تلاميذ  مدن معينة في المملكة احتجاجا - حسبما قيل - على الساعة الصيفية التي أصبحت دائمة، قبل أن يصبح الاحتجاج على اللاشيء وعلى كل شيء هو السائد..

رأينا الإثنين صغارا يحاولون إحراق العلم الوطني ويدوسون عليه بأرجلهم أمام البرلمان. لم نجد للأمانة عبارات تصف صدمتنا لتصرف مثل هذا، ولم نعثر على الكلمات المناسبة..

دعوكم من مدبجي الشعارات الفارغة ومن محترفي المزايدات التي لاتقل فراغا. نحن هنا نحاول كل مرة أن نجد لشعبنا ولكل جزء يخرج للاحتجاج من شعبنا مبررا ما لكي نقول إنها الحضارة وتصرفاتها، وأنها أشياء عادية، وأنه من الضروري قبول سماع الأصوات الغاضبة وهي ترتفع في الشارع، لكي نلبي لها مايمكن تلبيته من مطالب، ولكي نقول لها إن الشق المستحيل هو مستحيل وكفى.

لكن أن يتحول احتجاجك على ساعة إضافية، وعلى ظروف تعتبرها صعبة تعوق دراستك، إلى لحظة تضع فيها العلم الوطني تحت قدميك وأمام البرلمان، هنا لابد من اعتراف كبير بعدم القدرة على التعبير عن مكنون الصدر، ومعه اعتراف مماثل بعدم القدرة على الفهم.

عندما قسونا قبل أيام على مغنية مبتدئة وشابة تتلمس طريقها بالكاد في عالم الفن، هي سلمى رشيد لأنها أخطأت في كلمات النشيد الوطني، لم نفعل ذلك تجنيا عليها أو حقدا على مسارها أو محاولة منا لتكسيرها.

فعلناه لأن "منبت الأحرار" لدينا مقدس، ولأننا نعتبره علامة من علامات هويتنا ونعتبر أن أضعف الإيمان ألا يسيء إليه المرء إن لم يكن قادرا على أدائه بشكل سليم وسوي وكامل.

لا يتعلق الأمر بنشيد أو أغنية. هو شعار للوطن. وكذلك الحال بالنسبة للعلم الوطني. الأمر لايتعلق بقطعة من قماش، أو بثوب تفعل به ماقد يحلو لك.

لا، هو انتسابنا الأول للمكان، وهو في كل دول الأرض وفي كل بلدان المعمور ثابت مقدس من يمسه يذهب مباشرة إلى السجن لأنه يخرج عن المبادئ التي تقف عليها البلد التي تلتحف بذلك العلم..

لذلك لا لعب، ولا لهو، ولا مزاح، مع قليلي التربية الذين ارتكبوا هذا الفعل الفادح. ومن الضروري أن تصل إليهم السلطات المعنية، وأن تعاقبهم، وأن تساعد والديهم على إكمال تربيتهم في مكان آخر غير المنزل، طالما أن الأسرة لم تكن قادرة على تربيتهم على الوجه الأكمل، ولم تستطع أن تشرح لهم أن العلم الذي حاولوا تمزيقه أو إحراقه والذي داسوا عليه هو الذي يضمن لهم الحق في ذلك الاحتجاج الذي أرادوا القيام به بذلك الشكل المشوه جدا .

أيضا عندما يصل الأمر بتلاميذ يقولون إنهم يحتجون على الساعة إلى رشق سيارات مواطنين آمنين بالحجارة، أو إلى اعتراض سبيل حافلات تحمل سواحا أو إلى الاعتداء على الممتلكات العامة، وامتطاء سطح الترامواي كما حصل في الرباط وسلا، وإلى حمل سيوف معهم في الحقائب وإلى مد الأيدي إلى زميلات لهم في الدراسة خرجن معهم أيضا للاحتجاج على الساعة، فإن الأشياء يجب أن تجد من يقول لها "كفى" و"باراكا" و"باسطا"، و"صافي".

نعترف أننا كنا متعاطفين في البدء مع حركة التلاميذ، ورأينا فيها روحا إيجابية يجب أن تعود إلى مدارسنا، لإخراج هؤلاء التلاميذ من ربقة المخدرات والدعارة التي أصبحت مرتبطة بمؤسساتهم التعليمية وبالمناطق المحيطة بها.

لكن نعترف أيضا أننا وبعد تفاعل وزارة التعليم السريع مع المظاهرات بعد ملاءمة التوقيت، فهمنا أن أسباب الاحتجاج انتفت ومعها فهمنا أن من يشجعون خلف الحواسيب التلاميذ على الاستمرار في مقاطعة الدراسة لا تهمهم لا ساعة أضيفت ولا ساعة تنقص..

همهم الوحيد أن يجدوا من ينزل إلى الشارع بدلهم، لفرط جبنهم، ومن يعطي الإحساس أن المغرب يغلي، ومن يقوم عوضهم بالدور السيء السلبي الذي يحلمون به للبلد منذ قرون، وليس منذ عقود أو أعوام فقط.

مرة أخرى لابد أن نقولها لهؤلاء : إنهم يضيعون وقتا ثمينا فقط وليس ساعة أو ساعتين.

المغاربة أذكى من أن يسقطوا في شراك حيلكم المكشوفة. وتلاميذنا في مجملهم فهموا الإثنين أن هناك من يريد لهم سوءا ومن لاتهمه مصلحتهم، ومن يحلم بأن يكونوا حطب ناره التي يريد إيقادها لكنه لا يجد لا عود الثقاب ولا الريح الملائمة لهبوب النار واشتعالها، ولا يجد حتى القدرة على النفخ كثيرا في هاته النار لأنه لا نفس طويل لديه عكس هذا البلد تماما ...

المغرب علمنا هاته القاعدة ويجب ألا ننساها يوما: نفسنا هنا ونفس هذا البلد طويل جدا.

وهو قادر على الصبر إلى أن يمل الصبر منه خصوصا حين الإساءات الكثيرة والمتعددة

وهاته المرة لا مفر من قولها: عندما تأتي الإساءة من أبنائنا الصغار تكون أقسى ويجب أن تكون عقوبتها بنفس حجم الحب الذي نحمله لهم، فهم أملنا والمستقبل.

وعندما نرى علامات الأيام القادمة، وهي تقدم لنا رعبا كثيرا وغباء أكثر، نفهم أننا لم نقم بالجزء الآخر من التربية ذلك الذي يسير جنبا إلى جنب مع الحوار والدفع بالتي هي أحسن: جانب الحزم قليلا لكي يفهم الجميع صغارا وكبارا أننا حين الوطن وحين علامات ورموز الوطن، لا نمزح ولا نقبل المزاح .

هو دورنا تجاه هؤلاء الصغار، وهو واجبنا نحوهم لئلا يكبروا وقد فهموا أن الراية مجرد قطعة قماش، وأن النشيد الوطني أغنية قد نسيئ إليها دون أي إشكال، ونمضي…