مجتمع

عبد القادر العاقل.. قيدوم باعة الصحف المتجولين بطنجة

محمد كويمن الثلاثاء 20 نوفمبر 2018
1-9
1-9

AHDATH.INFO

منذ أن كان سنه 13 سنة وهو رفيق الصحف، ورغم قساوة الحياة وتقدمه في العمر، ظل وفيا للجريدة، لا تفارقه صباح مساء، بحثا عن قراء، ينقرضون يوما بعد يوم، دون أن ييأس من مآل مهنته في ظل اكتساح رهيب لوسائل التكنولوجيا الحديثة.

عبد القادر العاقل، الذي لا يعرف سنه بالضبط، ويشكك في تاريخ ميلاده المذكور في بطاقته الوطنية 1956، أفنى عمره في ممارسة مهنة بائع متجول للصحف بطنجة، وظل لسنوات طوال لا تستفيق وسط المدينة إلا بصياحه بعناوين الجرائد، وهو يتنقل من شارع إلى آخر ومن مقهى إلى أخرى، في جولة يطارد فيها يوميا الباحثين عن أقوال الصحف مع قهوة الصباح.

لجأ عبد القادر لبيع الصحف، بعد فشله في متابعة دراسته، حين أنهى تعليمه في المهد، بعدما رسب ثلاث سنوات متتالية في المستوى الأول التحضيري، إلا أنه ظل قريبا من القراءة، وصار أحد أهم المروجين لها بالمدينة، من خلال دعوته كل يوم إلى اقتناء الصحف، بل أضحى يترقب قدومه كل صباح أشهر الكتاب والأدباء من المغاربة والأجانب، الذين كانوا يتخذون من أعرق المقاهي والمطاعم بالمدينة، ملاذا مناسبا لمتابعة ما يجري من أحداث في المغرب والعالم عبر ما تنشره الجرائد والمجلات المحلية والأجنبية.

يحكي قيدوم باعة الصحف بطنجة، أنه عايش المرحلة التي كانت تباع فيها الجرائد المغربية (العلم والاتحاد الاشتراكي ولوبوتي ماروكان...) ب 30 فرنك، وفي المقابل كانت جريدة أسبوعية اسبانية (لوخا دي لونيس) تصدر بطنجة في الستينات يصل سعرها درهم و20 سنتيم، وكان يحقق دخلا أفضل في فترة توزيع الجرائد والمجلات الأجنبية، قبل أن تغيب عن أسواق بيع الصحف بطنجة المنشورات الإنجليزية وكذا المصرية.

يقول عبد القادر أنه اليوم لم يعد ينتبه إليه أحد، فالجميع منشغلون بهواتفهم المحمولة، ورواد المقاهي يفضلون قراءة الصحف بالمجان، وبعض زبنائه القدامى صاروا يقدمون له ثمن الجريدة دون أن يقرأوها، كما ظهر نوعا جديدا من القراء يطلبون منه الإطلاع على عناوين مجموعة من الصحف قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيشترون الجريدة.

تأثر الصحف الورقية بالثورة الرقمية، أصاب أيضا عبد القادر، الذي يلخص الحالة الراهنة لمهنة بائع الصحف : "يا حسرة مشا الرواج"، بعدما تراجع دخله من 100 درهم إلى 50 درهم في اليوم، وتقلصت نسبة أرباح التوزيع من 10 إلى 5 بالمائة، ومع ذلك لم يستسلم ويواصل لحد الآن تأبط الصحف بحثا عن رزقه لإعالة أسرته التي تضم سبعة أبناء (البنت الكبرى 32 سنة وآخر العنقود 20 سنة)، بعدما منحته هذه المهنة كرامته، وحظي مؤخرا بتشريف من بيت الصحافة في حفل تكريمه رفقة باقي زملائه من قيدومي باعة الصحف بطنجة بمناسبة اليوم الوطني للإعلام.