السياسة

ليبراسيون الفرنسية ترسم حياة سيدة الأعمال هند العشابي.. حياة بعد السجن

عن ليبيراسيون الفرنسية:هدى الأندلسي السبت 19 يناير 2019
2608796-501508724
2608796-501508724

AHDATH.INFO

بعد بضعة أشهر من الإفراج عنها من سجن سلا التقت صحيفة ليبراسيون الفرنسية بالمغربية هند العشابي سيدة الأعمال التي حكم عليها في غشت 2016 بتهمة الخيانة الزوجية بعدما نفى زوجها السابق طلاقهما.

سنتان نافذتان. كان هذا هو الحكم الذي صدر ضد سيدة الأعمال هند العشابي ذات الأربعين عاما والأم لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 و3 و11 سنة.

وكانت ليبراسيون قد تحدثت عن قصة المرأة في أبريل 2017 عندما كانت محتجزة في سجن في سلا قبل أن تلتقيها داخل فندق رويال منصور الفاخر في مراكش في أواخر شهر دجنبر بعد أشهر من خروجها من السجن.

مررنا عبر بهو الفندق ونافورته الزليجية المبهجة لنصل إلى الرياض حيث استقبلتنا أورنا جوسنسكي. وبعد فترة قصيرة ظهرت أمامنا صاحبة شركة الطيران المغربية داليا إير في كامل أناقتها. كان شعرها البني يحيط بوجهها ذي القسمات الرقيقة.

كانت تبدو متوترة في كرسيها. أول كلماتها كانت التأكيد على ثقتها في «عدالتنا المغربية».

وبعد كل ما مرت به فإنها تعتبر أن زوجها السابق «السيد المعرفي ضلل العدالة». هند العشابي قالت أيضا «إن ملك المغرب يدعم المستثمرين وأنا واحدة منهم ومع الملك والعائلة الملكية مئة في المئة».

كانت المرأة مترددة في البداية من الكشف عن معطيات جديدة في قصها وتسليط الضوء من جديد على حياتها الخاصة التي شكلت موضوع دسما للصحافة على امتداد أزيد من سنتين، لكنها سرعان ما استسلمت للبوح.

أقصى عقوبة

نسجت خيوط قصة هند عبر عدة أقطار من الكويت إلى المغرب إلى مالي، مرورا بالولايات المتحدة وجمعت بين الأعمال والدبلوماسية وحكايات الخيانة الزوجية وتعدد الأزواج مما أهلها لتحظى ببلقب فضيحة الموسم في المملكة.

القضية معقدة. فالاتهام بالخيانة الزوجية يأتي في الواقع من «الزوج السابق» لهند العشابي وهو ديبلوماسي كويتي، وذلك حسب رواية هند ودفاعها.

تزوج الإثنان في مارس 2013 وفقا لأحكام المذهب الجعفري الشيعي قبل أن تطلب هند الطلاق في 2014.

وهو الطلاق الذي تم بالنسبة لهند ولا وجود له بالنسبة «للزوج السابق». وفي كل الأحوال فإن المثير أن الطلاق وكذلك الزواج لم يتم توثيقهما رسميا في سجلات الأحوال المدنية.

بعد عام ونصف من الانفصال، تقدم الديبلوماسي بشكاية ضد هند العشابي في مركز للشرطة في المغرب، بعدما كانت تعيد بناء حياتها كزوجة ثانية لمحمود كريم بناني، وهو مغربي معروف في أوساط الأعمال بالدار البيضاء. وهو الزواج الذي أثمر طفلتين.

في نهاية المحاكمة، لم يعترف القضاء المغربي لا بطلاق العشابي من الديبلوماسي المعرفي ولا بزواجها من رجل الأعمال بناني في مالي.

الحكم جاء لصالح محمد المعرفي فيما تم الحكم على العشابي بالسجن النافذ في 2016 بتهمة الخيانة الزوجية، وذلك بعد عشرة أيام فقط من ولادة طفلتها الثانية، وهي الرضيعة التي عهد بها إلى أسرتها.

وبموجب هذا القرار، تكون العدالة المغربية أضفت الشرعية على زواج العشابي من الديبلوماسي الكويتي.

وحسب محامي العشابي سيفاغ توروسيان فإن الإشكالية في هذه القصة هو أن المغرب مع ما صدر في حق العشابي يكون قد اعترف بزواج شيعي على أراضيه دون أن يكون مسجلا.

باختصار يعتبر المحامي أن الأمر تشوبه انحرافات قانونية طالما أن الزيجات، مثل الطلاق، غير مسجلة رسميا في السجل المدني المغربي، وبالتالي فإن تهمة الخيانة غير ثابتة.

كما أن المعنية بالأمر تلقت أقصى العقوبات مما شكل صدمة داخل الأوساط الراقية التي تنتمي إليها المعنية بالأمر.

فإذا كانت الجريمة المذكورة في المادة 491 من القانون الجنائي تنص على عقوبة « بالسجن لمدة سنة إلى سنتين لأي شخص متزوج مدان بالخيانة الزوجية، فإن المتابعة لا تتم إلا بشكاية من الزوج المتضرر»، كما أن العقوبات المسجلة بخصوص الخيانة الزوجية نادرا ما تكون مشددة.

البحث عن البراءة

الآن، بعد أن عادت إلى حضن أسرتها وانخرطت من جديد في أعمالها وأنشطتها تعتزم العشابي إثبات «براءتها». التقت سيدة الأعمال مع الديبلوماسي الكويتي بواسطة معارف مشتركين.

وتقول هند «لم تكن تجمعنا أي علاقة تجارية معا خلافا لما قيل، ولكن كنا نتشارك نفس المعارف وقد كنت مقربة جدا من العائلة المالكة الكويتية». خلال فترة سجن العشابي بدأ المعرفي إجراءات الطلاق وبالتالي فإن هند العشابي هي الآن مطلقة من الناحية القانونية.

ومع ذلك، فإن الاعتراف بزواجها من محسن كريم بناني لا يزال معلقا حسب محاميها الذي يصر على ضرورة أن يتم البت في الأمر بحكم محكمة النقض المقرر في 30 يناير.

داخل السجن

تؤكد هند أنها لم تتلق أثناء فترة احتجازها في السجن أي معاملة خاصة، وأن الانفصال عن أطفالها كان فظيعا. كانت أختها نزهة العشابي هي من اعتنى بالصغار في غياب والدتهم بين كونكتيكت حيث يعيش الطفلان الأكبر سنا والمغرب حيث كانت الطفلة الرضيعة.

وبصوت تشوبه رعشة تحكي هند كيف ان السنتين اللتين عاشتهما داخل السجن تعادلان عشر سنوات وذلك منذ انطلاق الأزمة ووحده عزمها وروحها القتالية ساعدا المقاولة الشابة على تخطي المحنة بإيمان راسخ.

عندما سألناها حول مسألة الخيانة الزوجية أكدت هند مرة أخرى انها عوقبت على جريمة لم ترتكبها ودفعت الثمن بشكل غير عادل: «كيف يمكن أن اتهم بالخيانة الزوجية بينما أعيش مع زوجي ورزقنا بطفلين.

لم يكن بإمكاني أن أختبئ، وحتى لو أردت ذلك، الناس يعرفونني في المغرب».

وبدون التعليق على القانون نفسه، أبدت هند أسفها لكون «الرجال والنساء يستخدمونه للانتقام من الأزواج». وتضيف: «أنا لا أخجل لأنني أعرف أنني لم أفعل شيئا خاطئا».

وبعد لحظة من الصمت، تحدثت هند بصوت المرأة النسوية، معبرة عن تأثرها الشديد بوضع المرأة المغربية معترفة أن خلاصة الموضوع هو أنها تزوجت برجل لم يتقبل انفصالها عنه واستطاع نصب فخ لها، معتبرة أن القضية قضية غرور فعندما ترغب المرأة بالرحيل من حياة الرجل لا يتقبل الأمر.

مواجهة مستمرة

وفي إطار مواجهتها المستمرة، تعتزم هند العشابي، التي ترفض أن تتقمص دور «الضحية»، إطلاق مجلتها تحت اسم «ايلي»، والذي يعني بالأمازيغية ابنتي. وكان مشروع المجلة اختفى خلال فترة اعتقال هند، مع نسخة عربية موجهة للنساء من جميع الطبقات الاجتماعية.

نشأت سيدة الأعمال في مدينة الرباط ضمن أسرة من تسعة أخوة هي أصغرهم. كان والدها رجل أعمال لديه مصنع للأحذية، أما والدتها فكانت ربة منزل. بعد دراسة الإدارة في لندن، انخرطت هند العشابي في مجال الاستيراد والتصدير وهي بعد في سن 21 من خلال شركة العشابي قبل أن تتحول إلى قطاع الطيران، الذي فهمت هند أنه مجال جيد للاستثمار في المغرب.

اليوم توجد العشابي على رأس مجموعة داليا للتطوير التي تضم الطيران التجاري وكذلك العقارات. وإذا تمكنت شركة الطيران داليا من الاستمرار على الرغم من غياب صاحبتها الطويل فإن أنشطتها الأخرى تعاني من صعوبات.

لقد أجبرها البنك على بيع روبيرتو كافالي، أحد الامتيازات التي كانت تمتلكها حصريا في المغرب. بعد أسبوع واحد فقط من خروجها من السجن عادت هند إلى العمل، وهو دليل على تعلقها الكبير بعملها وهو ما دفعها إلى دعوة المغربيات على النضال من أجل استقلاليتهن المادية اقتناعا منها بأنها الطريق الأوحد لتحرر النساء في المغرب.