الكتاب

#ملحوظات_لغزيوي: الانسجام الحكومي !

المختار لغزيوي الأربعاء 30 يناير 2019
Saad-Eddine-El-Othmani-Et-Akhannouch-et-Ramid-Marrakech
Saad-Eddine-El-Othmani-Et-Akhannouch-et-Ramid-Marrakech

AHDATH.INFO

بين أخنوش الذي قال حقائقهم الأربعة لنواب البيجيدي وإحساسه تجاه مهاجمة مخطط المغرب الأخضر من طرفهم فقط لأنه هو الذي يسيره، في البرلمان الإثنين، وختم كلامه بالتصريح "أنا قلت اللي  فقلبي، ويلا ماقلتوش هنا غادي نقولو فبلاصة أخرى"، وبين الرميد الذي استعاد ريشته الفيسبوكية تلك التي خط بها كلاما سابقا موجها إلى القضاة في حكاية حامي الدين، وكتب هاته المرة رسالة إلى زميله في الحكومة أخنوش يقول له فيها إنه لم يكن حريا بالأحرار أن يحملوا مسؤولية أزمة التجار للحكومتين السابقة واللاحقة مادام حزب أخنوش  يتحمل مسؤولية الوزارات المرتبطة بالتجارة، تبدو حكاية الانسجام الحكومي في خبر كان وأخواتها وبقية أعضاء عائلة الصرف والنحو الدالين على الماضي السحيق...

ومع أن الكثيرين يقولون إن الانسجام لم يكن أبدا خصلة هاته الحكومة الأكثر بروزا، منذ لحظة تكوينها الأولى مع ابن كيران ولحظة تكوينها الثانية مع العثماني لأنها جمعت مالايجمع، إلا أن الواضح اليوم هو أن ثمة شرخا يزداد اتساعا بين الفرقاء الحكوميين يجعلهم أكثر قسوة على أنفسهم من المعارضة.

وعلى ذكر المعارضة، يحق للمغاربة طرح السؤال عن مكان وجودها، وعن سر اختفائها، وعن نوع المفاجأة التي تعدها للناس بعد كل هذا الاختفاء، مع أن الواقع الحقيقي يقول لنا اليوم إن المعارضة والحكومة أصبحا معا وجهين لعملة واحدة تؤكد أن ضربة مقشة كبرى من النوع الكبير تصلح لهاته الأحزاب السياسية من جديد، لكي تفهم المسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه اللحظة الحساسة من تاريخ البلد.

ضربة مقشة يجب أن تكون عبر الأجيال الجديدة التي تبدي اهتمامها بالشأن العام المحلي في كل مكان (الشارع، المقاهي، الفيسبوك، المدارس، الملاعب، وسائل النقل) إلا في الانتخابات، وتترك لمحترفي السياسة وللمنتفعين منها أن يعودوا باستمرار إلى الواجهة، فيما هي تغني تذمرها وألمها وإحباطها في أماكن ثانية لا تصلح لهذا الأمر...

الحكاية بهذا المنظور لن تستقيم أبدا، والشرخ سيزداد اتساعا، والهوة ستزداد كبرا بين أحزاب تتآلف مع بعضها البعض قسرا وإن كانت تظن في بعضها البعض الظنون الأكثر سوءا، وبين شباب يفترض أنهم القاعدة الانتخابة الأكبر لكنهم يعتقدون أن العرض المقدم لهم لايعنيهم من قريب أو من بعيد، ويتصورون أن هاته الكيانات التي يصفونها بالمضحكة أي الأحزاب "من الطرف حتى للطرف" لن تقدم لهم أبدا شيئا.

لا نقول مرة أخرى بموت الأحزاب، فهي عماد اللعبة الديمقراطية الأول، لكننا نقول بموت الأحزاب المغربية مثلما هي اليوم.

نعم، هي لم تعد شائخة فقط. هي ميتة وإكرامها الأول والأهم يكون بدفن الأطراف التي تآكلت منها والحكم عليها بالفناء، والبحث داخلها أو خارجها - الله أعلم - عمن يستطيع حمل المشعل من جديد، أو من يستطيع اقتراح سياسة مبتكرة جديدة تعطي للناس بعض الأمل وتحرك فيهم رغبة العودة إلى السياسة داخل المؤسسات وهي الوسيلة الوحيدة أمامنا للتقدم في هذا المجال...

لدينا اليوم نموذج صارخ في فرنسا، التي لم يعد أي حزب ولا أي سياسي قادرا فيها على الحديث مع الناس التي تصر على الخروج كل سبت رغم كل الهدايا التي أعطيت لها ورغم الاستجابة للمطالب التي عبرت عنها أول الأمر. ولدينا في الولايات المتحدة نموذج آخر سبق لرئيس أتى بماله فقط، ودون أي حزب سياسي وبكثير شعارات تدغدغ المخيال الداخلي للصغار الأمريكان والضعفاء والأكثر هشاشة واستطاع الوصول إلى البيت الأبيض رغم ألا أحد كان يراهن عليه، لكنه الآن عالق في مشاكل لاتنتهي. ولدينا بالمقابل نماذج التشرذم والقتل والمواجهات الدامية في أكثر من مكان من العالم (من السودان إلى فنزويلا) وهي نماذج نعتبر أنها لا تعنينا ونتمنى أن نمتلك مايكفي من النبوغ المغربي الشهير ومن الإيمان باستثنائنا المحلي لكي ننجو منها ومن تقليدها، لكن لدينا أيضا عقلنا السليم الذي ينبغي أن يفكر في اتجاه سليم، والذي ينبغي أن يعترف أن هاته الطبقة الحزبية بالشكل الذي هي عليه اليوم لم يعد يؤدي إلى أي نتيجة اللهم نتيجة مزيد من تنفير الناس من السياسة

هذا هو التشخيص، فما الحل؟

هل نواصل سياسة الهروب إلى الأمام، ونمثل دور من لم ير شيئا؟

لا أحد يعتقد ذلك، ولا يوجد أي عاقل على هاته الأرض يمكنه أن يتصور هذا الأمر حلا.

الحل الوحيد هو أن نسرع وتيرة التوضيح للأمور كلها. أن نعطي الناس بدائل حقيقية وأن نتيح لها فرصة اختيار فعلية بين الأحزاب بعد الخروج من حالة الضغط التي أثمرت لنا حكومة ابن كيران ذات ٢٠١١ وحكومة العثماني التي خلفتها.

بعبارة أوضح، الجميع متفق على ضرورة أن نتيح فرصة تكوين حكومة منسجمة فعلا تشتغل وفق تصور واحد ووحيد، بعيدا عن ضغط اللحظات التأسيسية الأولى، وبعيدا أيضا عن ضغط التلويح بالشارع والتهديد والابتزاز والاستقواء وما إليه مما خبرناه منذ ٢٠١١ وحتى الآن

الدستور الذي توافقنا عليه جميعا وصوتنا عليه بشكل كبير تلك السنة دستور متقدم، مافي ذلك شك. الطبقةالحزبية التي تدبره طبقة لايمكن أن توصف بنفس الوصف. هناك خلل بين الإثنين، وهناك تفاوت طبقي كبير. أثبتها ابن كيران قبلا، وأثبتها من أتوا بعده ويثبتونها الآن

الاستمرار في محاولة تركيب هذا الدستور على هاته الطبقة، أو تنزيله من طرفها هو استمرار لن يؤدي إلى نتيجة. أفضل منه التفكير في مرحلة انتقالية ما - لعلها مانشاهده الآن بشكل أو بآخر - قبل إتاحة الفرصة من جديد للمغاربة لكي يختاروا، وهذه المرة بعد أن خبروا الأفعال جيدا وليس الشعارات.

ربما يكون هذا هو الحل، أو بداية الحل على الأقل، وللكلام بقية وصلة حين يأتي الأوان….