ميديا

بعد إعادة تأهيلها في طنجة الكبرى.. مغارة هرقل تستعيد "عشوائيتها"!

محمد كويمن الأربعاء 06 فبراير 2019
1-3
1-3

AHDATH.INFO

مرت أزيد من ثلاث سنوات على تدشين مشروع تأهيل مغارة هرقل من قبل جلالة الملك، وهي مدة كافية لكشف جودة الأشغال المنجزة في أحد أهم المعالم السياحية بالمدينة، بعدما لم يتأخر هذا الموقع كثيرا في استعادة عشوائيته، في الوقت الذي كانت الفرصة المواتية في إطار مخطط طنجة الكبرى لتحويله إلى تحفة فنية تليق بتاريخه الأسطوري وجمالية إطلالته البحرية.

أول ما يبحث عنه الزائر هو موقف السيارات، ليجد نفسه مطالبا بأداء 10 دراهم لفائدة الخواص، قبل أن يتوجه إلى موقع المغارة، حيث الولوج إليها مجانا، والسلطات المحلية لا تستفيد منها ماديا، مقابل الحفاظ على نظافتها وتوفير بعض الخدمات لزوارها، وهكذا تستقبلك ساحة محاطة بمحلات تجارية، العديد منها تبدو مهجورة وأخرى لم يتخل أصحابها عن طابعهم العشوائي في استغلال موقع مهم يجلب يوميا العديد من الزوار المغاربة والأجانب.

وإذا كان المنظر الطبيعي لأمواج البحر وهي تلطم الصخور، أهم ما يثير انتباه الزوار خلال إطلالتهم من ساحة المغارة، فإن وجود لوحة تشير إلى تاريخ تدشين مشروع إعادة تأهيل المغارة يوم 16 أكتوبر 2015، يجعل أي زائر يتساءل كيف اختفت مظاهر الإصلاح بهذه السرعة، حين صار الصدأ يغطي ما تم إنجازه من أشغال، وتعرضت الإضاءة للتلف، وغاب عنها أي شيء يعكس روح المكان، فقط  لوحة بئيسة تشير إلى أسطوة هرقل، قد لا تتمكن من الوقوف عندها طويلا، بفعل رائحة البول المنبعثة من الزاوية التي وضعت بها عند أقصى يمين الساحة.

والتجول داخل المغارة لا يستغرق وقتا طويلا، فبمجرد الولوج إليها أول ما يستهوي الزوار، منظر نافذة المغارة على شكل خريطة القارة الإفريقية، المطلة على البحر الأطلسي، وهي تعكس رمز المدينة، حيث يكون التقاط الصور المهمة الوحيدة للزوار، في غياب إشارات وعلامات تعرف بتاريخ المغارة وتحكي عن حقبتها وتفسر أشكال لوحاتها الصخرية، قبل أن تجد في الجانب الآخر مغارة صغيرة بجوار المدخل الرئيسي يمنحك فرصة التقاط الصور مع القرد والببغاء بعد أداء 5 دراهم.

وكان موقع مغارة هرقل، الذي يعد أهم وجهة سياحية بالمدينة، قد خضع لأشغال إعادة تأهيله، بعدما ظل يعاني من الإهمال وكذا بعدما تعرضت المغارة لأكثر من مرة لأضرار بسبب عوامل طبيعية وأخرى ناجمة عن عملية البناء فوق جزء منها، وتضمن مشروع تهيئتها، المندرج ضمن أوراش طنجة الكبرى، تدعيم جدران المغارة، وإعادة تهيئة الفضاءات الخارجية، وبناء محلات تجارية، ومقاهي ومطاعم، وتحديث شبكة الإنارة.

وكلف مشروع إعادة تأهيل مغارة هرقل، الذي كان جلالة الملك قد أعطى انطلاقته في 26 مارس 2014، في إطار شراكة بين وزارة الداخلية، وعمالة طنجة- أصيلة، والجماعة الحضرية لطنجة، غلافا ماليا يقدر ب 10 مليون درهم، واستمرت الأشغال به نحو 18 شهرا، وذلك من أجل صيانة هذا الموقع الطبيعي، الذي صنف سنة 1950 كمعلمة تاريخية.

وتعد مغارة هرقل، التي تم اكتشافها عام 1906، من أكبر مغارات إفريقيا، حيث توجد بها سراديب تمتد على مسافة 30 كلم مترا في باطن الأرض، وتنتمي إلى مجموعة مغارات منطقة أشقار التي يعود تاريخ استيطانها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، وتم استغلالها كمعمل لصناعة الرحي منذ الفترة الرومانية حتى العصر الحديث، حيث كان سكان المغارة قديما يقومون باستخراج كتل دائرية من الحجر الكلسي من أجل صنع الرحي، كما اشتهرت بأساطيرها القديمة، التي جعلت منها قبلة لزوار المدينة من الداخل والخارج، دون أن يتم استثمار بشكل جيد هذا الإرث الطبيعي والتاريخي لطنجة.