ثقافة وفن

د. سالم الكتبي يكتب.. "عشم ابليس" والمسؤول القطري..!

أحداث أنفو السبت 23 فبراير 2019
Capture d’écran 2019-02-21 à 22.05.10
Capture d’écran 2019-02-21 à 22.05.10

AHDATH.INFO

بقلم: د. سالم الكتبي

"عشم ابليس في الجنة" مثل شعبي رد به مسؤول قطري هو أحمد بن سعيد الرميحي، مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية، على مقال تناول فيه كاتب خليجي معروف موقف قطر ورفضها مشاركة جيرانها لها في استضافة كأس العالم 2022، وهي واقعة كاشفة عن سوء فهم كبير يسيطر على السياسة القطرية ويدفعها إلى الغرور القاتل!

هذا المثل المعروف يقال لمن يطالب بشىء أو امر ليس من حقه، ومطلب المشاركة لم تقل به أي من الدول المقاطعة لقطر، بل واكاد أجزم، من خلال رؤيتي الخاصة وتحليلي للأمور، أن موقف الدول المقاطعة، ولاسيما المملكة العربية السعودية ودولة الامارات ومملكة البحرين باعتبارها الأطراف المعنية بحديث المشاركة، من هذه المسألة معروف مسبقاً، وردها على أي مطلب بهذا الشأن يمكن استنتاجه ما لم يتم التوصل إلى حل جذري للخلاف القائم، لأن القبول بهكذا مطلب، حتى ولو طرح من مؤسسة دولية، يعني طي صفحة الخلاف من دون التوصل إلى حلول لأسبابه! وهذا بحد ذاته مكسب للنظام القطري، بل هو ما يبتغيه ويسعى إليه، أي القفز على أسباب وعوامل الخلاف والانتقال إلى ما بعده!

عندما تم تناول موضوع المشاركة مع قطر كان واضحاً أن الكاتب لا يعبر في تغريدته بالتأكيد عن رغبة رسمية، ولا يوحي بذلك، ولكن تعليقه جاء في معرض تعليق على تصرح أدلى به رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو أثناء وجوده في دولة الإمارات، وقال فيه إن "الفيفا" يبحث في إمكانية أن تساعد دول خليجية قطر في استضافة مباريات كأس العالم.

استغل المسؤول القطري هذا التعليق التويتري، وقال: "أي جيران؟ جيران الغدر والخسة"، كاشفاً عن ضيق أفق وعدوانية ليست غريبة على أمثال هذا المسؤول، الذي لا يعرف الكثير عن معنى الغدر والخسة ويحتاج إلى قراءة التاريخ القريب جيداً كي يتبين له من أولى بهذه الصفة: دول الجوار، أم نظامه الذي يدافع عنه؟، ولا أقول بلاده، فأهل قطر أرفع لدينا من اتهامهم بمثل هذه الاتهامات الخسيسة.

استغربت أيضاً لأن قطر تغضب من أي تعليق خليجي على تصريحات رئيس "الفيفا" بينما تلتزم الصمت حيال التصريحات نفسها، فالاتحاد الدولي حينما تحدث في الموضوع ركز على الأمور التنظيمية، حيث يدرس التوسع في عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم 2022 إلى 48 منتخباً بدلاً من 32 منتخباً كما هو مقرر، وهو عدد يفوق قدرات قطر التنظيمية في جميع الأحوال بالتأكيد، علاوة على أن رئيس "الفيفا" يرى أن بإمكان كرة القدم الاسهام في تسوية الخلاف القائم.

وقال في تصريح له "إذا كان من الممكن أن تستضيف بعض دول جوار قطر عدداً من مباريات كأس العالم، فسوف يصب ذلك في مصلحة المنطقة والعالم أجمع."، وهي رؤية تخص مسؤول دولي، ولها مالها وعليها ما عليها، وقابلة للتفنيد، ولسنا بصدد مناقشة مدى واقعيتها في هذا المقال، لاسيما أنه أقر بأن المسألة له بعد سياسي عميق حين قال "الأمر يرجع لزعماء تلك الدول فيما يتعلق بالتعامل مع الموقف".

لكنه رجح أن الحديث عن مشروع كرة قدم سوف يكون "أسهل بكثير من غيره من الأمور المعقدة"، ولكننا نشير إلى ان غضب قطر جاء بالأساس لأن تصريحاته لم تشر مطلقاً إلى رغبة قطر بل ومطلبها الرسمي منذ أشهر مضت بالاستعانة بإيران في المشاركة في تنظيم البطولة المقبلة!

تريد قطر أن تفرض رغبتها على الاتحاد الدولي والعالم وأن تشرك النظام الإيراني، الذي تصنفه كثير من دول العالم ضمن الدول الراعية للإرهاب، فضلاً عن تورطه في نشر الفوضى والاضطرابات في المنطقة!

لا يريد النظام القطري أن يفهم أن المؤسسات الدولية لها منطق مغاير للمنطق العبثي الذي يدير به "نظام الحمدين" الأمور في الدوحة، وهو منطق مغاير لأسلوب "كيد النساء" الذي استعان به المسؤول القطري للرد على تعليق الكاتب الخليجي، فقد كان حرياً به وهو المسؤول بوزارة الخارجية أن يتحدث بلغة سياسية متحضرة ويعلن رفضه كما يشاء، ولكنه آثر الحديث بهذه الطريقة غير المعتادة في التعامل مع أمور بهذا المستوى من الأهمية!

الإشكالية أن قطر لا تزال تتصور أنها قادرة على استضافة كأس العالم بمفردها، بينما الواقع يشكك في مقدرتها على الاستضافة ليس فقط في حال توسيع نطاق المشاركة، ولكن أيضاً حال الاكتفاء بالعدد الحالي المقرر (32 منتخباً) باعتبار أن الاستضافة لا تقتصر على توفير البنى التحتية والتنظيمية فقط، بل تشمل "حالة احتفالية" تجمع شعوب العالم كافة، وهي مسألة لا تستطيع قطر المتهمة بتمويل الإرهاب ليس فقط من جانب الدول الأربع المقاطعة لها، ولكن أيضاً من وجهة نظر الكثير من الشعوب في العالم!

لا يترك المسؤولون القطريون فرصة إلا ويستغلونها في اثبات عدائهم لدول الجوار، التي كانت تظن يوما أن هناك نظام عاقل يمكن التعايش معه في الدوحة!