ثقافة وفن

عندما يغني حاتم إيدار طربا

حسن حليم الاحد 24 مارس 2019
حاتم ايدار يلهب جماهير النسخة الثامنة لمهرجان سيدي رحال
حاتم ايدار يلهب جماهير النسخة الثامنة لمهرجان سيدي رحال

 

AHDATH.INFO

 حدثان متفرقان في أقل من أسبوع،كنت شاهدا عليهما.

الأول يتعلق بندوة صحفية أقامها حاتم إيدار في إحدى الفنادق الفاخرة بمدينة الدار البيضاء لتقديم أغنيته الجديدة التي تحمل إسم " بنت الباطرون"، لم يكن خلالها إيدار وهو يحاول الترويج لهذا المنتوج الموسيقي الجديد مرتاحا داخليا ،عيناه فضحتا ذلك، كان يحاول بين الفينة والأخرى إخفاء ذلك من خلال ابتساماته التي ينثرها في كل الإتجاهات.

كنت أراقب ذلك من زاوية الناقد بطبيعة الحال، لكن ذاك الصديق الذي يختبئ بدواخلي يدغدغني ويقودني إلى استرجاع تلك الجلسات الحميمة التي جمعتنا، حينها كان يعمل جاهدا لتبرير خرجاته الثلاثة ( 36،بنات الدنيا،تخريبقة) بجملته (الوقت والزمان صعيبان،يحتاجان إلى موارد مالية لضمان العيش).

تبرير يستفزني وأحاول ان أقنعه بأن الموسيقى على الخصوص خلقت لتنفذ إلى أعماق المستمعين ،سواء كانوا فقراء أم أغنياء ،يسمو بهم إلى ما فوق الجاذبية للتماهي مع الرقي في أبهى تجلياته. ومن أجل تحقيق هذا لسنا مجبرين على الإنسلاخ من إنسانيتنا.

الحدث الثاني كان داخل قصر الرياض بالدار البيضاء خلال الحفل الفني الطربي الذي نظمته جمعية عشاق الطرب الأصيل،كنت شاهدا على منتوج فني راقي أحياه حاتم إيدار ورباب الجديدي والفنان الرائع محسن صلاح الدين.

كنت متيقنا أن هذه المناسبة هي المكان الأصلي للفنان حاتم إيدار الذي أمتع الجمهور الحاضر من خلال مواويله الحلبية الصعبة والطقاطيق المركبة التي تستعصي على باقي الفنانين، نظرا لتضاريسها الوعرة التي لايسلم من منعرجاتها أغلب المغنين.

قبل أن يقف على الخشبة ،همس في أذني وقال لي " هذا هو المعقول، وشي لاخرغير طرف الخبز). عندما وقف على الركح بلباسه الأنيق ،تغير كل شيء ،نظراته ابتسامته، كان واثق الأداء بكارزمته المعهودة وشخصيته القوية،على العموم كان منطقيا ومنسجما مع ذاته.

مابين الحدثين فضاءات شاسعة تفصل بين البريكولاج والصدق في الأداء، طبعا الصوت واحد والفنان واحد،لكن الإحساس يختلف .

وانا أستمتع للإنتقلات السلسلة والتموجات الصوتية الراقية وتطويع المقامات والجمل الموسيقية المركبة،أحسست حينها أن حاتم إيدار يستمتع هو الأخر ويمتع،تلمس بالفعل قلوبنا واتخذ محراب الرقي مكانا له،ولبس عمامة الفيلسوف والناسك المتعبد،وحوله نجوم السماء تلألئ مضيئة الفضاءت كلها.سحرنا بأدائه المحترف القادر على تحطيم كل الجسور التي تؤدي إلى الرداءة. أجمع كل الحاضرين على أن حاتم إيدار مكانه هنا وليس هناك.....أرجوك إبق معنا.