الصحراء

حزمة أكاذيب مخيمات تيندوف والمآسي الإنسانية

حكيم بلمداحي الثلاثاء 16 أبريل 2019
Cmokhyymapture
Cmokhyymapture

AHDATH.INFO

عاش أحد مخيمات تيندوف، يوم السبت الماضي، حادثة مضحكة مبكية: عائلتان تتعاركا حول قطعة أرضية من أراضي تيندوف بالجزائر، وتتبادلان إحراق الخيم.

هما عائلتان ضحيتا كذبة كبرى، أو تمويه، أو إجبار على واقع لم يخططا له. عائلتان من بين عدة عائلات تتحدر من الأقاليم الجنوبية المغربية، أو من مناطق موريتانية، أو الجوار، ينصب عليهم يوميا تحت عدة مسميات، ويتفاوت حجم النصب حسب الجهات، وطبعا منها الجهة التي تقتطع لهم أراض في منطقة تحت سيادة الجزائر وتبيعهم تلك الأراضي ليتناحروا حولها وهي لا تخصهم في آخر المطاف.

كذبة تمليك الأراضي في مخيمات تيندوف ليست وحدها المنطلية، أو المفروضة على المحتجزين في تيندوف. هي مجموعة من الأكاذيب مغلفة بعناية من جهات تريد أن تجعل من الصحراويين حطب نار يرغبون في أن تشتعل في المغرب، وذلك لأهداف جيو استراتيجية…

على رأس تلك الأكاذيب تأتي تسمية لاجئين. فهل تنطبق هذه الصفة على محتجزي تيندوف؟ قطعا لا، لأن مفهوم اللجوء كما هو مسطر في أدبيات الأمم المتحدة لا ينطبق على صحراويي مخيمات تيندوف. فالواقع يفيد بأن الناس هناك محاصرون في شبه ثكنة عسكرية مقيدي الحركة والاتصالات ومحكوم عليهم الخضوع لإجراءات عسكرية مما يجعل من مخيمات تيندوف مجرد «كيطو» كبير لا غير. إذن فليس هناك لجوء ولا لاجئين في مخيمات تيندوف.

أما الكذبة الكبرى، التي يروجها المنتفعون من خلق بؤرة توتر في الجنوب المغربي، فهي كذبة الانفصال وخلق دويلة في المنطقة، فصلت مخابرات الرئيس الأسبق للجزائر هواري بومدين تسميتها، وخلقت لها طغمة من المنتفعين وضعتهم على هرم جبهة البوليساريو بعدما انتقتهم بعناية.

كذبة الانفصال هذه فندها قيادي موريتاني من أعلى مستوى صرح بأن قيادة البوليساريو تعلم جيدا بأنه لا مجال لقيام دويلة بين المغرب وموريتانيا، وأن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تعارضان قيام تلك الدويلة. طبعا ينضاف هذا الأمر إلى الموقف المغربي، الذي لا يفاوض إطلاقا لما يتعلق الأمر بوحدته الترابية.

حزمة الأكاذيب طبعا تتناسل، والغريب أنها تفند بين الفينة الأخرى من أعلى المستويات كما حدث مع ما سمته قيادة البوليساريو بالأراضي المحررة وروجته بحماسة في المخيمات، قبل أن يفضحها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي قال إن زعيم البوليساريو تعهد بالانسحاب من المنطقة العازلة. إذن ليس أراضي محررة ولا هم يحزنون، وإنما هي كذبة تعقل بها قيادة البوليساريو المحتجزين بتيندوف. وعلى الرغم من ذلك تصر قيادة البوليساريو وعرابوها على الاستمرار في ترويج الكذبة…

هي نماذج فقط لحزمة الأكاذيب المتناسلة في مخيمات تيندوف وبخصوصها، لكنها تتخذ أبعادا أخطر من تسميتها بالأكاذيب، لأنها تتعلق بمصير البشر الذين يتم استغلالهم بأبشع الطرق وأمام أنظار العالم.

هي أكاذيب تخفي أوضاعا إنسانية ومآس حقيقة يكتوي من نارها شيوخ وأطفال ونساء يتعرضون لكل أنواع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، في حين يغتني البعض على حسابهم، ويريد البعض الآخر أن تبقى حصى بومدين في حذاء المغرب…