ثقافة وفن

#ملحوظات_لغزيوي: الإسلام والمسيحية: القتل الغبي !

المختار لغزيوي الأربعاء 24 أبريل 2019
D45Ya1VU0AAazyd
D45Ya1VU0AAazyd

AHDATH.INFO

يعتقد الذين نفذوا مجزرة سريلانكا الإرهابية أنهم بقتلهم كل ذلك العدد من الأبرياء ينتقمون من قاتل المسلمين في مسجد نيوزيلاندا إبان المذبحة الشهيرة

هم في الحقيقة لم ينتقموا من القاتل الذي يقبع في سجنه ويتظر محاكمته وهو يستفيد من كل حقوقه. هم ينتقمون من الإسلام، ويصورون قاتل نيوزيلاندا على حق عندما يقومون بتفجير كارثي مثل الذي مس كنيسة سريلانكا، وأوقع مايفوق الثلاثمائة قتيل دونما ذنب جنوه...

الناس التي تعاطفت مع المسلمين إبان مجزرة نيوزلاندا، والناس التي وضعت سترة الرأس تضامنا مع المنتسبين لديننا، ورئيسة وزراء البلد التي أصبحت شعبيتها أكثر من شعبية الجميع في بلاد الإسلام عندما وضعت مايشبه الحجاب، كل هؤلاء سيقولون الآن في قرارة أنفسهم "أخطأنا حين تضامنا مع أناس يعتقدون القتل حلا للقتل، ويتصورون الإرهاب دواءا للإرهاب".

المسلمون العاديون أيضا سيقولون في قرارة أنفسهم، لأن تصريحا مثل هذا لاتستطيع أن تقوله علانية في بلدان مثل بلداننا، إن الإساءة للدين تأتي من طرف من يقولون إنهم يدافعون عن الدين، وإن أكبر متجن على الإسلام هم هؤلاء الذين يقتلون الناس باسم الإسلام".

الأمر محزن للغاية، لأنه بكل بساطة سيجر دوامة العنف الديني هاته إلى الاتساع. ومثلما لدينا حمقى موتورون يتصورون الدم حلا لكل المشاكل، لديهم أيضا في أوساط المسيحيين متشددون يؤمنون بمثل ماتؤمن به داعش والنصرة والقاعدة وحزب والله، وسيردون بالمثل في مكان ما وسيقتلون المزيد من المسلمين وهم يتصورون أنهم ينتقمون لإخوانهم المسيحيين الذين سقطوا في سريلانكا ولن نخرج قطعا من هاته الدوامة

وحقيقة من اللازم التفكير فيها بتأن وتأملها بشكل هادئ وإن كانت طبيعة الوضوع غير هادئة: نحن لا زلنا في طور الحروب الصليبية وأيام الغزوات الأولى ومايسمى بالفتوحات

نحن لم نبارح هاته الحقبة في عقولنا وفي أذهاننا وإن كنا قد انتقلنا في الزمن قرونا كثيرة، إلا أن غباء أغلبيتنا يجعلنا رهائن لدى تلك المرحلة الدامية والقاتلة والكئيبة من عصر الظلمات التي مرت منها الإنسانية

لدينا في صفوف السلمين من يتحدث عن الهجوم على ديار الآخرين باعتباره فتحا وغزوة ومن يعتقد أن إدخال شخص واحد للدين هو نصر لهذا الدين وانتصار على الديانات الأخرى

ولديهم في صفوف المسيحيين من لازال يحلم بأيام الحرب الصليبية والدخول إلى بلدان الإسلام وتحويل كل المساجد إلى كنائس وإدخال هؤلاء المتخلفين جميعا إلى ديانة سيدنا المسيح

سيدنا المسيح وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام ومعهما سيدنا موسى كليم الله وبقية الأنبياء أبرياء من كل هذا الهراء الذي يريد الأغبياء إلصاقه بهم. ولو بعثوا في أزمنة الناس الحالية هاته لماوافقوا على تسعة وتسعين في المائة مما يقوم به من يقولون إنهم يدافعون عن شرائعهم

لا نتصور أنبياء الرحمة هؤلاء المبعوثين من السماء إلى المؤمنين وهم يشبهون وجوه الرعب الكالحة من قادة هاته التنظيمات التي تقتل الناس وتغني التراتيل المسيحية أو تقرأ الآيات القرآنية وتكتفي.

لانتخيل أن هناك رابطا بين هؤلاء الذين اصطفتهم السماء ذات يوم لإيصال رسائل المحبة والعدالة والخير وبين هاته الفئات المجرمة التي توزع الحزن والبكاء والعويل أينما مرت وعبرت

ماذا وإلا فإن الأمر لو صح سيكون محزنا ومؤلما وممضا ومسيئا للتصور العام الذي يمتلكه أي إنسان سوي عن الدين

الدين باعتباره رحمة، لا نقمة. الدين باعتباره أداة عطف واقتراب من الآخر لا أداة قتل وتنافر بين الشعوب والقبائل

الدين باعتباره الدين. لا الدين باعتباره السياسة الهمجية التي تخرب العالم وتكتفي

حقيقة يشق على النفس أن ترى ماتراه اليوم من ذهاب بأعين مقفلة نحو مزيد من الانغلاق والإرهاب وإبادة الآخر،  ويصعب أن ترى شبانا صغارا يعتنقون هاته الأفكار القديمة والموغلة في التخلف والرداءة والإجرام، لكنها ضريبة هذا الجهل المتسع الممتد في عالمنا من كل مكان إلى كل مكان

قدرنا الحزين أننا جئنا إلى الدنيا في اللحظة التي قررت فيها هاته الدنيا ردة من نوع جد مرعب، وأعلنت اختيارها الرجوع إلى الوراء.

ما العمل؟

انتظار استفاقتها يوما من هاته الغيبوبة التي دخلتها باسم الدين والابتعاد عن العقل. لا أقل ولا أكثر.

حقيقة ليس لدينا خيار آخر غير هذا الانتظار...