السياسة

الفريق قايد صالح.. قائد أركان أم رئيس دولة؟!

مجيد حشادي الأربعاء 24 أبريل 2019
501-2
501-2

AHDATH.INFO

نشر موقع كل شيء عن الجزائر، مقالا للكاتب عدي الهواري، يحلل فيه سولك قائد الأركان ونائب وزير الدفاع الجزائري، القايد صالح، تناول فيه بالتحليل الدور الذي أصبح يمارسه في ظل استمرار الحراك الشعبي، ولأهميته ننشره نقلا عن الموقع المذكور.

« أصبح الفريق قايد صالح يلقي خطابا، كل ثلاثاء، يجيب فيه عن الحراك الشعبي الذي يطالب بتغيير جذري  للنظام. وهو يكاد يفعل ذلك كرئيس للدولة، وليس كقائد لأركان الجيش.

إنه يجسد علانية الزعامة السياسية بعد أن خلع الحراك الشعبي عن النظام زي التنكر المدني الذي كان يختبئ خلفه. أين هو رئيس الدولة عبد القادر بن صالح؟ في غضون أيام  قليلة، انهارت الواجهة المدنية للنظام مثل قصر من الرمال، واكتشفنا طبقة سياسية سطحية ورديئة بشكل لا يمكن تخيله. وفي غياب موظفين مدنيين مُتحكم فيهم، تعرى ظهر القايد صالح في ساحة سياسية مُلغمة، حيث لم تعد لغة الخشب تؤتي أكلها.

إذا كان يُحسب لقايد صالح أنه لم يعد يهدد المتظاهرين كما كان يفعل قبل تاريخ 22 فبراير، فإنه يُؤخذ عليه في المقابل استمراره في تجاهل مطالب الشعب بانتقال ديمقراطي سلمي دون رموز النظام السابق.

وحجة القايد صالح الأساسية في رفض هذا، هي التمسك بالدستور في الوقت الذي تستمر خطاباته الأسبوعية في اغتصاب هذا الدستور بشكل صارخ.

فبأي صفة يعطي الأوامر لجهاز العدالة لفتح ملفات الفساد؟ أليس هذا من صلاحيات زميله وزير العدل الذي  يمكن أن يتحرك بتوجيهات من رئيس الدولة؟ وبما أنه حريص على البقاء ضمن الإطار الدستوري، فلماذا يرتدي البذلة العسكرية وهو عضو في حكومة مدنية؟ كذلك، أليس ألا يُعتبر الاستمرار في ارتداء البذلة العسكرية في سن الثمانين خرقا لنظام الخدمة في الجيش؟ هل رأينا في بلد من بلدان العالم ضابطا ساميا في سن الثمانين لا يزال في الخدمة؟ إذا كان هناك شخص يجب عليه ألا يتحدث عن الدستور، فهو حتما قايد صالح، لأن شخصه تجسيد للخرق اليومي للدستور؟

إضافة إلى الشرعية التي اغتصبتها القيادة العسكرية أكثر من مرة منذ الاستقلال، لم يستوعب القايد صالح أن الحراك الشعبي هو الذي سيملي على الجيش ما يجب فعله وليس العكس، وهذا لسبب بسيط هو: أن الجيش ملك للشعب صاحب السيادة، والضباط هم موظفون في الدولة مكلفون بتأطير الجيش وتدريبه للدفاع عن البلاد ضد أي عدوان خارجي.

الشعب ليس بخائف من الجيش، ولا في صراع وخلاف معه. الشعب يحترم الجيش، ويحترم ضباطه وقادته ويريد أن يكون فخورا بهم. يريد الشعب من خلال الثورة الحالية، أن يطلب من ضباط الجيش المساعدة لاستعادة هيبة الدولة التي انتهكتها عصبة بوتفليقة. هذه الثورة السلمية سوف تعيد إحياء الدولة وتقوي الروابط بين الشعب وجيشه، وترفع من شأن ضباطه.

يجب على الفريق قايد صالح أن يراجع العرض الذي قدمه، ويقبل بانتقال ديمقراطي تسيره هيئة جماعية مشكلة من شخصيات ذات مصداقية وكفاءة، ولم تكن طرفا في النظام السابق.

ولكن، بدل الاستجابة إلى هذا المطلب الواضح والشفاف، يستمر قائد الأركان في المناورة عبر حبس رجال أعمال وتقديمهم كفدية للرأي العام. أليس الهدف من هذا هو إحالة الآلاف من العمال في ورشات هؤلاء الموقوفين على البطالة  وإضعاف الحراك الشعبي؟ بغض النظر عما إذا كانت التهم الموجهة إلى هؤلاء مؤسسة أم لا، يبقى الحد الأدنى من الشروط السياسية التي تضمن محاكمة عادلة، موضوعية ونزيهة، غير متوفر بعد.

إن تقديم كباش فداء في ظل هذه الظروف السياسية، بغض النظر عن درجة تورطهم ومسؤوليتهم في نهب المال العام، هي مناورة تهدف إلى إضعاف الحراك الشعبي وتقسيمه، وقد بلغت المناورة ذروتها بالاعتقال التعسفي لرجل الأعمال إيسعد ربراب، التي يُراد منها إحالة آلاف عمال مجمع سيفيتال على البطالة.

شئنا أم أبينا، يبقى علي حدادا، ربراب وكونيناف.. بريئين إلى أن تثبت العدالة إدانتهم عبر التحقيقات والمحاكمة العادلة التي يتمتعون فيها حق الدفاع المكفول دستوريا.

ولهذا السبب، فإن اعتقالهم يُعتبر فعلا تعسفيا يندرج ضمن المحاكمات السياسية. ما يجب على السلطات فعله، هو إطلاق سراح هؤلاء والاكتفاء بمنعهم من مغادرة التراب الوطني.

لم يخرج الجزائريون إلى الشارع ” لاصطياد السحرة” أو المطالبة بمحاكمات سياسية، بل خرجوا من أجل تغيير النظام ومنع تكرار الإضرار بالاقتصاد الوطني في المستقبل.

إنهم لا يريدون فقط توقيف الفاسدين، بل كسر آليات الفساد المستشري في مفاصل الدولة. ولهذا، يجب الانتقال نحو دولة قانون بواسطة شخصيات ذات مصداقية لم تتورط يوما مع النظام الفاسد».