رياضة

#ملحوظات_لغزيوي: عند "سي محمد" في الجديدة !

المختار لغزيوي الاثنين 06 مايو 2019
Capture d’écran 2019-05-06 à 13.13.28
Capture d’écran 2019-05-06 à 13.13.28

AHDATH.INFO

كنت أعرف، وأنا أتحول السبت إلى مدينة الجديدة لتلبية الدعوة الكريمة من طرف الرابطة المغربية لصحافيين الرياضين والمشاركة في أشغال الملتقى الخامس للراحل محمد بوعبيد، أن كمية الأحاسيس الإنسانية التي تنتظرني ستكون أقوى من قدرتي على التحمل أو التجاهل

لكنني قطعا لم أكن أدرك أنني بالفعل سأفقد القدرة على الكلام حين الرغبة في الحديث عن الراحل "سي محمد بوعبيد" حد اجترار نفس العبارة مرات عديدة، وحد تكرار الجملة ذاتها وأنا أحاول الفرار من دموع كنت أحس بها قادمة.

لم يغظني هذا الفقدان للقدرة على الكلام بالعكس هو سرني كثيرا وأنا في طريق العودة إلى الدار البيضاء، وقلت لنفسي إن هاته القدرة على الحزن لأناس أحببناهم لوجه الإنسانية ولوجه الزمالة ولوجه العلاقة الخالية من المصالح هي مسألة سوية في نهاية المطاف.

أيضا سرني أن أرى أبناء الراحل محمد بوعبيد في المهنة، وهم يصرون على تخليد إسم هذا العلم الرياضي الكبير، وفي مقدمتهم الإبن البار عبد اللطيف المتوكل رئيس الرابطة ومعه كل جنود الخفاء الذين لازالوا يتذكرون لسي محمد كل صغيرة وكل كبيرة

سرني أيضا اللقاء مع أصدقاء قدامى للراحل، وضمنهم زملاء قطعوا معنا جزءا من الحياة ومن هاته المهنة، وضمنهم أيضا حكام قدامى ولاعبون عبروا الكرة المغربية وتركوا أثرهم عليها مما ستتذكره لهم الأجيال على امتداداتها كلها وإن لم ينالوا الحق الكافي من سماع كلمة الشكر التي تليق بهم

في هذا الصدد غالبت تأثري وأنا أستمع لكلمة الحكم المتميز عبد العالي الناصري وهو يتحدث بكل عمق عن أمور تهم مهنتنا وتهم الرياضة المحلية، فيما ظلت نقطة التأثر الأكبر بالنسبة لي ذلك السبت هي لحظة أهداني الصديق عبد اللطيف ومعه الأهل في الرابطة فرصة نيل درع التكريم من يدي أسطورتين حقيقيتين قي الكرة المغربية هما الرائدان نور الدين البويحياوي وخالد الأبيض

لا أدري بالنسبة لكم، لكن بالنسبة لي الرجلان معا - رفقة كبار آخرين طبعا - صنعا عشق الكرة لدي، الأبيض في الفتح والمنتخب وذات ألعاب متوسطية فزنا بها، والبويحياوي طبعا ذات بولونيا وبونييك وألمانيا برومينيغها والبرتغال قبل ميلاد رونالدو بسنوات .

لن أجد مايكفي من الكلمات لكي أصف شعوري، ولسبب ربما أعلمه أو لا أعلمه تذكرت وأنا رفقتهما الراحل عزيز الدايدي وتمنيت - ولا اعتراض على المشيئة الربانية طبعا - لو لم يختطفه المرض اللعين في سن مبكرة ولو بقي معنا مزيدا من الوقت..

تذكرت كبارا آخرين زرعوا فينا منذ السن الأولى للصبا حب "الجلدة الملعونة"، وتذكرت الرعيل الماجد لمن تركوا الأثر الحقيقي على كرتنا بإمكانيات مادية لا تقارن مع إمكانيات هذا الوقت، لكنهم بالفعل بصموا المسار كل. من التيمومي إلى الحداوي ومن بودربالة إلى المايسترو "مول الكرة" الظلمي مرورا بالآخرين كل الآخرين الذين لن تتسع المساحة هنا لذكرهم واحدا واحدا، لكن مساحة القلب المغربي تتسع لهم وزيادة وتحفظ جميلهم الذي قدموا للوطن، وتعلنها إلى أبد الآبدين أن نسيانهم أمر مستحيل…

جرني التذكر إلى مقارنة الحال بالحال، والتأمل في اللاعبين الذين نافسوا هؤلاء الرواد في بلدان أخرى، وأين هم الآن. تكتشف أن رومنيغيه هو الحاكم بأمره في بافاريا وبايييرن ميونيخ العتيق، وتلمح السير بوبي تشارلتون أو أليكس فيرغسون وهما يتحكمان في الصغيرة قبل الكبيرة في المانشستر يونايتد، وطبعا تبدو لك ملامح بلاتيني يوم أصبح حاكما للكرة في أوربا قبل أن يطيح به بلاتير وهو ذاهب إلى فضائحه

تسأل نفسك على سبيل العناد الصحراوي الشهير "وعلاش حنا ماكنديروش بحال هاكا؟". تلعن الشيطان الرجيم، وتقول لنفسك - على سبيل رومانسية مواسية - المهم إنهم لازالوا في القلب والذاكرة وكفى…

ذات نقاش قديم قال لي سي محمد بوعبيد رحمه الله عن قدماء لاعبينا وقدماء صحافيينا معهم إننا بلد يتذكر الأقوياء الأصحاء فقط، ونصحني بشيء واحد هو الذي لم يكن ينصح إلا من يعنون له شيئا "حاول أن تبقى قويا وسليما معافى أكبر القدر الممكن". ابتسمت وقلت له وأنا غير مستوعب لما يريد إيصاله "بنادم ضعيف آأستاذ واخا مانعرف فين يوصل". أعاد على مسامعي الجملة الأولى ذاتها وقال لي "دبر راسك آفلان.."

تذكرت تلك الجملة السبت، وتذكرت عديد الأشياء...

شكرا للرابطة، شكرا لسي محمد الذي لازال قادرا على أن يجمع من لايجتمعون إلا نادرا، وشكرا للجديدة الجميلة. هذه ذكرى طبعت إلى الأبد في ذهن هذا العبد الضعيف..