ثقافة وفن

الزهراوي يسأل: أمريكا والخليج وإيران.. من المستفيد من دق طبول الحرب ؟

أحداث أنفو الاثنين 13 مايو 2019
1014084095
1014084095

AHDATH.INFO

بقلم/محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية

 

في خطوة قد لا تبدو مفاجئة، دفعت أمريكا بأسطولها البحري إلى سواحل الخليج وعلى التماس مع مضيق هرمز، مهددة إيران بضربة قاسية في حالة ما أقدمت هذه الأخيرة على أية خطوة تمس مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.

تحركات وحالة استنفار تفتح باب التكهنات وتجعل مختلف السيناريوهات تصب في اتجاه إمكانية وقوع حرب أو اصطدام أو احتكاك من المحتمل أن يجر المنطقة إلى المجهول.

قراءات وترجيحات جاءت وفق المؤشرات الموجودة على الأرض، فتحريك البوارج البحرية وحاملات الطائرات وإعلان حالة الاستنفار في القواعد العسكرية الأمريكية بالخليج، يتجاوز منطق استعراض القوة أو توجيه الرسائل.

من جانب آخر، قد تكون متسرعة أو سطحية تلك القراءات، لاسيما وإن السياسة الخارجية الأمريكية، ترتكز على تواثب ومحددات قد تساعد على الفهم وهي بمثابة المفتاح لاستبيان والبحث عن الخلفيات الحقيقية وراء تحرك المارد الأمريكي.

ولفهم السياسة الخارجية الأمريكية والإستراتيجية التي تعتمدها مند نهاية الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، لابد من العودة إلى الوراء، وبالتحديد، خلال الحرب الباردة(1947-1991)، حيث وظفت صراعها آنذاك مع الاتحاد السوفياتي، لتوسيع قاعدة حلفائها وضبط والتحكم في خريطة التحالفات والتوازنات، من خلال استثمار خوف وشعور الدول الأوربية بالتهديد الأمني، ودفعهم إلى الانسياق وراء السياسة الخارجية الأمريكية، وبطريقة لا تخلو من تبعية سياسيا وعسكريا (الناتو).

لكن بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، لم يعد هذا التأثير كما كان سابقا، بفعل ظهور مجموعة من المتغيرات، مما أسهم في تخلص الدول الأوربية من التهديد الأمني الذي كان يمثله الاتحاد السوفياتي، وانتفت تبعا لذلك الحاجة إلى أمريكا، وبدأت تتخلص تدريجيا هذه الدول من التبعية، وتوقفت معظم القوى الأوربية عن الانسياق وراء السياسة الخارجية الأمريكية، بل أصبحت ترتكز علاقتهما على التنافس والاختلاف ولغة المصلحة في حالة التطابق.

وبالعودة إلى حالة التوتر الموجودة حاليا بالمنطقتين الخليجية والفارسية، بفعل سياسة العسكرة والتجييش الذي تعتمدها أمريكا، فمن الواضح أن الإدارة الحالية، تحاول أن توظف القدرات والإمكانات العسكرية والمعرفية والدعائية للتأثير سياسيا ونفسيا في القوى الإقليمية الموجودة، خدمة لمصالحها وإستراتيجيتها.

هذا التأثير الذي هدفه ضبط إيقاع التوازنات والمصالح في المنطقة(ضمان تدفق الغاز البترول، شراء الأسلحة الأمريكية من طرف دول الخليج)، لن يتأتى إلا عبر خلق حالة من التوتر والخوف نتيجة الشعور بالتهديد الأمني والعسكري، هنا، وجدت أمريكا ضالتها في إيران، خاصة وإن هذه الأخيرة ارتكبت أخطاء كثيرة سواء من خلال استعراض القوة، وتواجد مليشياتها في مناطق وبؤر التوتر في سوريا واليمن وتهديد جيرانها الخليجيين، أو بفعل طموحاتها النووية.

على العموم، ورغم الاستفزازات الإيرانية تجاه دول الخليج، أو الأخطاء التكتيكية (المراهنة على روسيا)، فمراهنة بعض دول الخليج كالسعودية والإمارات على أمريكا لصد الخطر الإيراني، يعتبر رهانا خاسرا كذلك، ومحفوف بالمخاطر. فلم يسبق لأمريكا أن خاضت حربا للدفاع عن مصالح حلفائها. بالعكس فقد سبق لها أن تخلت عن حلفائها الخليجين سنة 2013 عندما وقعت إدارة أوباما الاتفاق النووي مع إيران.

خلاصة القول، فوضعية التوتر الموجودة حاليا أو تأجيج الوضع من خلال ادعاء بولتون مستشار الأمن القومي رصد معلومات استخباراتية تفيد إمكانية هجوم إيران على مصالح حلفائها، و الاستعراض العسكري بالمنطقة، يخدم مصالح أمريكا لوحدها، ويندرج في إطار استراتيجيتها القائمة على خلق "أعداء وهميين"، أو النفخ في التوترات لنشر الشعور بالخوف، هذه الاستراتيجية، تجعل الطرف الخليجي في حاجة ماسة إليها، مما يدفعه إلى الانسياق وراء سياساتها الخارجية، سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا وباقي مناطق العالم.