مجتمع

هكذا تحتفل الصغيرات التطوانيات بأول يوم صيامهن

مصطفى العباسي الاثنين 03 يونيو 2019
CaptTETUANure
CaptTETUANure

AHDATH.INFO

         الشدة التطوانية تقليد أصيل، فهو لباس عروس، في ليلة زفافها، ولباس الطفلة في مناسبتين إثنيتن، إما لحظة بلوغها سن السابعة من العمر، أو في أول أيام صومها رمضان الكريم. والشدة هي لباس تقليدي تطواني، تزين به العروسة كما الطفلة المحتفى بها. وتكون ليلة القدر المناسبة السانحة لعدد من الأسر، لتزين بناتها وتحتفل بهم من خلال "الشدة"، وهو نفس الأمر بالنسبة لعدد من الجمعيات التي تشتغل في المجال التربوي والإحساني.

         في تطوان والمناطق المجاورة لها، يعتبر صيام الأطفال يوم 26 من رمضان، واحدة من العادات التي تم الإحتفاض بها منذ القدم، كباقي المغاربة، لكن للفتاة بهاته المناسبة فرحتان، فرحة إفطارها وفرحة الإحتفال بها، حيث يكون أول صيامها، عادة مقترن بسن السابعة من العمر، وهي المناسبة التي تستحق فيها حفل الشدة، الذي ترتدي فيه لباس عروس متكامل.

         في يوم صومها الأول، والذي غالبا ما يكون في سن السابعة من العمر، يحتفى بالفتاة التطوانية، بطقوس وعادات تعود لزمن بعيد، فإضافة لما تحضى به خلال يوم صيامها ذاك من رعاية واهتمام، تكون جائزتها هي ارتداء اللباس التقليدي العريق، المعروف ب"الشدة"، وغالبا ما ينجز من طرف "الزيانة" أو "النكافة" كما تسمى بمناطق أخرى، فيما تجتهد أسر أخرى في تزيين إبنتها وفق إمكانياتها، لكن دائما مع الإحتفاظ بسماة الشدة، ولو من خلال كراء مستلزمات التزيين، المتوفرة بكثرة لدى محلات متخصصة.

         وتزين الطفلة الصائمة، تماما كما تزين العروس في ليلة زفافها، من خلال وضع التاج وسبنية البحر، وغيرها من الحلي والمجوهرات الحقيقية أو المقلدة، حتى أنها تصبح كمن يحمل ثقلا فوق رأسها، ومع ذلك تستحمله الصغيرات، المتزينات بكل ما ترغبن فيه، ناهيك عن تزيين وجوههن بالمساحيق و"الماكياج" الذي يكون ممنوع عليهن من قبل، وكأنهن يدخلن مرحلة جديدة من الحياة.

         ومع اقتراب آذان المغرب، تكون "العروس" الصغيرة، قد استعدت لذلك، ويتجمع حولها باقي أفراد الأسرة، وهو يذكرون الله، ويرتلون بعض الأمداح، فيما تسير هي متخترة، تماما كالعروس، وكاميرات الهواتف النقالة موجهة لها تماما كالمشاهير، في جولة ببهو المنزل أو مكان الحفل، حيث يعد الإفطار، لتوجه مباشرة نحو السلم المنصوب لاستكمال الحفل.

         تحت هتافات "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله..." وغيرها من الإبتهالات والأمداح، التي تردد حتى في مناسبات الأعراس، تكون طفلة "الشدة" قد أعلنت رسميا انتقالها من مرحلة قبل السبع سنوات، لمرحلة جديدة من حياتها، فسابقا، كان يعتبر ذلك، أشبه بنهاية مرحلة الطفولة، ومرور نحو مرحلة أخرى، حيث يصبح لها التزامات داخل المنزل، وتساعد والدتها في كل الأمور، بما فيها الدخول للمطبخ.

         ثواني قبيل الآذان، تصعد الطفلة محملة بزينتها، سلاليم معدة سلفا لهذا الغرض، ومزينة بدورها، حيث يتم ترديد نفس الأمداح وهي تصعد درجا بدرج، ولكل درج له ما يقال وما تصدح به الحناجر، إلى أن تصل لأعلى السلم، حيث تجلس، وتستعد لتناول التمر والحليب من يدي والديها، الذين يشرفان عليها ويكونان برفقتها طيلة فترة الإحتفال.

         تأخذ أولى فقرات إفطارها فوق السلم، ودائما بحصور الأهل والأحباب، وأصواتهم الصداحة يكبرون ويصلون على النبي، قبل أن تنزل الفلة مجددا من على السلم، وتأخذ لها مكان معدا أيضا، كالعروس، في وسط الصالة التي يتم به الإفطار، حيث تكون المناسبة لأخذ صور معها، ولإفطارها بعد يوم صيامها الأول، الذي يعلن به رسميا، تجاوزتها لفترة من طفولتها ودخولها أخرى.

         بعد انتهاء الإفطار، يكون للطفلة موعد آخر، مع تزيين خاص، حيث يتم تزيينها ووضع الكحول في أعينها، وترتدي جلبابا جديدا، أو قفطانا معدا خصيصا لهاته المناسبة، وتستعد بهاته اللبسة، بعد عودة الأسرة من صلاة التراويح، لتحصل على فرصة الخروج لوسط المدينة، والتجول متباهية بصيامها الأول، حيث تجد وسط المدينة، وبعض الأماكن التي تعرف تجمعات أسرية كبيرة، تغص بالصائمات لأول مرة، وحيث يختلط فرح الصغار بالكبار، في ليلة القدر المباركة.