رياضة

الشرعي يكتب: كرة القدم والحس الوطني

بقلم: أحمد الشرعي الثلاثاء 09 يوليو 2019
0F4E6BC5-4039-4D3B-AF86-E79D94910EAE
0F4E6BC5-4039-4D3B-AF86-E79D94910EAE

AHDATH.INFO

 

في الوقت الذي تعيش فيه الجزائر ثورة حقيقية، يمارس فيها الشعب بالملايين حقه أسبوعيا في التعبير عن رغبته في تغيير النظام، وتطلعه إلى الديمقراطية، لم تمنع هذه الفورة الجزائريين من متابعة منتخبهم في نهائيات كأس أمم إفريقيا، وتفاعلهم معه وامتنانهم لما يبذله الفريق الوطني من إنجازات.

ثعالب الصحراء، وهذا هو لقب المنتخب الجزائري، أصبحوا أبرز المرشحين للتتويج باللقب القاري، بسلوك مثالي داخل وخارج الملعب، يعود بالأساس إلى نجاح مدربهم، اللاعب الدولي السابق، في تلقينهم مبادئ الروح القتالية والالتزام الضروريين في هذا المحفل الرياضي. الفريق أثار إعجاب عشاق اللعبة، والجزائريون على الرغم من انشغالهم بسياق الوضع السياسي الراهن في البلاد يستمتعون بهذه اللحظة، ويمنوا النفس بأن تصبح عنوانا لمرحلة جديدة تسود فيها الجزائر المنتصرة.

في مدغشقر تجتاح حمى جميلة البلاد هذه الأيام. الفريق الملغاشي أصبح مفاجأة الدورة، وكل انتصار يحققه أصبح مدعاة لاحتفالات عارمة في الجزيرة. في هذا البلد الذي لم يكن يوما قوة كروية في القارة السمراء، توضع التلفزيونات العملاقة في القرى لإتاحة الفرصة أمام المواطنين لمتابعة الكان. مدغشقر تعيش على وقع إنجازات فريقها الوطني.

في الحالتين معا تظهر جدوى التكوين الرياضي، والطاقم الفني ذي الكفاءة، والتأويل العقلاني للعلاقة بين كرة القدم والشعور الوطني دون سقوط في التعصب.

من البديهي أن الإنجازات الرياضية تؤثر مباشرة في حياة الأمم. في البرازيل، أبكت الهزيمة المرة أمام ألمانيا بسباعية الجدات أيضا. حينها حمل النظام السياسي مسؤولية ما وقع. الإخفاقات الكروية تتحول إلى مآس وطنية، فيما ترسخ الانتصارات قيم العيش المشترك. لنتذكر فوز فرنسا بكأس العام 1998، حين برز شعار «أبيض. أسود. مغاربي» كمعطى وطني عام. للكثيرين، لم تنجح الطبقة السياسية الفرنسية في استغلال هذا المكسب لتصنع منه مشروعا مجتمعيا. معهد الإحصاء الفرنسي كشف أن نمو فرنسا اكتسب نقطة كاملة في تلك السنة، لأن فرح الناس بالانتصار دفعهم للاستهلاك أكثر.

القاعدة الرياضية تصر على أن هناك دائما فائزا ومهزوما. وحزن أحدهم يوازي فرحة الآخر. ولأن هذا الشعور يهم شعوبا بأكملها وليس فقط اللاعبين على الميدان، يتحول الأمر لظاهرة سياسية. هذا ما لا يسع أي مؤسسة رياضية أن تنفيه، ولا اللاعبين الذين يفخرون بحمل الألوان الوطنية.

تحديدا، هذا ما نجح المدرب الجزائري في إيصاله لنجوم الفريق، بمن فيهم من ذوي الشهرة الواسعة.