مجتمع

20 عاما من الحكم .. عندما مهد أمير المؤمنين الطريق أمام المرأة العالمة

سكينة بنزين الاثنين 22 يوليو 2019
m6_cause_
m6_cause_

AHDATH.INFO

«الحمد لله الذي هدى أمير المؤمنين إلى كل تشريع  و تأسيس يحيي به الملة و يزدهر به أمر الدين .. و إن من خصوص عنايتكم الملكية يا مولاي هذه الحلقات الحسنية التي ابتكرها والدكم مولانا الحسن الثاني طيب الله ثراه ..» كانت هذه أولى العبارات التي أسست لمشهد غير اعتيادي ضمن سلسلة الدروس الحسنية، حين شق صوت نسائي طريقه نحو مسامع الحاضرين في شهر رمضان  الكريم لسنة 2003.

يومها افترش الملك الشاب الأرض ليتابع باهتمام محاضرة الدكتورة رجاء الناجي المكاوي، الأستاذة بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس، التي اعتلت كرسيا كان حكرا على الرجال لسنوات في سابقة   تنسجم والخطاب الذي تبناه جلالة الملك منذ اعتلائه العرش، حين اعتبر أن المرأة المغربية شريكا في قاطرة التنمية، لكن يبدو أن لا أحد كان يتخيل أن مفهوم المشاركة كما تبنته إمارة المؤمنين قد يفتح الباب لصعود امرأة درج كرسي يحمل الكثير من الدلالات الرمزية.

المتتبع لسياق الحدث، يدرك أن جلالة الملك باعتباره أميرا للمؤمنين، افتتح يومها صفحة جديدة أعادت للواجهة صورة المرأة المغربية العالمة، بعيدا عن نظرة التبخيس وخطاب التنقيص الذي يحاول البعض الترويج له باسم الدين، في توقيت عرف نقاشات حساسة وحاسمة، وهو ما كشفت عنه الدكتورة المكاوي  قبيل إلقاء محاضرتها حين قالت بالحرف « وها أنتم يا مولاي تفتحون صفحة جديدة غير مسبوقة في العالم الإسلامي وذلك بإذنكم الشريف بأن تشترك المرأة المغربية بين إخوانها العلماء في إلقاء درس في حضرتكم السامية، فيكون هذا اليوم يا مولاي مما يسجل في تاريخ أفضالكم على المرأة المغربية التي جاءت مدونة الأسرة الأخيرة بتوجيهاتكم ضمانا لحقوقها ومركزها، وأنا أشعر بجسامة هذا التكليف أمام جلالتكم وأمام أخواتي النساء"، تقول المكاوي التي كان موضوع درسها  حول " كونية نظام الأسرة في عالم متعدد الخصوصيات"، انسجاما مع النقاش الذي عرفته الساحة المغربية وقتها حول المدونة.

وعلى مدى 17 سنة التي تلت هذا الدرس الانتقالي الذي دشن صفحة جديدة داخل الحقل الديني في المغرب، تحولت الدروس الحسنية إلى موعد سنوي يفسح المجال أمام النساء للمساهمة في نقاشات دينية من زوايا مختلفة تترجم بالملموس الاجتهاد النسائي في الشأن الديني تحت عباءة إمارة المؤمنين، حيث ألقت عائشة الحجامي الأستاذة بكلية الحقوق في مراكش، درسا حول "الاجتهاد في المسألة النسائية" سنة 2004، بينما ألقت السعدية بلميرسنة 2006،  درسا جامعا بين الشريعة والقانون تحت عنوان "إبلاغ الأحكام ومسؤولية الاختيار والتطبيق بين الشريعة والقانون".

أما الوالي زينب العدوى، فقد اختارت حين كانت وقتها رئيسة للمجلس الجهوي للحسابات بالرباط، أن تلقي بين يدي الملك، درسا تحت عنوان "حماية المال العام في الإسلام"، في إشارة إلى إمكانية الأصوات النسائية مناقشة المواضيع الأكثر حساسية، ردا على من يحاول حصر صوت النساء داخل قضايا المرأة، وفي رمضان 2008، ألقت سعيدة أملاح أستاذة اللغة العربية بالمركز التربوي الجهوي بمراكش، درسا حول " عناية المغاربة بلغة القرآن الكريم"، في الوقت الذي ركزت فيه عالية ماء العينين، محافظة خزانة المعارف الجهوية التابعة لوزارة الثقافة بالدار البيضاء، سنة 2009 على " مكانة المرأة في الإسلام ودورها في نقل وتسريح قيم المواطنة".

وفي رمضان 2010 ، ألقت سعاد حائم أستاذة بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة وعضو المجلس العلمي المحلي بالجديدة ، درسا حول" أشراط الساعة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف"، بينما تناولت بهيجة الشدادي عضو المجلس العملي المحلي القنيطرة، سنة 2011 موضوع" مقومات الأسرة في الإسلام"، وردا على الأصوات التي تشكك في أهلية النساء للمشاركة في الحياة السياسية، اختارت نعيمة جمال بنيس، عضو المجلس العلمي المحلي بفاس، تناول موضوع " بيعة النساء والتأصيل لحقوقهن في الإسلام" خلال الدروس الحسنية لرمضان 2012.

وفي رمضان 2013، ألقت الطبية المختصة في الأمراض الجلدية، والواعظة بالمجلس العملي بالرباط،  أمينة العراقي، درسا حول موضوع "دور الإيمان في المحافظة على صحة النفوس والأبدان"، بينما اختارت زهراء ناجية الزهراوي عضو بالمجلس العلمي المحلي لمراكش، سنة 2014، لإلقاء الضوء على " إسهام المرأة في بناء الشخصية المغربية"، وفي رمضان 2015، اختارت وداد العيدوني عضو المجلس العلمي المحلي بطنجة، الحديث في موضوع " الاجتهاد بين ضوابط الشرع ومستجدات العصر".أما أستاذة القانون في جامعة ريتشموند، عزيزة الهبري، فاختارت موضوع "آفة الكبر في مظاهرها الحديثة".

وفي إطار انفتاح إمارة المؤمنين على العمق الإفريقي، ألقت صفية عبد الرحيم الطيب محمد، وزيرة سابقة وأستاذة بجامعة أم درمان وعضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالسودان، سنة 2017  درسا حول موضوع "ثوابت الهوية الإسلامية في افريقيا وتحديات المحافظة عليها"، لتتحول الدروس الحسنية إلى محطة سنوية من أجل التعرف على الفكر النسائي وطرق تناوله للشأن الديني في مختلف تجلياته.