السياسة

مسلمو الأويغور في مصر يخشون "كابوس" تسليمهم الى الصين

AHDATH.INFO الاحد 18 أغسطس 2019
Doc-P-617713-637017468615307077
Doc-P-617713-637017468615307077

AHDATH.INFO - متابعة

أوقفت السلطات المصرية الطالب عبد الملك عبد العزيز مع مجموعة من أصدقائه، وتم اقتياده إلى قسم شرطة في القاهرة حيث سأله المسؤولون الصينيون عمّا يفعله في مصر. وكان المسؤولون يتحدثون إلى الطالب باللغة الصينية، وخاطبوه باسمه الصيني لا الإويغوري.

وكشف عبد العزيز البالغ من العمر 27 عاماً لوكالة "فرانس برس"، تفاصيل عن واقعة جرت في العام 2017 في مصر، وتتمثل بتوقيف أكثر من تسعين شخصاً من طلاب الإويغور، الأقلية المسلمة التي تعيش في إقليم شينجيانغ في شمال غرب الصين. وقال: "لم يذكروا أسماءهم ولم يذكروا من هم بالضبط".

واستمرت الحملة ثلاثة أيّام في الأسبوع الأوّل من تموز 2017، بحسب منظمات غير حكومية. وكان عبد العزيز آنذاك طالباً يدرس العلوم الإسلامية في جامعة الأزهر. وقال عبد العزيز إنّ "رجال الشرطة المصرية قالوا لنا إن الحكومة الصينية تقول إنكم إرهابيون، لكننا أجبنا أننا طلاب في الأزهر فقط". (أسماء الأشخاص المستخدمة في هذا التقرير مستعارة لحماية أصحابها).

وتعد الصين أحد أكبر المستثمرين الأجانب في مصر، وهي تضخ أموالاً في مشاريع البنية التحتية الضخمة مثل إنشاء عاصمة إدارية جديدة شرق القاهرة، وبلغ حجم التجارة بين البلدين مستوى قياسياً بقيمة 13,8 مليار دولار العام الماضي.

وقبل ثلاثة أسابيع من الحملة الأمنية المصرية، وقعت مصر والصين مذكرة أمنية تركز على "مكافحة الإرهاب". وبعد بضعة أيام من الاستجواب في قسم الشرطة بمدينة نصر، أحد أحياء شرق القاهرة الراقية، تم إرسال عبد العزيز إلى طرة أحد أشهر السجون المصرية.

وقد أطلق سراحه بعد احتجازه ستين يوماً وفرّ هارباً إلى تركيا في تشرين الأوّل 2017. ولم ترد وزارة الداخلية المصرية والسفارة المصرية في القاهرة على أسئلة وكالة "فرانس برس" حول هذا الموضوع.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ ردّاً على سؤال عن ترحيل الأويغور في 2017، إنّه "يتمّ إبعاد المخالفين أولاً بأول، ومن بينهم رعايا لجمهورية الصين الشعبية، ضمن جنسيات كثيرة أخرى".

الممارسات الصينية

يروي شمس الدين أحمد البالغ من العمر 26 عاماً وهو طالب أويغوري آخر، تفاصيل توقيفه في الرابع من تموز 2017 خارج مسجد موسى بن نصير في حي مدينة نصر. وأوضح لفرانس برس أن والده كان فقد في إقليم شينجيانغ في الشهر نفسه.

ويشير العديد من الأويغور، بمن في ذلك الذين تحدثت معهم وكالة فرانس برس، إلى شينجيانغ باسم "تركستان الشرق". وقال أحمد متحدثا عن والده "ما زلت لا أعرف ما إذا كان حياً أم ميتاً".

وبحسب أحمد، توقفت عربات سوداء لا تحمل لوحات معدنية أمام مسجد موسى عقب انتهاء صلاة العصر وقام نحو خمسة من رجال الشرطة بتوقيف العديد من المصلين الأويغور.

وتم نقل أحمد أيضاً إلى طرة، وهو مجمع السجون الذي يضم العديد من السجناء السياسيين البارزين في مصر. وقال "شعرت بالخوف عندما وصلت إلى هناك. كان الظلام شديدًا (...) وقلت لنفسي كيف سنخرج من هنا؟". وأضاف أحمد "كنت خائفاً من تسليمنا إلى السلطات الصينية".

داخل السجن، تم تقسيم سجناء الأويغور إلى مجموعتين كبيرتين، تضم كل واحدة من 45 إلى خمسين شخصا، ثم نقلوا الى زنزانات كبيرة لمدة أسابيع.

وقبل أسبوعين من إطلاق سراحهم، تم تقسيم الأويغور وغيرهم من المسلمين الصينيين من أصل عرقي مختلف إلى ثلاث مجموعات وأُعطيت كل مجموعة لونا معينا: اللون الأحمر لمن سيتم ترحيله، والأخضر لمن سيُخلى سبيله، وأخيرا الأصفر لمن سيتم توجيه مزيد من الأسئلة له.

وقال أحمد إن حراس السجن قيّدوا أيدي السجناء وعصبوا أعينهم ثم نقلوا العديد من أفراد المجموعة إلى شاحنات متجهة إلى أقسام شرطة القاهرة.

وأضاف أنه خلال 11 يوماً في حبس الشرطة، استجوبه ثلاثة مسؤولين صينيين عن والده على وجه التحديد. ومن بين الأسئلة التي طرحت: "أين هو وكيف يرسل لك المال؟".

كان أحمد في المجموعة ذات اللون الأخضر، ما يعني أنه سيتم إطلاق سراحه في النهاية. وفي أوائل تشرين الأول 2017، هرب إلى اسطنبول. وأكد عبد الولي أيوب وهو أستاذ علم لغويات الأويغور المقيم في النرويج، أنه سمع روايات مماثلة من موقوفين آخرين.

وقال أيوب الذي أجرى أبحاثا عن مجتمع الأويغور في مصر "إنها الممارسة والتكتيك المطبق في معسكرات الاعتقال في الصين (...) لا أعتقد أنها صدفة". وأضاف أن السلطات الصينية تستخدم الألوان الثلاثة نفسها للأويغوريين المحتجزين.

وفقا لمنظمات حقوقية، هناك أكثر من مليون من الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة محتجزون في شبكة من معسكرات الإعتقال في الصين حيث يخضعون لإعادة تأهيل سياسي. وتقول بكين إن معسكرات "مراكز التعليم" ضرورية لمواجهة التطرف الديني.

ورأى عالم الأنثروبولوجيا بجامعة واشنطن دارين بايلر أنّ "محاولات مماثلة قام بها مسؤولون صينيون في تايلاند وفي أماكن أخرى" لتسليم أويغور مغتربين.

وقال لفرانس برس "لكن الاستقلالية التي سمح بها للسلطات الصينية في مصر غير مسبوقة". وأوضح أيوب الأثر المدمر لحملة 2017 التي قللت من حجم مجتمع مزدهر. فقد أصبح يتألف من خمسين أسرة بعد ما كان يضم نحو ستة آلاف شخص.

وقال: "بالنسبة للأويغور، إنه لكابوس أن يقوم أخاك المسلم بالسماح لمسؤولين صينيين باستجوابك. فقدوا إيمانهم وأصبحوا يخشون الحياة في المهجر".

يعتبر عبد العزيز مفسه محظوظا لأنه وجد فرصة في النجاة، لكن مصير الأويغور الآخرين الذين طردتهم مصر يشغله. وقال "مرت سنوات منذ أن سمعنا أي شيء عن الذين تم ترحيلهم وعائلاتنا (...) نحن لا نعرف شيئا".

المصدر: euronews