مجتمع

"أحداث أنفو" تشارك المهاجرين المغاربة رحلة العودة على متن خط الحسيمة موتريل

مصطفى العباسي الأربعاء 21 أغسطس 2019
5
5

AHDATH.INFO - الحسيمة/موتريل

مئات من السيارات مصطفة على طول مدخل ميناء الحسيمة، الحرارة ترتفع مع تجاوز عقارب الساعة منتصف النهار، انها بداية مرحلة العودة للمهاجرين المغاربة عامة، لكن لأبناء منطقة الحسيمة، هذا العام ميزة، ستساعدهم في رحلة العودة، كما اعانتهم في رحلة القدوم، وهو أحداث خط جديد يربط بين منارة المتوسط ومدينة موتريل وسط شرق إسبانيا، تابعة لشركة "طانسميدترانيا"، مما سيغنيهم عن قطع مسافات طوال، في اتجاه الناضور، مليلية، أو حتى لسبتة او الميناء المتوسطي.

بدى الإكتضاض كبيرا، عدد السيارات في تزايد، باخرة "فيلا دي تيرور" العملاقة ترصو على الرصيف، وتباعا تدخل السيارات بنظام بإشراف طاقم متخصص، يتكون من مغاربة وإسبان، في ظل إجراءات أمنية وجمركية تبدو جيدة، بين الرقابة المطلوبة، وتيسير السفر لآلاف المهاجرين المغاربة، العائدين لديارهم ببلاد المهجر، منهم راكبو السيارات ومنهم الراجلين، كل ذلك كان خلال رحلة نهاية الأسبوع، البداية الرسمية للمرحلة الثانية لعملية العبور، مرحلة العودة.

منذ منتصف النهار والنصف، بدأت الباخرة، تشحن ركابها الراجلين والراكبين، حيث كانت جل السيارات، إن لم نقل كلها، تحمل ترقيما اوربيا، غالبيتهم لدولتي هولندا وألمانيا، وقلة قليلة لفرنسا وإسبانيا.. وبدى الأمر سلسا رغم الأعداد الكبيرة للمسافرين والسيارات، حيث كشف "أليكسيس ديلگادو" مسؤول الخدمات والجودة بالباخرة، عن كون عدد الركاب المسافرين كان في مستواه الأقصى، فرغم أن طاقة السفينة تصل حتى إلى 1500 راكب، إلا أنه تم الإكتفاء بحوالي 1200 راكب، لضمان خدمات افضل للمسافرين، وهو أعلى رقم يسجل في رحلات الباخرة "فيلا دي تيرور"، خلال عبورها الأول هذا الموسم، وهو الرقم الذي سيتم الإحتفاظ به خلال مختلف الرحلات، حيث عاينت أحداث أنفو، بمقصورة بيع التذاكر، توقف البيع مبكرا، وعدم تمكن بعض المهاجرين من السفر يومه، لكونها كانت ممتلئة، وهو ما يدل على مستوى الإقبال على هذا الخط، الذي يشتغل مناوبة، بين موتريل الحسيمة، ايام الاثنين، الأربعاء والجمعة، وعلى خط موتريل الناضور ايام الثلاثاء، الخميس والسبت. 

لم يتسنى للباخرة المغادرة، في توقيتها الرسمي، الثالثة بعد الزوال، بسبب كثرة السيارات، والإجراءات الأمنية، لكنها لم تتأخر كثيرا حيث غادرت نصف ساعة بعد توقيتها المعلن، وهو توقيت جيد، بالنظر للعدد الهائل للسيارات والمسافرين، لتعلن قائدة الخدمات بالباخرة ماريا كاربالو، عن انطلاق الرحلة التي تدوم بين 4 ساعات والنصف حتى خمس ساعات، وتقدم بعض مواصفات الباخرة ومميزاتها. خاصة لمن يسافر على متنها لأول مرة، حيث بدى واضحا من الوهلة الأولى، أنها تختلف كثيرا عن تلك التي اعتادها العابرين بين الضفتين، وهو ما جعلها تصفها بكونها "العبّارة الأحدث في أوروبا"، وهو ما أكده في تصريح للموقع مسؤول الجودة والخدمات "أليكسيس"، مضيفا ان محركاتها هي الأقوى على الإطلاق بالمنطقة، والاسرع في الربط بين الضفتين، إذ لا تتعدى 5 ساعات بالنسبة لخط الحسيمة، وأقل من 4 ساعات لخط الناضور. 

داخل السفينة عالم آخر، من صعد أولا، احتل عددا من المقاعد، سواء داخل المطعم، أو بالمقصورات المتفرقة، مما جعل الكثيرون يبقون بدون مقاعد ولا مكان للجلوس، ورغم تكرار إحدى المضيفات، عدة مرات، لنداء تترجى من خلاله من "يحتل" عدد أكبر من المقاعد، اخلائها حتى يتمكن باقي الركاب من الجلوس، رغم النداءات لم يحرك أحد ساكنا، وبقيت جل المقاعد محجوزة دون وجود جالسين على طول الرحلة، بل عاينا بعض الأسر، حجزت أماكن بالمطعم والصالون وحتى بالمقصورات، وأخرون تمددوا على مقاعد لأربعة أشخاص ليناموا مرتاحين، فيما غيرهم واقف أو يجلس على الأرض مباشرة. ورغم النداءات ومحاولة طاقم السفينة تدبر الوضع، إلا أنه بدى جليا، أنه لا حياة لمن تنادي، وبقيت المقاعد محتلة، رغما على الجميع.

بحرج كبير، تحدث "أليكسيس" عن الموضوع، موضحا، انهم لا يعرفون ما يقولون ولا ما يفعلون في مثل هاته حالات، حيث يواجهون بأشخاص غير مستعدين للفهم أو التفاهم، يحتلون عددا كبيرا من المقاعد، وحينما يحدثونهم بهذا الخصوص، لا يبالون. وهو ما جعل، المتحدث، يؤكد ان عدم تمكين عددا من المهاجرين من تذاكر السفر، رغم وجود فارق يقارب 400 بين الطاقة القصوى والمتواجدين بالسفينة، راجع لهذا السبب، حيث انه رغم هذا الفارق الكبير، إلا أن الكثيرون لم يجدوا مكانا لهم، وبذلك، يوضح، سنعمل على البحث عن صيغ جديدة، لتجاوز هذا الأمر لكونه مزعج ومقلق لنا، ولزبنائنا، ممن لم يجدوا أماكن، مما قد يسيء لسمعة الشركة، في حين أن هناك من يستمتع بثلاث او اربع مقاعد لوحده.

بغض النظر عن هذا المشكل، كان طاقم السفينة يتحرك كخلية نحل، لتوفير هاته الخدمة أو تلك، ويقدم المعونة لكل من يحتاجها. فيما انتشر الأطفال عبر فضاءات مختلفة، منهم الصغار اختاروا فضاء الألعاب داخل السفينة، وآخرون استفادوا من سخونة الجو، للسباحة على ظهر المركب، حيث يتوفر على مسبحين صغيرين، أحدهما برشاشة، والثاني للسباحة. وعلى محيط المسبحين، امتدت مقاعد وشرفات على مدى ثلاث طوابق، تجمع بها بعص الركاب، منهم من بحري أبنائه السابحين، ومنهم من يستمتع بالمشهد "البانوراميك" للبحر والشمس، وخيوط سرعة المركب المرسوم على أديم البحر. 

جل المغادرين على متن الباخرة، بدى واضحا، أنهم وجدوا السبيل السهل أخيرا، سيدة من مارسيليا، قالت مصرحة، انها كانت تنتقل لاحد الموانئ الأخرى للسفر، وكان ذلك متعبا، لكنها اليوم تنطلق من الحسيمة مباشرة، ولمنطقة، يسهل عبرها السفر لمدينتها، نفس الشعور عبر عنه العديدون، في تصريحات مباشرة، أو خلال أحاديثهم وتعليقاتهم، إذ تبين أن هناك إقبال كبير على الخطين، سواء المنطلق من الحسيمة أو من الناضور. حيث يختصرون عدة كلمترات، على التراب المغربي كما الإسباني، إذ ان موتريل تبعد عن الجزيرة الخضراء بأكثر من 300 كلمتر، وهي مسافة يربحها مستعملي هذا الخط مقارنة بزملائهم المنطلقين من طنجة المتوسط أو سبتة المحتلة. ناهيك عن نقص الوقت والمسافة الرابطة بين الحسيمة، وأحد موانئ المنطقة التي كان يضطر هؤلاء للتوجيه إليها.

في زيارة لقمرة القيادة، تتبين عظمة هاته السفينة العملاقة فعلا، حيث التجهيزات الحديقة، والآليات الدقيقة، وداخلها فقط ثلاثة أشخاص، من بينهم القائد، ومساعدين. وفي توضيح للموقع، كشف القبطان، عن خفايا وأسرار سفينته، مؤكدا أنها الأحيان على مستوى المنطقة ككل، وأن سرعتها كبيرة، وتجهيزاتها حديثة، وتشتغل بنظام أوتوماتيكي، يمكن من قيادتها شخص واحد، رغم كبرها ورغم ما تحتويه من أمور قد تبدو معقدة. وكشف كبير الربابنة، أن السفينة يتم تشغيلها بواسطة محركين بقوة 27210 حصاناً وسرعة 22 عقدة، وتضم أحدث الابتكارات التكنولوجية وقد تم بناؤها وفقاً لمعايير الكفاءة الحالية واحترام البيئة. 

وعلى المستوى البنيوي، تتوفر الباخرة، المنتمية لطرانسميدترانيا، على تسعة طوابق، وبار كافيتريا وبوفيه طعام استراحة للاستمتاع بمستوى ممتاز من الطعام، وحانتين في مؤخرتها وبار بريميوم وتراس مع حمام سباحة خارجي وخمس حجرات مصممة ومنطقة كبار الشخصيات VIP ومتجر و 2 شرفات زجاجية وحضانة وأربعة قاعات كراسي. يبلغ طولها 139 متراً وتتسع لـ 1505 راكباً و 450 مركبة. 

التاسعة ليلا وبضع دقائق بالتوقيت الإسباني، اي حوالي 4 ساعات و45 دقيقة على مغادرة السفينة، لميناء الحسيمة، هاهي ترسو بميناء موتريل، حيث بدأت السيارات تستعد للنزول، تحت إشراف صارم للطواقم الكلفة بذلك، لحفظ النظام، خاصة وأن هناك مراقبة للجوازات والجمارك في الانتظار، حيث بدا عناصر الشرطة الوطنية، خدومين لتسهيل المرور لمئات السيارات، بالمقابل، كان عناصر الحرس المدني، بالمرصاد، حيث عمدوا لتفتيش عدد من السيارات بشكل دقيق، وباستعمال كلابهم البوليسية، ولم يكن بحثهم، هاته المرة، عن مخدرات محتملة التهريب، بل عن اللحوم التي يمكن، أن يمررها المهاجرين المغاربة، خاصة وان عودتهم تزامنت مع عيد الأضحى، ولدى السلطات الحدودية الإسبانية، أين ما كانت، تعليمات صارمة، بمنع مرور اللحوم، وهو ما جعل قائد مجموعة المراقبة يركز في تعليماته لزملائه، بالبحث عن الثلاجات المحمولة، التي يمكن أن تحوي لحوما.