اقتصاد

خبير..المنطق الحزبي أفرغ مناصب المسؤولية من الكفاءات

أحمد بلحميدي الجمعة 23 أغسطس 2019
فينا
فينا

AHDATH.INFO

المغرب في حاجة إلى كفاءات جديدة. في خطاب العرش الأخير، كلف جلالة الملك محمد السادس رئيس الحكومة بأن يرفع إلى جلالته في أفق الدخول المقبل مقترحات «لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق».

فهل نعيش أزمة كفاءات؟ وما هي الكفاءة في حد ذاتها؟

أن يتحدث الملك عن الموضوع في خطاب العرش، ويكلف رئيس الحكومة بإغناء مناصب المسؤولية بكفاءات عالية المستوى، «معنى هذا أن هناك شيئا مقلقا»، يرد إدريس الفينا الأستاذ بالمعهد العالي للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، موضحا أنه هناك فعلا قلقا ملكيا فيما يخص القيادات القادرة على قيادة الإصلاحات.

الخبير الاقتصادي لفت كذلك  إلى أن هذه ليست الأولى المرة التي يثير فيها جلالة الملك الموضوع، قائلا: «من خلال رصدي للخطب الملكية، كان الملك دائما يدعو إلى اعتماد الكفاءات ووضعها في المكان المناسب، ثم إن الدستور كأسمى قانون للبلاد ينص بوضوح على مسألة الكفاءة».

لكن ما هي الكفاءة وهي مواصفاتها التي يتعين أن يتصف بها المسؤول؟  الكفاءة مفهوم معمول به منذ القديم وفي جميع المستويات، يؤكد المتحدث ذاته، مبرزا بأنه حاليا، جميع الديمقراطيات متفقة على أن الكفاءة تأتي من الأكاديميين، ذوي التكوين العالي وفي مختلف المجالات. فهذه هي الفئة الموجودة في مراكز القرار وهي التي تقود الإصلاحات.

لكن الفرق، أنه في الدول الديمقراطية الكفاءات والخبراء ينشأون في أحزاب سياسية، حتى إذا ما تسلمت هذه الأحزاب مقاليد الحكومة، تجد نفسها متوفرة على كفاءات على جميع الأصعدة، يشير الفينا مضيفا أنه الأكثر من ذلك.

الأكثر من ذلك, فحتى هذه النخب السياسية المكونة تكوينا جيدا في مجال اختصاصها ليست لديها اليد الطولى في منصب المسؤولية، بقدر ما إنها محدودة عند إطار معين, حسب الفينا.

مثلا في فرنسا، يستطرد الخبير المغربي، سلطات الوزير تقف عند سلطات الكاتب العام للوزارة، حيث إن هذا الأخير، تم تنصيبها ليس في إطار المنطق الضيق للحزبية بقدر كفاءته وخبرته العالية.

"لكن الأمر يختلف عندنا، إذ يهيمن المنطق الحزبي في التعيينات وذلك منذ تفويت بعض الاختصاصات الملكية للحكومة طبقا لدستور 2011». الدليل على  ذلك الحكومة السابقة والحالية والدليل أن هاتين الحكومتين عينتا في المناصب العليا طبقا لدستور 2011 أزيد من ألف تعيين تحكمت فيه المعايير الحزبية «وليست الكفاءة لقد تغيرت الإدراة بشكل جذري منذ 2012 وإلى الآن، لكن مع الأسف نحو الأسوء» حسب الفينا، مستنتجا أن المغرب يعيش وضعا «كارثيا» على مستوى الكفاءات التي تسير الآن الشأن الحكومي والإداري.

إنه ترد حقيقي، في غياب استقطاب الكفاءات الوطنية العالية. قبل دستور 2011 الذي متع الحكومة بصلاحيات واسعة، كان المغرب يتوفر في مناصب المسؤولية شخصيات ذات تكوين عالي في قطاعات مختلفة، بعضها توفي إلى رحمة الله وبعض الآخر ذهب إلى التقاعد، تاركة فراغا مريعا وترديا واضحا في دواليب المسؤولية. «فأيننا من كفاءة من طينة مزيان بلفقيه رحمه الله»، يتحسر الفينا.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن  الزبونية حتى داخل الأحزاب بنفسها أفرغتها من نخبها المكونة. فحزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يتوفر على الآلاف من الاقتصاديين والقانونيين والأطباء والخبراء الحقيقيين، أصبح الآن فارغا إلا من بضع كفاءات تعد على رؤوس الأصابع.

"تخيل إنه خلال الاختبار بين شخصين أحدها مهندس أو دكتور والآخر لايمتلك إلى شهادة  ليسانس مثلا، يتم تفضيل الثاني لأنه فقط يحظى بولاء لهذا الحزب أو ذاك». أين الكفاءة؟ أين الخبرة؟ ذهب أدراج المنطق الحزبي الضيق، تختم النبرة المتحسرة للخبير الاقتصادي المغربي.