رياضة

عويطة يجري الليلة..

سعيد نافع الأربعاء 09 أكتوبر 2019
o-SAID-AOUITA-570-504x293
o-SAID-AOUITA-570-504x293

AHDATH.INFO

كان اسمهم يكفي..

كان اسمهم سعيد عويطة ونوال المتوكل ومولاي براهيم بوطيب وخالد السكاح وفاطمة عوام والحسنية الدرامي ونزهة بيدوان وخالد وابراهيم بولامي وجواد غريب والقائمة طويلة..

لم نكن نعرف ماهو اسم رئيس جامعة ألعاب القوى ولا المدير التقني،باستثناء عزيز داودة ولحسن صمصم عقا.. لم نكن نعبأ بمحيط هذه الرياضة التي احتلت قلوب المغاربة بعد كرة القدم بعد توالي الإنجازات منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي.

لم نكن نهتم كثيرا، لأن الأسماء الكبيرة كانت بجهد القلب والرجلين تغطي على كل شيء وأي منصب، ولأننا كنا نعلم، حتى عندما كانت قلوبنا تخفق بشدة ونحن نراهم مع المنافسين في خط الانطلاق، بأن هناك شيئا كبيرا سيحدث في نهاية السباق، في تلك المائة متر الأخيرة الفاصلة قبل خط الوصول.

بدأت قصة سقوط هذه الرياضة عندما بدأ الكل يخون الكل. فجأة لم يعد سعيد عويطة ذلك الرمز الذي وضع اسم المغرب في أعلى قمم المجد مع دول الرياضة في العالم، بل شرعت الألسن ومعها بعض الصحافيين سامحهم الله، في رسم معالم شخص آخر لا عهد لنا به، يكولس صباح مساء لخطف العدائين الواعدين ليرميهم في أحضان التجنيس لفائدة بلدان أخرى، لأن شخصا ما أو أشخاصا حاربوه ومنعوا مدرسته من الاستمرار، وأبعدوه عن الإدارة التقنية للجامعة.

ثم قيل لنا إن نوال لاتعترف إلا بأمجادها الشخصية،كرياضية وكإدارية في أعلى سلم الجهاز الذي يدير أم الألعاب عالميا.

ثم رأينا كيف مسح اسم مولاي ابراهيم بوطيب، وكيف اتهم البولاميان، وكيف ضاع السكاح بحثا عن أبنائه.. وكيف دبرت في ليل، عملية اختطاف رياضة بأكملها، بعد اختلاق صراع من المفروض أن لا يكون أصلا، بين أحيزون والكروج، البطل العالمي والأولمبي السابق.

ولعل المحزن في قصة السقوط المدوي لرياضة ألعاب القوى، هو الفشل المزمن الذي صار ملازما لكل مشاركاتنا الخارجية. حتى الألعاب التي كنا ننافس بها بالصف الثاني للعدائين مثل الألعاب المتوسطية أو العربية أو الإفريقية، توالت فيها الإخفاقات بطريقة ممنهجة، لا توحي فقط بالتقصير في العمل والإعداد والتدريب، بل تعطي صورة كاملة عن كيفية وأد رياضة بكاملها.. بأيدينا.

جرد الحصيلة في المسابقات الإقليمية والدولية خلال العشر سنوات الأخيرة لن يعمق فينا سوى الآلام. نتراجع كل يوم، فيما تستمر الدول التي شكلت دائما جبهة المنافسة لألعاب القوى المغربية، كينيا وإثيوبيا، في اعتلاء بوديوم التتويج في كل المناسبات. وللذين يتذكرون زمنا ذهبيا مضى، يشكل هذا المشهد عنوانا في غاية السوء للمرحلة ككل.

الثابت في الرياضة هو الاستمرار والتطور وليس العكس. هذا القانون الرياضي العام لا يسري على ألعاب القوى المغربية للأسف. في الجمع العام الأخير للعبة، رأينا ورأى معنا العالم، كيف يتصارع شخصان، لهما قيم مختلفة صحيح ويأتيان من عوالم متباعدة، لكن هذه الرياضة بالتحديد تحتاجهما معا. وفي غياب الرجل الرشيد الذي يمسك الخيط المقطوع من طرفيه ويجمع، خرج علينا أصحاب المصالح من كلا الاتجاهين بفتاوى القطع والردة، ودفعوا بالصراع إلى نهايته.

أحيزون تريده الأندية وهذا لاشك فيه،لما للرجل من يد فضلى عليهم وعلى ميزانيتهم مادام أن القطاع الاقتصادي الذي يشرف عليه هو الممول الرسمي لجامعة ألعاب القوى.

والكروج بما له من خبرة تقنية وتجربة كبيرة في المضمار، وجوده مهم وحيوي لتطوير اللعبة ومأسسة الشق التقني، وإخراجه من براثن فوضى التسيير الذي أكل عليه الدهر.. ونام مستريحا. كلاهما كان ومازال ضروريا لتستمر اللعبة، وفق الإشعاع الذي نتطلع إليه جميعا. ليس هما فقط، ألعاب القوى بحاجة لكل من يقدم مساعدة في أبعادها المختلفة، وليس من يبحث عن مجد تغذيه «الأنا» الخاوية.

«عويطة غادي يجري اليوم».. كانت عبارة ترفع رؤوس المغاربة، رجالا ونساء، شيبا وشبابا وصبيانا، لأننا جميعا كنا نعلم أن بطلا منا، يشبهنا، سيقهر العالم في تلك الليلة وسيعلي رايتنا المشتركة. كانت المسألة فخرا ذاتيا لكل واحد منا.

هذه هي ألعاب القوى التي ننتظر عودتها من هذه الكبوة المفتعلة.