السياسة

مؤتمر العدالة بمراكش يدعو إلى تأهيل عناصر السلطة القضائية

رشيد قبول الثلاثاء 22 أكتوبر 2019
مؤتمر مراكش
مؤتمر مراكش

 

مراكش: رشيد قبول

اعتبر المشاركون في المؤتمرالدولي للعدالة التي انتهت أشغاله مساء اليوم الثلاثاء، أن "طوير وتحديث المنظومة القانونية المنظمة للتجارة والأعمال بما يتلاءم والمعايير الدولية المعتمدة، وقيام القضاء بدوره الفاعل في تحسين مناخ الأعمال، وحسن توظيف تكنولوجيا المعلوميات، وخلق تقارب بين الدول، وقيام التكتلات الإقليمية بدورها الكامل في الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وتحسين الحكامة والشفافية في إدارة المقاولات"، "آليات من شأنها الرفع من تصنيف الدول في مؤشر "سهولة ممارسة الأعمال"، خصوصا الشق المتعلق بحماية المستثمرين.

كما نوه المشاركات والمشاركون في هذا المؤتمر بمبادرة انعقاد دورته الثانية، في أفق انتظام عقد دوراته مستقبلا، كمنبر عالمي للتعاون والتقارب بين الأنظمة القانونية والقضائية، وتقاسم التجارب الناجحة للنهوض بالاستثمار، والاستئناس بالممارسات الفضلى في هذا المجال؛ مقدرين "الجهود التي تبذلها المملكة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، في سبيل إصلاح منظومة العدالة المرتبطة بالاستثمار الإصلاح الشامل والعميق".

كما اعتبر المشاركون في الدورة الثانية من مِؤتمر العدالة بمراكش أن "الرسالة الملكية التي وجهها جلالته إلى المؤتمر، ورقة عمل للمؤتمر بحكم ما حفلت به من مضامين جد متقدمة بشأن موضوع العدالة وحماية الاستثمار".

وبعد تداول الآراء، واستعراض التجارب، ومناقشة الرؤى والأفكار فيما بين المؤتمرين حول محاور المؤتمر، المتعلقة بتحديث المنظومة القـانونية للأعمـال، ودور القضاء في تحسين مناخ الأعمال، وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات، ورهـانات التكتلات الإقليمية، أصدروا إعلان مراكش لسنة 2019 حول "العدالة والاستثمار: الرهانات والتحديات "، داعين بخصوص محور تحديث المنظومة القـانونية للأعمـال، باعتباره المدخل الأساسي لخلق بيئة قانونية تساهم في جذب وتشجيع وحماية الاستثمار:

 

إلى العمل على تحديث المنظومة القانونية للأعمال والأمن القانوني عن طريق ملاءمة المنظومات القانونية المنظمة لقضايا التجارة والأعمال مع المتطلبات والسياقات الوطنية والدولية، وتعزيز دور السياسات الجنائية في تحسين مناخ الأعمال؛ توفير الأمن الكامل للمستثمرين عن طريق توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار على الصعيد الوطني والجهوي والدولي؛

تطوير وتجويد وتحديث المنظومات القانونية وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية في مجال حماية الاستثمار، توظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال ، بما من شـأنه الإسهام في تعزيز شفافية الخدمات القضائية وتخليق منظومة قضاء الأعمال، وتحسين الحكامة والشفافية في إدارة الشركات، وإرساء مقومات العدالة الرقمية لمسايرة متطلبات مناخ الأعمال؛ مع ملاءمة وتوحيد القوانين التجارية الوطنية لتحقيق تكتل اقتصادي ناجح يؤدي إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية؛ وتحديث المنظومة القانونية المتعلقة بالأعمال والاستثمار بما يحقق الأمن القانوني ويعزز الثقة في الحماية القانونية التي توفرها الدول للمستثمرين؛ إضافة إلى تجويد القوانين المتعلقة بالأعمال والاستثمار تفاديا للتأويل والاختلاف في التفسير والتطبيق، وتوحيد وملاءمة القوانين الوطنية المتعلقة بقضايا التجارة والاستثمار مع السياقات الدولية الهادفة لتحسين مناخ الأعمال؛ وتعزيز دور الفاعلين الاقتصاديين في المبادرة التشريعية وفق مقاربة تشاركية، توازي بين ضرورات تعديل المنظومة القانونية للأعمال، واختصاص الجهات المكلفة بالتشريع، ووضع سياسة جنائية متكاملة، توازن من جهة بين الأسس القانونية المنظمة للاستثمار وبين انتظارات الفاعلين الاقتصاديين ، وتحقق من جهة أخرى، الملاءمة بين حماية النظام العام الاقتصادي وبين تشجيع المبادرة الفردية؛ مع مواصلة جهود تنزيل النصوص القانونية المرتبطة بمجال الأعمال، لاسيما تلك المتعلقة بإنشاء المقاولات وتشجيع الاستثمار وصعوبات المقاولة وتنفيذ العقود والضمانات المنقولة؛ وتطوير جيل جديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، المتعلقة بتنمية وحماية الاستثمارات، تراعي مستجدات المناخ العالمي للأعمال، وتقلبات وتطورات الاقتصاد الدولي".

 

أما  بخصوص محور دور القضاء في تحسين مناخ الأعمال  فقد تمت الدوة إلى "توحيد العمل القضائي والحد من تضاربه من أجل تحقيق الأمن القضائي في مجال الاستثمار؛ وجعل العدالة أهم مفتاح لتحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة؛ مع تطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها من خلال مقاربة شمولية مندمجة تتعامل مع الاستثمارفي مختلف جوانبه المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية والضريبية والجمركية وتستحضرالأبعاد الدولية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات".

كما دعت التوصيات إلى "تأهيل عناصر السلطة القضائية،  وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها بإرساء مقومات المحكمة الرقمية، وتحديث خدماتها، وتيسير انفتاحها على محيطها، والرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهلاتها؛ وإرساء قضاء مستقل كفء منفتح وقائم بذاته من خلال دعم استقلال السلطة القضائية؛ وتأسيس اجتهاد قضائي مبني على المبادئ الناظمة للأمن القضائي بما يحقق الثقة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين؛ وتشجيع الولوج إلى الوسائل البديلة لحل المنازعات المتعلقة بمجال الأعمال والاستثمار؛ كما تمت الدعوة إلى "تعزيز الثقة في العدالة الوطنية من خلال العمل على حسن تدبير الزمن القضائي وتصريف الملفات بطريقة فعالة؛

وضمان استقلال السلطة القضائية بما يحقق ثقة المستثمرين في القضاء باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون والمؤسسات والرافعة الأساسية للتنمية؛ وإحداث محاكم متخصصة في قضايا التجارة والاستثمار والعمل على تجاوز الإكراهات المرتبطة بصعوبة ولوج المقاولات الصغرى إلى القضاء المتخصص بسبب البعد الجغرافي أو تعقيد المساطر القضائية؛وتأهيل قضاة متخصصين في قضايا التجارة والاستثمار ، وإحداث مسالك دراسية في المجالات المرتبطة بقانون الأعمال؛ مع تعزيز قدرات المتدخلين في منظومة العدالة والرفع من مستوياتهم المعرفية عبر دورات تكوينية، وذلك ضمن رؤية استباقية تضمن الاطلاع الدقيق والمستمر على كل المستجدات في مجالات ذات البعد الاقتصادي والتجاري  والمحاسباتي  والشؤون المالية والتجارة الدولية؛ وتطوير مساطر التبليغ والتنفيذ وتبسيطها بشكل يمكن من حسن تدبير الزمن القضائي للبت في القضايا التجارية وذلك عبر تعديل القوانين ذات الصلة بالموضوع، يراعي من جهة الدينامية المتسرعة للاستثمار من جهة ثانية أنجع التجارب القانونية الدولية في هذا المجال؛

-كما تمت الدعوة إلى "اعتماد الآليات والسبل الكفيلة بتوحيد الاجتهاد القضائي والحد من تضاربه، عبر تطوير قواعد بيانات قرارات المحاكم العليا، تمكن القضاة وباقي منتسبي منظومة العدالة، من الولوج والإطلاع عليها والتعليق على مضامينها، بما يسمح بالرفع من جودة الأحكام والقرارات، ويحقق الأمن القضائي المنشود؛ وتثمين دور الوسائل البديلة لفض المنازعات إلى جانب القضاء الوطني، في حماية وتشجيع الاستثمار وتوفير بيئة اقتصادية تتسم بالثقة والاستقرار، وحفظ المراكز القانونية للمستثمر والدولة المضيفة للاستثمار ودعم حركية رؤوس الأموال.

وبخصوص محور توظيف تكنولوجيا المعلوميات، بالنظر إلى أهميته في التغلب على المعيقات التي تواجه تدبير منظومات العدالة في مختلف بلدان العالم، كانت الدعوة ملحة إلى "تطوير وتجويد وتحديث المنظومة القانونية وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال؛ والعمل على مسايرة الثورة الرقمية لحسن تدبير مرفق العدالة ومواكبة المتغيرات العالمية في مجال المال والأعمال، مع تسخير واستعمال تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات، لتحقيق عدالة حديثة ومتطورة مسايرة لحركية الاقتصاد المتسارع وتحقيق التحول الرقمي المنشود في مجال تدبير عمل المحاكم المهن القانونية والقضائية، وعصرنة عمل منظومات العدالة عبر تقوية البنيات التحتية التكنولوجية للمحاكم، وتوفير الأنظمة المعلوماتية المتطورة، خاصة المتعلقة بتدبير الملقاة والسجلات، وتوفير الخدمات الإلكترونية عن بعد، والأداء الالكتروني للمصاريف القضائية، كما دعا المشاركون إلى "وضع برمجيات ذكاء الأعمال رهن إشارة المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحاكم بما يمكنهم من الرصد المبكر والاستباقي للاختلالات، التي من شأنها تهديد استمرارية المقاولة، فضلا عن قياس نجاعة الأداء والتتبع اليومي لأداء المحاكم، والحصول على المؤشرات والنسب حول عملها؛ وعقلنة عمل المحاكم وترشيد تدبير الزمن القضائي وتحسين الولوج إلى العدالة والمعلومة القانونية والقضائية وذلك عبر الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي وآليات التحرير الالكتروني للوثائق والمحاضر ووضع تطبيقيات لتتبع الدعاوى والاطلاع على القرارات والأحكام القضائية".

كما دعا المؤتمرون إلى "استحضار متطلبات التحول الرقمي في إعداد القوانين الموضوعية والإجرائية ذات الصلة بمجال الأعمال مع استشراف إمكانية اعتماد لوغاريتمات

" logarithmes" العدالة التوقعية (justice prédictive) وتأثير ذلك على السلطة التقديرية للقاضي والمعطيات ذات الطابع الشخصي؛ واعتماد الحكامة الرقمية في تدبير عمل المحاكم عبر شفافية الخدمات والإجراءات القضائية والإدارية التي تتم بصفة الكترونية ، تحقيقا لمبتغى لامادية الإجراءات والمساطر، مع ضرورة انخراط كافة الفاعلين في مجال القضاء والقانون والأعمال في رهان إنجاح المحكمة الرقمية .

 

وبخصوص رهانات التكتلات الإقليمية، ودورها في تحقيق غايات التكامل والاندماج الاقتصادي والاجتماعي والقانوني في عالم اليوم، فقد كانت الدعوة صريحة من أجل "الحرص على ملاءمة وتوحيد القوانين التجارية الوطنية لتحقيق التكتل الاقتصادي الناجح ، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وملائمة الخصوصية القانونية الوطنية مع فرص الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وتعزيز جهود التعاون والتكامل الإقليمي الاقتصادي والاجتماعي والقانوني، وذلك عبر اقتراح سياسات واستراتيجيات لتقاسم الخبرات والتجارب بين الدول، وتيسير حرية تنقل الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال وتوسيع حجم الأسواق المشتركة، مع تثمين دور المعاهدات والاتفاقيات الدولية في تأطير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف داخل التكتلات الدولية والإقليمية، وذلك من جانب ضبط الأسس والمرتكزات القانونية ، وتحديد جهات تسوية النزاعات واختصاصها وتفادي إشكاليات تنازع القوانين الوطنية للدول الأعضاء.

-    تعزيز دور التكامل القانوني باعتباره حجر الزاوية لأي تكتل اقتصادي ناجح عبر تجاوز الاختلافات وخصوصيات القوانين والأنظمة القضائية الوطنية، ومميزات منظومات العدالة بها، وتحديث المنظومات القانونية الإقليمية ، عبر الانخراط في عمليات توحيد وملاءمة القوانين الوطنية مع القوانين النموذجية للتكتلات وتطوير منظومات العدالة بها بالشكل الذي يحقق الأمن القضائي والقانوني، ويعزز ثقة المستثمرين في الدول المستقبلة للاستثمار ، ويسهم في دعم وتشجيع مناخ الأعمال وتطوير قطاع خاص ناجح وقوي قادر على تسيير المبادلات التجارية بين البلدان، وتوحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار وتجاوز إشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال ، وذلك عبر إنشاء هيئات متخصصة في فض هذا النوع من النزاعات ، وتوحيد الضوابط والقواعد الموضوعية والإجرائية لعملها، مع تحديث المنظومة القانونية للأعمال على المستوى الإقليمي والدولي ، وذلك في أفق وضع قوانين دولية نموذجية للأعمال، مع التفكير في إصلاح نظام تسوية منازعات الاستثمار الراهن وفق توصيات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.